للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَنَّ (أَنَّ الْإِقْدَامَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْخَلِيلِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَبْحِ وَلَدِهِ (وَمِنْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْخَلِيلِ عَلَى الْوَاجِبِ (لِظَنِّ التَّكْلِيفِ بِظَنِّ عَدَمِ النَّاسِخِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (وَهُوَ) أَيْ ظَنُّ التَّكْلِيفِ مَعَ ظَنِّ عَدَمِ النَّاسِخِ (كَافٍ فِي لُزُومِ الْعَمَلِ كَوُجُوبِ الشُّرُوعِ) فِي الْفَرْضِ (بِنِيَّةِ الْفَرْضِ) إجْمَاعًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا لَمْ يَجِبْ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ (قَالُوا) أَيْ الْمُعْتَزِلَةُ أَوَّلًا (لَوْ لَمْ يَشْرِطْ) فِي صِحَّةِ التَّكْلِيفِ بِالْفِعْلِ الْعِلْمَ بِوُجُودِ شَرْطِهِ الَّذِي لَيْسَ بِمَقْدُورٍ لِلْمُكَلَّفِ فِي وَقْتِهِ (لَمْ يَشْتَرِطْ إمْكَانَ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ مَا عُدِمَ شَرْطُهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَمَرَّ فِي تَكْلِيفِ الْمُحَالِ نَفْيُهُ) أَيْ نَفْيُ التَّكْلِيفِ بِغَيْرِ الْمُمْكِنِ (وَالْجَوَابُ النَّقْضُ) الْإِجْمَالِيُّ (بِتَكْلِيفِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ الِانْتِفَاءَ) أَيْ بِالتَّكْلِيفِ بِالْفِعْلِ الَّذِي جَهِلَ الْآمِرُ انْتِفَاءَ شَرْطِ وُقُوعِهِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ إمْكَانِ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ شَرْطِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَأْمُورِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ عَالِمًا بِعَدَمِ شَرْطِهِ كَمَا فِي أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ جَاهِلًا كَمَا فِي الشَّاهِدِ مِثْلُ أَمْرِ السَّيِّدِ غُلَامَهُ مِنْ غَيْرِ تَأْثِيرٍ لِعِلْمِ الْآمِرِ أَوْ جَهْلِهِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَصِحَّ هَذَا التَّكْلِيفُ وَقَدْ صَحَّ اتِّفَاقًا (وَبِالْحِلِّ بِأَنَّ) الْإِمْكَانَ (الْمَشْرُوطَ) فِي التَّكْلِيفِ (كَوْنُ الْفِعْلِ يَتَأَتَّى) أَيْ يُمْكِنُ إيجَادُهُ (عِنْدَ) وُجُودِ (وَقْتِهِ وَشَرَائِطِهِ لَا) أَنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ (وُجُودِهَا) أَيْ شَرَائِطِ الْفِعْلِ (بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ عَدَمَهَا) أَيْ شَرَائِطِ الْفِعْلِ (لَا يُنَافِي) الْإِمْكَانَ (الذَّاتِيَّ) لَهُ وَالْإِمْكَانُ الذَّاتِيُّ لِلْفِعْلِ هُوَ الشَّرْطُ فِي التَّكْلِيفِ بِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ تَكْلِيفُ كُلِّ مَنْ مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ وَمَعْصِيَتِهِ؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى مُتَعَلِّقٌ بِأَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ وَلَا يَتُوبُ (قَالُوا) ثَانِيًا (لَوْ صَحَّ) التَّكْلِيفُ (مَعَ عِلْمِ الْآمِرِ بِالِانْتِفَاءِ) لِشَرْطِهِ (صَحَّ) التَّكْلِيفُ (مَعَ عِلْمِ الْمَأْمُورِ) بِانْتِفَائِهِ.

(إذْ الْمَانِعُ) مِنْ الصِّحَّةِ ثَمَّةَ إنَّمَا هُوَ (عَدَمُ إمْكَانِهِ) أَيْ الْفِعْلِ (دُونَهُ) أَيْ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ الْإِمْكَانُ (وَهُوَ) أَيْ عَدَمُ إمْكَانِهِ (مُشْتَرِكٌ) بَيْنَ عِلْمِ الْآمِرِ بِالِانْتِفَاءِ وَعِلْمِ الْمَأْمُورِ بِهِ.

