للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرْطًا لَهُ (عَادَةً كَغَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ) كَغَسْلِ الْوَجْهِ (أَوْ) مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ شَرْطًا لَهُ (شَرْعًا) كَالْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ.

(فَالْحَنَفِيَّةُ وَالْأَكْثَرُ وَاجِبٌ بِهِ) أَيْ بِالْإِيجَابِ لِذَلِكَ الْوَاجِبِ (وَقِيلَ فِي الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ وَاخْتَارَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَصَاحِبُ الْبَدِيعِ أَنَّ الْمَقْدُورَ لِلْمُكَلَّفِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ شَرْطٌ شَرْعِيٌّ لَهُ يَجِبُ بِوُجُوبِهِ وَإِلَّا فَلَا (وَقِيلَ) مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ لَا يَجِبُ بِوُجُوبِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَقْدُورًا لِلْمُكَلَّفِ أَوْ لَا (لَا فِي الشَّرْطِ وَغَيْرِهِ فَيُخْطِئَانِ) أَيْ هَذَانِ الْقَوْلَانِ (لِلِاتِّفَاقِ عَلَى الْأَسْبَابِ) أَيْ عَلَى أَنَّ إيجَابَ الْمُسَبَّبِ إيجَابٌ لِتَحْصِيلِ سَبَبِهِ الْمُسْتَلْزِمِ لَهُ (إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّعَلُّقُ) لِلْإِيجَابِ إنَّمَا هُوَ (بِهَا) أَيْ بِالْأَسْبَابِ ابْتِدَاءً (فَالْأَمْرُ بِالْقَتْلِ وَالْعِتْقِ يَتَعَلَّقُ بِالْحَزِّ) لِلْعُنُقِ وَنَحْوِهِ (وَالتَّلَفُّظِ) بِصِيغَةِ الْعِتْقِ (ابْتِدَاءً) لَا بِنَفْيِ الْحَيَاةِ وَلَا بِإِزَالَةِ الرِّقِّ (إذْ لَا تَعَلُّقَ بِغَيْرِ الْمَقْدُورِ) ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ لَا يَكُونُ إلَّا بِمَقْدُورٍ لَنَا وَالْمُسَبَّبَاتُ قَدْ لَا تَكُونُ مَقْدُورَةً لَنَا كَهَذِهِ بِخِلَافِ مُبَاشَرَةِ الْأَسْبَابِ فَإِنَّهَا فِي وُسْعِ الْمُكَلَّفِ فَالْأَمْرُ الْمُتَعَلِّقُ ظَاهِرًا بِالْمُسَبَّبِ مُتَعَلِّقٌ فِي الْحَقِيقَةِ بِالسَّبَبِ وَهُوَ الْوَاجِبُ حَقِيقَةً.

وَإِنْ كَانَ وَسِيلَةً إلَى الْمُسَبَّبِ ظَاهِرًا فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الْقَوْلَانِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ خَطَأً (وَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ بِهِ) فِي قَوْلِهِمْ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ وَاجِبٌ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَكُنْ مُرَادًا (لَزِمَ الْكُفْرُ) ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ إطْلَاقِهِ الْوَاجِبَ لِذَاتِهِ وَهُوَ لَيْسَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْإِطْلَاقَ قَطْعًا (لِلْأَكْثَرِ لَوْ لَمْ يَجِبْ) مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ مِنْ الْأَقْسَامِ الْمَاضِيَةِ (بَقِيَ جَوَازُ التَّرْكِ) لِلشَّرْطِ (دَائِمًا وَلَازَمَهُ) أَيْ جَوَازَ التَّرْكِ لَهُ دَائِمًا (جَوَازُ تَرْكِ مَا لَا يَتَأَتَّى) الْوَاجِبُ (بِدُونِهِ وَهُوَ) أَيْ جَوَازُ تَرْكِ مَا لَا يَتَأَتَّى الْوَاجِبُ بِدُونِهِ (مُنَافٍ لِوُجُوبِهِ) أَيْ الْوَاجِبِ (فِي وَقْتٍ) فَإِنَّ جَوَازَ تَرْكِ مَا لَا يَتَأَتَّى هُوَ إلَّا بِهِ يَسْتَلْزِمُ جَوَازَ تَرْكِ الْوَاجِبِ نَفْسَهُ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ (أَوْ) لَازَمَهُ (جَوَازُ فِعْلِهِ) أَيْ الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ الْمَشْرُوطُ (دُونَهُ) أَيْ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ أَتَى بِجَمِيعِ مَا أَمَرَ بِهِ فَتَجِبُ صِحَّتُهُ (فَمَا فُرِضَ شَرْطًا لَيْسَ شَرْطًا) مَوْقُوفًا عَلَيْهِ حِينَئِذٍ.

وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ بِالْفَرْضِ (وَلَا يَخْفَى مَنْعُ الْمُلَازَمَةِ) أَيْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ بِإِيجَابِ الْوَاجِبِ جَوَازُ التَّرْكِ لِجَوَازِ وُجُوبِهِ بِغَيْرِهِ (وَإِنَّمَا يَجُوزُ التَّرْكُ لَوْ لَمْ يَجِبْ) مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ (مُطْلَقًا) أَمَّا إذَا كَانَ وَاجِبًا مُطْلَقًا كَمَا نَحْنُ قَائِلُونَ بِهِ فَلَا (وَاسْتِدْلَالُهُمْ) أَيْ الْأَكْثَرِينَ (بِالْإِجْمَاعِ عَلَى) وُجُوبِ (التَّوَصُّلِ) إلَى الْوَاجِبِ وَلَوْ لَمْ يَجِبْ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ لَمَا وَجَبَ التَّوَصُّلُ إلَى الْوَاجِبِ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا الْإِتْيَانُ بِجَمِيعِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ (فِي غَيْرِ) مَحَلِّ (النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الِاسْتِدْلَالِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْمُوَصِّلَ إلَى الْوَاجِبِ وَاجِبٌ (غَيْرُ مُوجِبِ الْأَصْلِ) الَّذِي هُوَ الْوَاجِبُ الْأَصْلِيُّ فَإِنَّ مُوجِبَهُ الْأَمْرُ وَمُوجِبَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ (وَإِذَنْ لَا حَاجَةَ لِلنَّافِي) لِوُجُوبِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ بِإِيجَابِهِ فِي غَيْرِ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَصَاحِبِ الْبَدِيعِ (إلَى الْجَوَابِ بِتَخْصِيصِ الدَّعْوَى بِغَيْرِ الْأَسْبَابِ) كَمَا فَعَلَاهُ.

(وَاسْتِدْلَالُهُ) أَيْ النَّافِي (لَوْ وَجَبَ) مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ بِإِيجَابِ الْوَاجِبِ (امْتَنَعَ التَّصْرِيحُ بِنَفْيِ وُجُوبِهِ) أَيْ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ لِمُنَاقَضَتِهِ لَهُ وَالْقَطْعِ بِصِحَّةِ إيجَابِ غَسْلِ الْوَجْهِ وَنَفْيِ إيجَابِ غَسْلِ غَيْرِهِ (إنْ أَرَادَ) بِامْتِنَاعِ التَّصْرِيحِ بِنَفْيِ وُجُوبِهِ (نَفْيَ وُجُوبِهِ بِهِ) أَيْ بِإِيجَابِ الْوَاجِبِ (فَنَفْيُ التَّالِي) الَّذِي هُوَ امْتِنَاعُ التَّصْرِيحِ بِنَفْيِ وُجُوبِهِ (عَيْنُ النِّزَاعِ أَوْ) نَفْيُ وُجُوبِهِ (مُطْلَقًا نَفَيْنَا الْمُلَازَمَةَ) أَيْ مَنَعْنَاهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَكَذَا قَوْلُهُ) أَيْ النَّافِي (وَصَحَّ قَوْلُ الْكَعْبِيِّ فِي نَفْيِ الْمُبَاحِ) ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْوَاجِبِ وَهُوَ تَرْكُ الْحَرَامِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْمُبَاحِ فَيَجِبُ الْمُبَاحُ وَهُوَ بَاطِلٌ عَلَيْهِ مَنْعُ الْمُلَازَمَةِ وَكَذَا قَوْلُ النَّافِي (وَوَجَبَ نِيَّةُ الْمُقَدِّمَةِ) ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ عِبَادَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَاجِبَةٌ فَتَجِبُ بِهِ (وَمَعْنَاهُ) أَيْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْمُقَدِّمَةِ أَنَّهَا تَجِبُ فِيهَا (كَمَا لَوْ وَجَبَ) مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ الَّذِي هُوَ الْمُقَدِّمَةُ (بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْوَاجِبِ فَإِنَّ النِّيَّةَ تَجِبُ فِيهِ لَكِنَّ وُجُوبَهَا فِي الْمُقَدِّمَةِ مَمْنُوعٌ بَلْ يَكْفِي فِي صِحَّةِ الْعَمَلِ نِيَّةُ الْوَاجِبِ دُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>