للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِكُلٍّ إلَى نَيْلِ الْعُلَى حَرَكَاتٌ ... وَلَكِنْ عَزِيزٌ فِي الرِّجَالِ ثَبَاتٌ

وَفِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ لِتَرَاخِي الْإِيمَانِ وَتَبَاعُدِهِ فِي الرُّتْبَةِ وَالْفَضِيلَةِ عَنْ الْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ لَا فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ السَّابِقُ الْمُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا يَثْبُتُ عَمَلٌ صَالِحٌ إلَّا بِهِ وَمَشَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى أَنَّهَا فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ بِمَعْنَى الْوَاوِ.

[مَسْأَلَة تُسْتَعَارُ ثُمَّ لِمَعْنَى الْوَاوِ]

(مَسْأَلَةٌ تُسْتَعَارُ) ثُمَّ (لِمَعْنَى الْوَاوِ) قَالُوا: لِلْمُجَاوِرَةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} [يونس: ٤٦] أَيْ وَاَللَّهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَقِيقَتُهُ لِأَنَّهَا تُؤَدِّي إلَى أَنْ يَكُونَ شَهِيدًا بَعْدَ إنْ لَمْ يَكُنْ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْحَوَادِثِ (إنْ لَمْ يَكُنْ مَجَازًا عَنْ مُعَاقِبٍ فِي مَقَامِ التَّهْدِيدِ) أَيْ ثُمَّ اللَّهُ مُعَاقِبٌ لَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ أَوْ مُرَادًا بِهِ أَنَّهُ تَعَالَى مُؤَدٍّ شَهَادَاتِهِ عَلَى أَفْعَالِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ تَنْطِقُ جُلُودُهُمْ وَأَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِذَلِكَ فَتَكُونُ ثُمَّ عَلَى مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيِّ (فَفِي) قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلِيَأْتِ بِاَلَّذِي هُوَ خَيْرٌ ثُمَّ لِيُكَفِّر عَنْ يَمِينِهِ» أَخْرَجَهُ السَّرَقُسْطِيُّ فِي الدَّلَائِلِ (حَقِيقَةٌ وَمَجَازٌ عَنْ الْجَمْعِ) الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْوَاوِ (فِي فَلْيُكَفِّرْ ثُمَّ لِيَأْتِ) وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مُخَرَّجًا وَإِنَّمَا الَّذِي وَقَفْت عَلَيْهِ مُخَرَّجًا مَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ «إذَا حَلَفْت عَلَى يَمِينٍ فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» وَبِهِ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ أَيْضًا (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَحْمِلْ ثُمَّ عَلَى الْوَاوِ فِي هَذَا (كَانَ الْأَمْرُ لِلْإِبَاحَةِ) إذْ لَا قَائِلَ بِوُجُوبِ التَّكْفِيرِ قَبْلَ الْحِنْثِ (وَالْمُطْلَقُ) أَيْ التَّكْفِيرُ (لِلْمُقَيَّدِ) أَيْ مَا سِوَى الصَّوْمِ مِنْهُ مِنْ الْأَطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَالتَّحْرِيرِ (فَيَتَحَقَّقُ مَجَازَانِ) كَوْنُ الْأَمْرِ لِلْإِبَاحَةِ وَالْمُطْلَقِ لِلْمُقَيَّدِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ (وَعَلَى قَوْلِنَا) مَجَازٌ (وَاحِدٌ) وَهُوَ كَوْنُ ثُمَّ بِمَعْنَى الْوَاوِ ضَرُورَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَلَا شَكَّ فِي أَوْلَوِيَّتِهِ.

[مَسْأَلَة بَلْ قَبْلَ مُفْرَدٍ لِلْإِضْرَابِ]

