للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّفْلِ عَنْ رَمَضَانَ) إذْ لَا تَرَخُّصَ بِهَذِهِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ لَيْسَتْ إلَّا الثَّوَابَ وَهُوَ فِي الْفَرْضِ أَكْثَرُ فَكَانَ هَذَا مَيْلًا إلَى الْأَثْقَلِ فَيَلْغُو وَصْفُ النَّفْلِيَّةِ وَيَبْقَى مُطْلَقُ الصَّوْمِ فَيَقَعُ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ (وَهُوَ رِوَايَةٌ) لِابْنِ سِمَاعَةَ (عَنْهُ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي الْكَشْفِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَفِي الْأَجْنَاسِ وَلَوْ صَامَهُ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ حَالَ سَفَرِهِ فِي رَمَضَانَ فِي الْمُجَرَّدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَكُونُ عَنْ صَوْمِ رَمَضَانَ، وَفِي نَوَادِرِ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَةٌ عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ يَكُونُ عَنْ التَّطَوُّعِ، وَفِي مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ التَّطَوُّعِ (وَلِأَنَّ انْتِفَاءَ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ فَرْضِ الْوَقْتِ لَيْسَ حُكْمَ الْوُجُوبِ فَإِنَّ الْوُجُوبَ مَوْجُودٌ فِي الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ بَلْ هُوَ (حُكْمُ التَّعْيِينِ) أَيْ تَعْيِينِ هَذَا الزَّمَانِ لِأَدَاءِ الْفَرْضِ.

(وَلَا تَعْيِينَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَدَاءِ وَالتَّأْخِيرِ فَصَارَ هَذَا الْوَقْتُ فِي حَقِّهِ (كَشَعْبَانَ فَيَصِحُّ نَفْلُهُ) وَوَاجِبٌ آخَرُ عَلَيْهِ كَمَا يَصِحَّانِ فِي شَعْبَانَ (وَهُوَ رِوَايَةٌ) لِلْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا التَّوْجِيهُ (مَغْلَطَةٌ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ (لَيْسَ تَعْيِينَ الْوَقْتِ لِيَنْدَرِجَ) التَّعْيِينُ عَلَيْهِ (فِيهِ) أَيْ فِي تَعْيِينِ الْوَقْتِ (وَيَنْتَفِي) التَّعْيِينُ عَلَيْهِ (بِانْتِفَائِهِ) أَيْ الْوَقْتِ (بَلْ مَعْنَاهُ) أَيْ التَّعْيِينِ عَلَيْهِ (إلْزَامُهُ) أَيْ الْمُكَلَّفِ (صَوْمَ الْوَقْتِ وَعَدَمَهُ) أَيْ إلْزَامُهُ صَوْمَ الْوَقْتِ (يَصْدُقُ بِتَجْوِيزِ الْفِطْرِ وَتَعْيِينُ الْوَقْتِ أَنْ لَا يَصِحَّ فِيهِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ (صَوْمٌ آخَرُ فَجَازَ اجْتِمَاعُ عَدَمِ التَّعْيِينِ عَلَيْهِ بِتَجْوِيزِ الْفِطْرِ مَعَ تَعْيِينِ الْوَقْتِ بِأَنْ لَا يَصِحَّ فِيهِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ (صَوْمٌ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ فَرْضِ الْوَقْتِ (لَوْ صَامَهُ) أَيْ لَوْ نَوَى صِيَامَ غَيْرِهِ.

(فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ نَفْيِ التَّعْيِينِ عَلَيْهِ نَفْيُ تَعْيِينِ الْوَقْتِ وَحُقِّقَ فِي الْمَرِيضِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ أَنْ يَضُرَّهُ) الصَّوْمُ كَكَوْنِ مَرَضِهِ حُمَّى مُطْبَقَةً أَوْ وَجَعَ الرَّأْسِ أَوْ الْعَيْنِ (فَتَعَلُّقُ الرُّخْصَةِ) بِتَرْكِ صَوْمِ فَرْضِ الْوَقْتِ فِي حَقِّهِ (بِخَوْفِ الزِّيَادَةِ) لِلْمَرَضِ (فَكَالْمُسَافِرِ) أَيْ فَهَذَا الْمَرِيضُ كَالْمُسَافِرِ فِي تَعَلُّقِ الرُّخْصَةِ فِي حَقِّهِ بِعَجْزٍ مُقَدَّرٍ لَا بِحَقِيقَةِ الْعَجْزِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَأَكْثَرُ مَشَايِخِ بُخَارَى مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا نَوَى وَاجِبًا آخَرَ أَوْ النَّفَلَ يَقَعُ عَمَّا نَوَاهُ كَمَا هُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (وَ) بَيَّنَ (أَنْ لَا) يَضُرَّهُ الصَّوْمُ (كَفَسَادِ الْهَضْمِ) وَالْأَمْرَاضِ الرُّطُوبِيَّةِ (فَبِحَقِيقَتِهَا) أَيْ فَتَعَلُّقُ الرُّخْصَةِ بِحَقِيقَةِ الْمَشَقَّةِ الَّتِي هِيَ الْعَجْزُ (فَيَقَعُ) مَا نَوَاهُ هَذَا الْمَرِيضُ مِنْ الْغَيْرِ (عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ) إذَا لَمْ يَهْلِكْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَاجِزًا فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ التَّرْخِيصُ فَكَانَ كَالصَّحِيحِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَالسَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ بِدَلِيلِ قَوْلِ السَّرَخْسِيِّ.

وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ الْجَوَابَ فِي الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ سَوَاءٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهَذَا سَهْوٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ وَمُرَادُهُ مَرِيضٌ يُطِيقُ وَيُخَافُ مِنْهُ ازْدِيَادُ الْمَرَضِ اهـ وَالْقَائِمُ بِهَذَا التَّحْقِيقِ صَاحِبُ الْكَشْفِ قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وَعِنْدَ التَّحْقِيقِ يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا تَحْقِيقٌ يَحْصُلُ بِهِ التَّوْفِيقُ بَيْنَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ كُلُّ فَرِيقٍ فَإِنَّ إجْمَاعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِإِجْمَاعِهِ عَلَى أَنَّ الْمَرَضَ الْمُبِيحَ لِلْفِطْرِ الْمَرَضُ الَّذِي يَضُرُّ بِسَبَبِهِ الصَّوْمُ صَاحِبَهُ عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ وَأَدْنَاهُ الِازْدِيَادُ أَوْ الِامْتِدَادُ وَأَعْلَاهُ الْهَلَاكُ وَأَصْحَابُنَا قَاطِبَةً عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَنَاطُ فَالْمَرَضُ الَّذِي لَا يَضُرُّ بِسَبَبِهِ الصَّوْمُ صَاحِبَهُ غَيْرُ مُبِيحٍ لِصَاحِبِهِ التَّرْخِيصَ بِالْفِطْرِ إجْمَاعًا فَلَا يَتَفَرَّعُ عَلَى صِيَامِ صَاحِبِهِ بِنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ أَوْ النَّفْلِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ وُقُوعِهِ عَنْ رَمَضَانَ أَوْ عَمَّا نَوَى بَلْ يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَى صِيَامِ الصَّحِيحِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ مَنْ بِهِ هَذَا الْمَرَضُ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّوْمِ وَالْمَرَضُ الَّذِي يَضُرُّ بِسَبَبِهِ الصَّوْمُ صَاحِبَهُ مُبِيحٌ وَهَذَا مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَتَفَرَّعَ عَلَى صِيَامِهِ بِنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ أَوْ النَّفْلِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ وُقُوعِهِ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ أَوْ عَمَّا نَوَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَنَاطَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ أَصْلًا وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَوْ وُجُودُ اشْتِدَادٍ أَوْ امْتِدَادٍ فِيهِ وَقَدْ تَحَقَّقَ وَتَحَمَّلَ صَاحِبُهُ ذَلِكَ لِغَرَضٍ لَهُ فِيهِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمَنَاطُ دُونَ الْأَوَّلِ.

فَمَا رَوَاهُ الْحَسَنُ حَسَنٌ وَمِنْ ثَمَّةَ مَشَى عَلَيْهِ كَثِيرٌ كَخُوَاهَرْ زَادَهْ وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَقَاضِي خَانْ والْوَلْوَالِجِيّ وَأَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُؤَوَّلَ قَوْلُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>