للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة الْفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ بِلَا مُهْلَةٍ]

(مَسْأَلَةٌ الْفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ بِلَا مُهْلَةٍ فَدَخَلَتْ فِي الْأَجْزِيَةِ) لِتَعَقُّبِهَا الشُّرُوطَ بِلَا مُهْلَةٍ (فَبَانَتْ غَيْرُ الْمَلْمُوسَةِ) أَيْ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا (بِوَا حِدَةٍ فِي طَالِقٌ فَطَالِقٌ) لِانْتِفَاءِ كَوْنِهَا مَحَلًّا لِلثَّانِيَةِ (وَ) دَخَلَتْ فِي (الْمَعْلُولَاتِ) لِأَنَّ الْمَعْلُولَ يَتَعَقَّبُ عِلَّتَهُ بِلَا تَرَاخٍ (كَجَاءَ الشِّتَاءُ فَتَأَهَّبَ عَلَى التَّجَوُّزِ بِجَاءٍ عَنْ قُرْبٍ فَإِنَّ قُرْبَهُ عِلَّةُ التَّأَهُّبِ لَهُ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) «لَنْ يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (لِأَنَّ الْعِتْقَ مَعْلُولُ مَعْلُولِهِ) أَيْ الشِّرَاءِ وَهُوَ الْمِلْكُ فَإِنَّ الْمِلْكَ مَعْلُولُ الشِّرَاءِ وَالْعِتْقَ مَعْلُولُ مِلْكِ الْوَلَدِ فَصَحَّتْ إضَافَةُ الْعِتْقِ إلَى الشِّرَاءِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ (فَيَعْتِقُ بِسَبَبِ شِرَائِهِ فَلَيْسَ) هَذَا الْحَدِيثُ (مِنْ اتِّحَادِ الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ فِي الْوُجُودِ وَلَا نَحْوُ سَقَاهُ فَأَرْوَاهُ) مِنْهُ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ لِأَنَّ الْإِرْوَاءَ غَرَضُهُ لَا فِعْلُهُ (فَلِذَلِكَ) أَيْ لِكَوْنِهَا لِلتَّرْتِيبِ عَلَى سَبِيلِ التَّعَقُّبِ (تَضْمَنُ الْقَبُولَ) لِلْبَيْعِ (قَوْلُهُ فَهُوَ حُرٌّ جَوَابُ بِعْتُكَهُ بِأَلْفٍ) حَتَّى صَحَّ عِتْقُهُ لِأَنَّ تَرَتُّبَ الْعِتْقِ عَلَى مَا قَبْلَهُ لَا يُمْكِنُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ بِالْقَبُولِ فَيَثْبُتُ اقْتِضَاءً وَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ قَبِلْت فَهُوَ حُرٌّ (لَا هُوَ حُرٌّ بَلْ هُوَ رَدٌّ لِلْإِيجَابِ) وَإِنْكَارٌ عَلَى الْمُوجِبِ بِالْإِخْبَارِ عَنْ حُرِّيَّتِهِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْإِيجَابِ حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ: أَتَبِيعُهُ وَهُوَ حُرٌّ أَوْ هُوَ حُرٌّ فَكَيْفَ تَبِيعُهُ (وَضَمِنَ الْخَيَّاطُ) ثَوْبًا (قَالَ لَهُ) مَالِكُهُ (أَيَكْفِينِي) قَمِيصًا

(قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَاقْطَعْهُ فَقَطَعَهُ فَلَمْ يَكْفِهِ) لِأَنَّهُ كَانَ كَفَانِي قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ وَلَوْ قَالَهُ فَقَطَعَ فَلَمْ يَكْفِهِ ضَمِنَ فَكَذَا هَذَا (لَا فِي اقْطَعْهُ فَلَمْ يَكْفِهِ) إذَا قَطَعَهُ فَلَمْ يَكْفِهِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ مُطْلَقًا (وَتَدْخُلُ) الْفَاءُ (الْعِلَلَ) وَإِنْ كَانَ (خِلَافَ الْأَصْلِ) لِأَنَّ تَعَقُّبَ الْعِلَّةِ حُكْمُهَا مُسْتَحِيلٌ دُخُولًا (كَثِيرًا لِدَوَامِهَا) أَيْ لِكَوْنِ تِلْكَ الْعِلَّةِ مَوْجُودَةً بَعْدَ وُجُودِ الْمَعْلُولِ (فَتَتَأَخَّرُ) الْعِلَّةُ عَنْ الْمَعْلُولِ (فِي الْبَقَاءِ) فَتَدْخُلُ الْفَاءُ عَلَيْهَا نَظَرًا إلَى هَذَا الْمَعْنَى (أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا) أَيْ الْعِلَّةَ عِلَّةٌ فِي الذِّهْنِ لِلْمَعْلُولِ (مَعْلُولَةٌ فِي الْخَارِجِ لِلْمَعْلُولِ وَمِنْ الْأَوَّلِ) أَيْ دُخُولِهَا عَلَى الْعِلَّةِ الْمُتَأَخِّرَةِ فِي الْبَقَاءِ (لَا الثَّانِي) أَيْ لَا مِنْ دُخُولِهَا عَلَى الْمَعْلُولَةِ فِي الْخَارِجِ مَا يُقَالُ لِمَنْ هُوَ فِي شِدَّةٍ (أَبْشِرْ) أَيْ صِرْ ذَا فَرَحٍ وَسُرُورٍ فَهُوَ هُنَا لَازِمٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا (فَقَدْ أَتَاك الْغَوْثُ) أَيْ الْمُغِيثُ فَإِنَّهُ بَاقٍ بَعْدَ الْإِبْشَارِ كَذَا قَالُوا وَفِيهِ تَأَمُّلٌ (وَمِنْهُ) أَيْ دُخُولِهَا عَلَى الْعِلَّةِ الْمُتَأَخِّرَةِ فِي الْبَقَاءِ أَيْضًا (أَدِّ) إلَيَّ أَلْفًا (فَأَنْتَ حُرٌّ) لِأَنَّ الْعِتْقَ يَمْتَدُّ فَأَشْبَهَ الْمُتَرَاخِيَ عَنْ الْحُكْمِ وَهُوَ الْأَدَاءُ (وَانْزِلْ فَأَنْتَ آمِنٌ) لِأَنَّ الْأَمَانَ يَمْتَدُّ فَأَشْبَهَ الْمُتَرَاخِيَ عَنْ الْحُكْمِ وَهُوَ النُّزُولُ (وَتَعَذَّرَ الْقَلْبُ) وَهُوَ كَوْنُهُ دَاخِلًا عَلَى الْمَعْلُولِ وَهُوَ الْأَدَاءُ وَالنُّزُولُ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْقَلْبَ (بِكَوْنِهِ جَوَابَ الْأَمْرِ وَجَوَابَهُ) أَيْ الْأَمْرِ (يَخُصُّ الْمُضَارِعَ) لِأَنَّ الْأَمْرَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْجَوَابَ بِتَقْدِيرِ أَنْ وَهِيَ إنْ كَانَتْ تَجْعَلُ كُلًّا مِنْ الْمَاضِي وَالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ بِمَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّمَا ذَاكَ إذَا كَانَتْ مَلْفُوظَةً كَمَا فِي إنْ تَأْتِنِي أَكْرَمْتُك أَوْ فَأَنْتَ مُكْرَمٌ لَا إذَا كَانَتْ مُقَدَّرَةً فَلَا يَجُوزُ ائْتِنِي أَكْرَمْتُك أَوْ فَأَنْتَ مُكْرَمٌ (فَيَعْتِقُ) فِي الْحَالِ أَدَّى أَوْ لَمْ يُؤَدِّ لِأَنَّ الْمَعْنَى لِأَنَّك حُرٌّ

(وَيَثْبُتُ الْأَمَانُ فِي الْحَالِ) نَزَلَ أَوْ لَمْ يَنْزِلْ لِأَنَّ الْمَعْنَى لِأَنَّك آمِنٌ (وَمِنْ الثَّانِي) أَيْ دُخُولِهَا عَلَى الْعِلَّةِ الْمَعْلُولُ فِي الْخَارِجِ مَا أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ فِي حَقِّ الشُّهَدَاءِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «زَمِّلُوهُمْ الْحَدِيثَ أَيْ بِدِمَائِهِمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَلْمٌ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلَّا يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمَى لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْكِ» فَإِنَّ الْإِتْيَانَ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِلَّةُ تَزْمِيلِهِمْ أَيْ تَكْسِيَتِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَهُوَ مَعْلُولُ التَّزْمِيلِ فِي الْخَارِجِ (وَاخْتَلَفُوا فِي عَطْفِهَا) أَيْ الْفَاءِ (لِطَلْقَاتٍ مُعَلَّقَةٍ) فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ فَطَالِقٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَغَيْرُهُ (قِيلَ كَالْوَاوِ) أَيْ هُوَ عَلَى الْخِلَافِ فَعِنْدَهُ تَبِينُ بِوَاحِدَةٍ وَيَسْقُطُ مَا بَعْدَهَا وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ الثَّلَاثُ قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ وَالْكَرْخِيُّ (وَالْأَصَحُّ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِلتَّعْقِيبِ) فَصَارَتْ كَثُمَّ وَبَعْدَ وَمِمَّنْ اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ

(وَتُسْتَعَارُ) الْفَاءُ (لِمَعْنَى الْوَاوِ فِي لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ) إذْ التَّرْتِيبُ فِي الْأَعْيَانِ لَا يُتَصَوَّرُ فَلَا يُقَالُ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَعَمْرٌو فَبَكْرٌ لِأَنَّ الْمُجْتَمَعِينَ فِي الدَّارِ لَا تَرْتِيبَ فِيهِمْ حَالَ الِاجْتِمَاعِ قِيلَ وَيَكُونُ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ لِأَنَّ مَفْهُومَ الْوَاوِ جُزْءُ مَفْهُومِ الْفَاءِ ثُمَّ قَدْ سَمِعْت هَذِهِ الِاسْتِعَارَةَ قَالَ

بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>