(مَسْأَلَةٌ بَلْ قَبْلَ مُفْرَدٍ لِلْإِضْرَابِ فَبَعْدَ الْأَمْرِ كَاضْرِبْ زَيْدًا بَلْ بَكْرًا وَالْإِثْبَاتُ قَامَ زَيْدٌ بَلْ بَكْرٌ لِإِثْبَاتِهِ) أَيْ الْحُكْمِ الَّذِي قَبْلَهَا (لِمَا بَعْدَهَا) وَهُوَ بَكْرٌ فِي هَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ (وَجَعَلَ الْأَوَّلَ) وَهُوَ زَيْدٌ فِيهِمَا (كَالْمَسْكُوتِ فَهُوَ) أَيْ الْأَوَّلُ (عَلَى الِاحْتِمَالِ) أَيْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَطْلُوبًا وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَطْلُوبٍ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ مُخْبَرًا بِقِيَامِهِ وَغَيْرَ مُخْبَرٍ بِهِ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي هَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ مَعَ لَا (وَمَعَ لَا) نَحْوُ جَاءَ زَيْدٌ لَا بَلْ عَمْرٌو (يَنُصُّ عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ الْأَوَّلِ فَيُفِيدُ عَدَمَ مَجِيءِ زَيْدٍ قَطْعًا (وَهُوَ) أَيْ بَلْ (فِي كَلَامِ غَيْرِهِ تَعَالَى تَدَارُكٌ أَيْ كَوْنُ الْإِخْبَارِ الْأَوَّلِ أَوْلَى مِنْهُ) أَيْ الْأَوَّلِ (الثَّانِي فَيُعْرِضُ عَنْهُ) أَيْ الْأَوَّلِ (إلَيْهِ) أَيْ الثَّانِي (لَا إبْطَالُهُ) أَيْ الْأَوَّلِ وَإِثْبَاتُ الثَّانِي تَدَارُكًا لِمَا وَقَعَ أَوَّلًا مِنْ الْغَلَطِ (كَمَا قِيلَ: وَيُعَدُّ النَّهْيُ) كَلَا تَضْرِبْ زَيْدًا بَلْ عَمْرًا (وَالنَّفْيُ) كَمَا قَامَ زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو (لِإِثْبَاتِ ضِدِّهِ) أَيْ حُكْمِ الْأَوَّلِ لِمَا بَعْدَهَا (وَتَقْرِيرُ الْأَوَّلِ) فَفِي الْأَوَّلِ قَرَّرْت النَّهْيَ عَنْ ضَرْبِ زَيْدٍ وَأَثْبَتُّ الْأَمْرَ بِضَرْبِ عَمْرٍو وَفِي الثَّانِي قَرَّرْت نَفْيَ الْقِيَامِ لِزَيْدٍ وَأَثْبَتُهُ لِعَمْرٍو (وَعَبْدُ الْقَاهِرِ) الْجُرْجَانِيُّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْكَشْفِ أَوْ ابْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ابْنُ أُخْتِ الْفَارِسِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ النَّحْوِيِّينَ وَلَعَلَّهُ عَنْ كِلَيْهِمَا وِفَاقًا لِلْمُبَرِّدِ عَلَى أَنَّهَا كَذَلِكَ لَكِنْ (يُحْتَمَلُ نَقْلُ النَّهْيِ وَالنَّفْيِ إلَيْهِ) أَيْ الثَّانِي قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِاسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ (فَقَوْلُ زُفَرَ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ فِي لَهُ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إفَادَةِ إبْطَالِ الْأَوَّلِ وَإِنْ قِيلَ بِهِ) أَيْ بِإِبْطَالِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (بَلْ يَكْفِي) فِي لُزُومِ الثَّلَاثَةِ (كَوْنُهُ) أَيْ الْمُقِرِّ أَعْرَضَ عَنْ الْإِقْرَارِ بِدِرْهَمٍ (كَالسَّاكِتِ عَنْهُ) أَيْ الْإِقْرَارِ بِهِ (بَعْدَ إقْرَارِهِ فِي رَدِّهِ) أَيْ كَالْمَلْفُوظِ فِي بَلْ لَهُ دِرْهَمَانِ (كَالْإِنْشَاءِ) نَحْوُ قَوْلِهِ لِلْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ (طَالِقٌ وَاحِدَةً بَلْ ثِنْتَيْنِ يَقَعُ ثَلَاثٌ وَفِي غَيْرِ الْمَدْخُولَةِ وَاحِدَةٌ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ بِخِلَافِ تَعْلِيقِهِ) كَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولَةِ (بِقَوْلِهِ إنْ دَخَلْت فَطَالِقٌ وَاحِدَةً بَلْ ثِنْتَيْنِ يَقَعُ عِنْدَ الشَّرْطِ ثَلَاثٌ لِأَنَّهُ) أَيْ كَالْمَلْفُوظِ (كَتَقْدِيرِ شَرْطٍ آخَرَ) مُمَاثِلٍ لِلْمَذْكُورِ حَتَّى يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ التَّصْرِيحِ بِتَكْرِيرِ الشَّرْطِ مِثْلُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي هَذَا يَقَعُ الثَّلَاثُ بِالدُّخُولِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَكَذَا فِي ذَاكَ (لَا حَقِيقَتِهِ) أَيْ الشَّرْطِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ (إذْ لَا مُوجِبَ) لِاعْتِبَارِ شَرْطٍ آخَرَ

(وَتَحْمِيلُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>