للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَدَاءِ الصَّلَاةِ مَعَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إذَا انْتَبَهَ بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ كَمَا لَوْ كَانَ النَّائِمُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ بِأَنْ كَانَ صَبِيًّا - فَانْتَبِهْ - بَالِغًا لِانْتِفَاءِ شَرْطِ الْوُجُوبِ فِي حَقِّهِ وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ فَهْمِ الْخِطَابِ ثُمَّ إنَّ الْخِطَابَ الَّذِي نَحْنُ بِصَدَدِهِ إنَّمَا هُوَ الْخِطَابُ بِتَنْجِيزِ التَّكْلِيفِ وَالْخِطَابُ بِالْمَعْدُومِ بِمَعْنَى التَّعَلُّقِ الْمَعْنَوِيِّ وَهُوَ كَوْنُ الْمَعْدُومِ مَأْمُورًا وَمُكَلَّفًا عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا الْخِطَابِ بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْبَالِغِ وَالْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ وَالنَّائِمِ وَالْمُسْتَيْقِظِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ التَّعَجُّبُ اهـ لَكِنَّ كَوْنَ الصَّبِيِّ إذَا اسْتَيْقَظَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ بَالِغًا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَنَقَلَهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (وَكَذَا صِحَّةُ صَوْمِ الْمُسَافِرِ عَنْ الْفَرْضِ فَرْعُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُسَافِرِ لِعَدَمِ جَوَازِ التَّعْجِيلِ قَبْلَ الْوُجُوبِ (وَعَدَمُ إثْمِهِ) أَيْ الْمُسَافِرِ (لَوْ مَاتَ بِلَا أَدَاءً فِي سَفَرِهِ) دَلِيلُ عَدَمِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ عَلَيْهِ وَكَأَنَّهُ حَذَفَهُ لِإِرْشَادِ مَا قَبْلَهُ إلَيْهِ (وَصَرَّحُوا) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ (بِأَنْ لَا طَلَبَ فِي أَصْلِ الْوُجُوبِ بَلْ هُوَ) أَيْ أَصْلُ الْوُجُوبِ (مُجَرَّدُ اعْتِبَارٍ مِنْ الشَّارِعِ أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ (جَبْرًا لِفِعْلٍ كَالشُّغْلِ بِالدَّيْنِ وَهُوَ) أَيْ الدَّيْنُ (فِعْلٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَهُوَ تَمْلِيكُ الْمَالِ أَوْ تَسْلِيمُهُ، أَلَا يُرَى أَنَّهُ يُوصَفُ بِالْوُجُوبِ وَالْوُجُوبُ صِفَةُ الْأَفْعَالِ لَا الْأَعْيَانِ وَأَوْرَدَ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ أَوْفَى فُلَانٌ الدَّيْنَ صَحِيحٌ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ فِعْلًا لَكَانَ الْمَعْنَى أَوْفَى الْإِيفَاءَ وَإِنَّ الْمَالَ يُوصَفُ بِالْوُجُوبِ أَيْضًا كَمَا فِي عَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَاجِبَةٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَأُجِيبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْإِيفَاءَ هُوَ الْأَدَاءُ، وَالْفِعْلُ يُوصَفُ بِهِ وَبِالْقَضَاءِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَيَّنَ الْفِعْلَ فَيُقَالُ أَدَّى الصَّلَاةَ وَقَضَاهَا أَيْ فَعَلَ هَذَا الْفِعْلَ وَأَتَى بِهِ فَكَذَا هُنَا مَعْنَى أَوْفَى الدَّيْنَ أَتَى بِهَذَا الْفِعْلِ وَهُوَ تَمْلِيكُ الْمَالِ أَوْ تَسْلِيمُهُ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْمَالَ يُوصَفُ بِهِ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَحَلُّ الْوُجُوبِ كَالْمَوْهُوبِ يُسَمَّى هِبَةً، أَلَا يُرَى أَنَّ الْمَالَ الْمُجَرَّدَ عَنْ الْفِعْلِ لَا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِالْوُجُوبِ فَلَا يُقَالُ جِدَارٌ وَاجِبٍ كَمَا يَصِحُّ وَصْفُ الْفِعْلِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْمَالِ كَالصَّلَاةِ فَعُلِمَ أَنَّ الْوُجُوبَ حَقِيقَةٌ مِنْ خَصَائِصِ الْفِعْلِ. (وَقَدْ يَشْكُلُ الْمَذْهَبَانِ) أَيْ مَذْهَبَا الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (بِأَنَّ الْفِعْلَ بِلَا طَلَبٍ كَيْفَ يَسْقُطُ الْوَاجِبُ وَهُوَ) أَيْ الْوَاجِبُ إنَّمَا يَكُونُ وَاجِبًا (بِالطَّلَبِ، وَالسُّقُوطُ) إنَّمَا يَكُونُ (بِتَقَدُّمِهِ) أَيْ الطَّلَبِ أَيْضًا. (وَقَصْدُ الِامْتِثَالِ) إنَّمَا يَكُونُ (بِالْعِلْمِ بِهِ) أَيْ بِالطَّلَبِ وَهُوَ يَقْتَضِي سَبْقَ الْوُجُوبِ (وَالشَّافِعِيَّةُ إنْ أَرَادُوهُ) أَيْ أَرَادُوا بِنَفْسِ الْوُجُوبِ مَا أَرَادَ الْحَنَفِيَّةُ (فَكَذَلِكَ) أَيْ وَرَدَ عَلَيْهِمْ مَا وَرَدَ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ إسْقَاطٌ قَبْلَ الطَّلَبِ (وَإِنْ دَخَلَهُ طَلَبٌ قُلْنَا لَا يَعْقِلُ طَلَبُ فِعْلٍ بِلَا أَدَائِهِ وَقَضَائِهِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْفِعْلَ (إمَّا مُطْلَقٌ عَنْ الْوَقْتِ وَهُوَ) أَيْ الْمُطْلَقُ عَنْهُ (مَطْلُوبُ الْأَدَاءِ فِي الْعُمُرِ أَوْ مُقَيَّدٌ بِهِ) أَيْ الْوَقْتِ (فَهُوَ مَطْلُوبُ الْأَدَاءِ فِيهِ) أَيْ فِي وَقْتِهِ (مُخَيَّرًا فِي الْإِجْزَاءِ وَهُوَ الْمُوسِعُ ثُمَّ) مَطْلُوبُ الْأَدَاءِ فِيهِ (مُضِيفًا) عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ (وَقَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ يَتَضَيَّقُ) الْوُجُوبُ (عِنْدَ الشُّرُوعِ وَتَتَقَرَّرُ السَّبَبِيَّةُ لِلَّذِي يَلِيهِ) الشُّرُوعُ (يَلْزَمُهُ كَوْنُ الْمُسَبَّبِ هُوَ الْمُعَرَّفُ لِلسَّبَبِ وَهُوَ) أَيْ كَوْنُ الْمُسَبَّبِ هُوَ الْمُعَرَّفُ لِلسَّبَبِ (عَكْسُ وَضْعِهِ) أَيْ الْمُسَبَّبِ (وَ) عَكْسُ (وَضْعِ الْعَلَامَةِ) فَإِنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمُعَرَّفُ لِلْمُسَبَّبِ وَالْعَلَامَةُ هِيَ الْمَعْرِفَةُ لِمَا هِيَ عَلَامَةٌ لَهُ (وَمُفَوِّتًا) وَالظَّاهِرُ وَمُفَوِّتٍ (لِمَقْصُودِهَا) أَيْ الْعَلَامَةِ وَهِيَ التَّعْرِيفُ بِمَا هِيَ عَلَامَةٌ لَهُ عَطْفٌ عَلَى عَكْسٍ (وَبِهِ) أَيْ بِكَوْنِ الْمُسَبَّبِ هُنَا هُوَ الْمُعَرَّفُ لِلسَّبَبِ (يَصِيرُ) هَذَا الْقَوْلُ (أَبْعَدَ مِنْ الْمَذْهَبِ الْمَرْذُولِ أَنَّ التَّكْلِيفَ مَعَ الْفِعْلِ لِقَوْلِهِمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (إنَّ الطَّلَبَ لَمْ يَسْبِقْهُ) أَيْ الْفِعْلَ (إذْ لَا طَلَبَ فِي أَصْلِ الْوُجُوبِ كَمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ) أَيْ أَصْلُ الْوُجُوبِ (السَّابِقِ) عَلَى الْفِعْلِ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْ يَلْزَمُ الْحَنَفِيَّةَ أَنَّ التَّكْلِيفَ بِالْفِعْلِ مَعَ الشُّرُوعِ فِيهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الَّذِي تَقَدَّمَ تَزْيِيفُهُ وَبُطْلَانُهُ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا الثَّابِتُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ أَصْلُ الْوُجُوبِ وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا طَلَبَ عَنْهُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَا يَتَضَيَّقُ بِآخِرِ الْوَقْتِ لَيْسَ ذَاكَ بَلْ وُجُوبُ الْأَدَاءِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ قَبْلَ ذَلِكَ طَلَبٌ فَيَلْزَمُ كَوْنُ الْمُتَعَلِّقِ وَالْمُتَضَيِّقِ عِنْدَ الشُّرُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>