(الْجَوَابُ مَنْعُ مَانِعِيَّةِ مَا ذُكِرَ) مِنْ الصِّحَّةِ (بَلْ) الْمَانِعُ مِنْهَا (انْتِفَاءُ فَائِدَةِ التَّكْلِيفِ وَهُوَ) أَيْ انْتِفَاؤُهَا إنَّمَا يَكُونُ إذَا انْتَفَى الشَّرْطُ (فِي عِلْمِ الْمَأْمُورِ لَا) فِي عِلْمِ (الْآمِرِ فَإِنَّهَا) أَيْ فَائِدَةَ التَّكْلِيفِ (فِيهِ) أَيْ فِي انْتِفَاءِ الشَّرْطِ فِي عِلْمِ الْآمِرِ (الِابْتِلَاءُ) لِلْمَأْمُورِ (لِيَظْهَرَ عَزْمُهُ) أَيْ الْمَأْمُورِ عَلَى الْفِعْلِ (وَبِشْرُهُ) بِهِ (وَضِدُّهُمَا) أَيْ الْعَزْمِ وَالْبِشْرِ وَهُوَ التَّرْكُ وَالْكَرَاهَةُ لَهُ (وَبِذَلِكَ) أَيْ ظُهُورِ الْعَزْمِ وَالْبِشْرِ وَضِدِّهِمَا (يَتَحَقَّقُ الطَّاعَةُ وَالْعِصْيَانُ) فَالطَّاعَةُ عَلَى ظُهُورِ الْعَزْمِ وَالْبِشْرِ وَالْعِصْيَانُ عَلَى ظُهُورِ ضِدِّهِمَا (وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ) الْمَسْأَلَةَ (ذُكِرَتْ فِي أُصُولِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَيْسَتْ سِوَى جَوَازِ التَّكْلِيفِ بِمَا عَلِمَ تَعَالَى عَدَمَ وُقُوعِهِ) مِنْ الْمُكَلَّفِ بِهِ (وَهُمْ ذَكَرُوا فِي مَسْأَلَةِ شَرْطِ الْمَطْلُوبِ الْإِمْكَانَ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُقُوعِ التَّكْلِيفِ بِهِ) أَيْ بِمَا عَلِمَ تَعَالَى عَدَمَ وُقُوعِهِ (فَحِكَايَةُ الْخِلَافِ مُنَاقِضَةٌ) كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شَارِحِي كَلَامِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ السُّبْكِيُّ (ثُمَّ عَلَى بَعْدِهِ) أَيْ الْخِلَافِ (يَكْفِي عَنْ الْإِكْثَارِ) أَنْ يُقَالَ (لَنَا الْقَطْعُ بِتَكْلِيفِ كُلِّ مَنْ مَاتَ عَلَى كُفْرٍ وَمَعْصِيَةٍ بِالْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَإِذْ مُنْكِرُهُ) أَيْ الْجَوَازِ (يَكْفُرُ بِإِنْكَارِ ضَرُورِيٍّ دِينِيٍّ) ؛ لِأَنَّا نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ مِنْ الدِّينِ أَنَّ الْكُفَّارَ مَأْمُورُونَ بِتَرْكِ الْكُفْرِ إلَى الْإِيمَانِ (فَإِنْكَارُ إيجَابِ الْإِيمَانِ كُفْرٌ إجْمَاعًا) اسْتَبْعَدْنَا الْخِلَافَ خُصُوصًا مِنْ (الْإِمَامِ) .

وَأَمَّا السُّبْكِيُّ فَقَالَ مَا لِوُقُوعِهِ شَرْطٌ إنْ عَلِمَ الْآمِرُ الشَّرْطَ وَاقِعًا فَلَا إشْكَالَ فِي صِحَّةِ التَّكْلِيفِ، وَإِنْ جَهِلَهُ وَيُفْرَضُ فِي السَّيِّدِ يَأْمُرُ عَبْدَهُ فَكَذَلِكَ وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ عَلِمَ انْتِفَاءَهُ فَعَلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا يَتَبَادَرُ الذِّهْنُ إلَى فَهْمِهِ حِينَ إطْلَاقِ التَّكْلِيفِ كَالْحَيَاةِ وَالتَّمْيِيزِ فَإِنَّ السَّامِعَ مَتَى سَمِعَ التَّكْلِيفَ يَتَبَادَرُ ذِهْنُهُ إلَى أَنَّهُ يَسْتَدْعِي حَيًّا مُمَيِّزًا وَهَذَا هُوَ الَّذِي خَالَفَ فِيهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالثَّانِي خِلَافُهُ وَهُوَ مَا كَانَ خَارِجِيًّا لَا يَتَبَادَرُ إلَيْهِ الذِّهْنُ وَهُوَ تَعَلُّقُ عِلْمِ اللَّهِ مَثَلًا بِأَنَّ زَيْدًا لَا يُؤْمِنُ فَإِنَّ انْتِفَاءَ هَذَا التَّعَلُّقِ شَرْطٌ فِي وُجُودِ إيمَانِهِ وَلَكِنَّ السَّامِعَ يَقْضِي بِإِمْكَانِ زَيْدٍ غَيْرَ نَاظِرٍ إلَى هَذَا الشَّرْطِ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ فِيهِ الْإِمَامُ وَلَا غَيْرُهُ وَهُوَ مَا سَبَقَ نَقْلُ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَا يُتَرْجِمُهَا أَئِمَّتُنَا بِمَا تَرْجَمَهَا الْمُصَنِّفُ، وَإِنَّمَا هِيَ مُتَرْجَمَةٌ عِنْدَهُمْ بِمَا جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>