للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِهِ وَالْإِصْغَاءِ إلَيْهِ وَهَذَا ذَكَرَهُ الْبَيْضَاوِيُّ مِنْ غَيْرِ حِكَايَةِ خِلَافٍ وَلَا تَعَقُّبٍ وَنَقَلَهُ فِي الْمَحْصُولِ عَنْ الشَّرِيفِ الْمُرْتَضَى ثُمَّ قَالَ وَإِنَّمَا اعْتَبَرَهُ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْخَبَرَ الْمُتَوَاتِرَ دَالٌّ عَلَى إمَامَةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ إفَادَتِهِ الْعِلْمَ عِنْدَ الْخَصْمِ اعْتِقَادُ خِلَافِهِ وَهَذَا تَعَقُّبٌ لَهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَهَبَ إلَيْهِ لِهَذِهِ الدَّسِيسَةِ لَا غَيْرُ، فَإِذَا هُوَ سَاقِطُ الِاعْتِبَارِ عِنْدَ مَنْ سَلِمَ مِنْهَا

(وَيَنْقَسِمُ الْمُتَوَاتِرُ إلَى مَا يُفِيدُ الْعِلْمَ بِمَوْضُوعٍ فِي أَخْبَارِ الْآحَادِ) كَالْأَمْكِنَةِ النَّائِيَةِ وَالْأُمَمِ الْخَالِيَةِ (وَغَيْرِ مَوْضُوعٍ فِي شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ أَخْبَارِ الْآحَادِ (بَلْ يُعْلَمُ) ذَلِكَ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَوْضُوعٍ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِلسَّامِعِ (عِنْدَهَا) أَيْ أَخْبَارِ الْآحَادِ (بِالْعَادَةِ كَأَخْبَارِ عَلِيٍّ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْحُرُوبِ (وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ) فِي الْعَطَاءِ (يَحْصُلُ عِنْدَهَا) أَيْ إخْبَارِهِمَا لِلسَّامِعِ عَادَةً (عِلْمُ الشَّجَاعَةِ، وَالسَّخَاءِ، وَلَا شَيْءَ مِنْهَا) أَيْ أَخْبَارِهِمَا (يَدُلُّ عَلَى السَّجِيَّةِ ضِمْنًا، إذْ لَيْسَ الْجُودُ جُزْءَ مَفْهُومِ إعْطَاءِ آلَافٍ) لِأَنَّ الْجُودَ مَلَكَةٌ نَفْسَانِيَّةٌ هِيَ مَبْدَأٌ لِإِفَادَةِ مَا يَنْبَغِي لِمَنْ يَنْبَغِي لَا لِعِوَضٍ (وَلَا الشَّجَاعَةُ جُزْءَ مَفْهُومٍ قَتْلِ آحَادٍ مَخْصُوصِينَ) لِأَنَّ الشَّجَاعَةَ مَلَكَةٌ نَفْسَانِيَّةٌ تَقْتَضِي اعْتِدَالَ الْقُوَّةِ الْغَضَبِيَّةِ (وَلَا) يَدُلُّ عَلَى السَّجِيَّةِ (الْتِزَامًا إلَّا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ) لِلِالْتِزَامِ (لِجَوَازِ تَعَقُّلِ قَاتِلٍ أَلْفًا بِلَا خُطُورِ مَعْنَى الشَّجَاعَةِ فَمَا قِيلَ) أَيْ فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَوَاتِرُ فِي الْوَقَائِعِ (الْمَعْلُومُ مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ بِتَضَمُّنٍ أَوْ الْتِزَامِ تَسَاهُلٍ) كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مِمَّا حَقَّقْنَاهُ (وَأَمَّا الْآحَادُ فَخَبَرٌ لَا يُفِيدُ بِنَفْسِهِ الْعِلْمَ) سَوَاءٌ لَمْ يُفِدْهُ أَصْلًا أَوْ أَفَادَهُ بِالْقَرَائِنِ الزَّائِدَةِ فَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ غَيْرَ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لَا يَتِمُّ عَلَى قَوْلِ أَحْمَدَ خَبَرُ الْوَاحِدِ يُفِيدُ الْعِلْمَ بِنَفْسِهِ مُطَّرِدًا وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ يُفِيدُ بِنَفْسِهِ غَيْرَ مُطَّرِدٍ كَمَا سَيَأْتِي (وَقِيلَ مَا) أَيْ خَبَرٌ (يُفِيدُ الظَّنَّ وَاعْتُرِضَ بِمَا) أَيْ بِخَبَرٍ (لَمْ يُفِدْهُ) أَيْ الظَّنَّ فَيَبْطُلُ عَكْسُهُ بِهِ لِصِدْقِ الْمَحْدُودِ وَهُوَ كَوْنُهُ خَبَرَ وَاحِدٍ دُونَ الْحَدِّ (وَدُفِعَ بِأَنَّهُ) أَيْ الْخَبَرَ الَّذِي لَمْ يُفِدْ الظَّنَّ (لَا يُرَادُ) لِلْمُعَرِّفِ أَيْ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْمَحْدُودِ (إذْ لَا يَثْبُتُ بِهِ) أَيْ بِالْخَبَرِ (حُكْمٌ) وَالْمَقْصُودُ تَعْرِيفُ الْخَبَرِ الَّذِي يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْأَحْكَامِ وَلَا يَكُونُ مُتَوَاتِرًا وَعَلَى هَذَا تَثْبُتُ الْوَاسِطَةُ (وَلَيْسَ) بِشَيْءٍ (إذْ يَثْبُتُ بِالضَّعِيفِ) أَيْ بِالْحَدِيثِ الَّذِي ضَعَّفَهُ (بِغَيْرِ وَضْعِ) أَيْ كَذِبِ (الْفَضَائِلُ وَهُوَ النَّدْبُ) وَهُوَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ

(وَمِنْهُ) أَيْ خَبَرِ الْآحَادِ (قِسْمٌ يُسَمَّى الْمُسْتَفِيضَ) وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ (مَا رَوَاهُ ثَلَاثَةٌ فَصَاعِدًا أَوْ مَا زَادَ عَلَيْهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدِ مَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى التَّوَاتُرِ وَكَأَنَّهُ حُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمُتَوَاتِرِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ أَقَلُّ مَا تَثْبُتُ بِهِ الِاسْتِفَاضَةُ اثْنَانِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُسْتَفِيضَ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ شَائِعًا وَقَدْ صَدَرَ عَنْ أَصْلٍ لِيُخْرِجَ مَا شَاعَ لَا عَنْ أَصْلٍ وَرُبَّمَا حَصَلَتْ الِاسْتِفَاضَةُ بِاثْنَيْنِ وَجَعَلَهُ الْأُسْتَاذُ الْإسْفَرايِينِيّ وَابْنُ فُورَكٍ وَاسِطَةً بَيْنَ الْمُتَوَاتِرِ وَالْآحَادِ وَزَعَمَا أَنَّهُ يَقْتَضِي الْعِلْمَ نَظَرًا وَالْمُتَوَاتِرُ يَقْتَضِيهِ ضَرُورَةً وَمَثَّلَ الْإسْفَرايِينِيّ بِمَا يَتَّفِقُ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ وَرَدَّهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِالصِّدْقِ فِيهِ وَإِنَّمَا قُصَارَاهُ ظَنٌّ غَالِبٌ (وَالْحَنَفِيَّةُ) قَالُوا (الْخَبَرُ مُتَوَاتِرٌ وَآحَادٌ وَمَشْهُورٌ وَهُوَ) أَيْ الْمَشْهُورُ (مَا كَانَ آحَادُ الْأَصْلِ مُتَوَاتِرًا فِي الْقَرْنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَبَيْنَهُ) أَيْ الْمَشْهُورِ (وَبَيْنَ الْمُسْتَفِيضِ) بِأَحَدِ التَّفْسِيرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ (عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ) لِصِدْقِهِمَا فِيمَا رَوَاهُ فِي الْأَصْلِ ثَلَاثَةٌ أَوْ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَنْتَهِ إلَى التَّوَاتُرِ ثُمَّ تَوَاتَرَ فِي الْقَرْنِ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ، وَانْفِرَادُ الْمُسْتَفِيضِ عَنْ الْمَشْهُورِ فِيمَا رَوَاهُ فِي الْأَصْلِ ثَلَاثَةٌ أَوْ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَنْتَهِ إلَى التَّوَاتُرِ فِي الْقَرْنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ. وَانْفِرَادُ الْمَشْهُورِ عَنْ الْمُسْتَفِيضِ فِيمَا رَوَاهُ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ تَوَاتَرَ فِي الْقَرْنِ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ (وَهُوَ) أَيْ الْمَشْهُورُ (قِسْمٌ مِنْ الْمُتَوَاتِرِ عِنْدَ الْجَصَّاصِ) فِي جَمَاعَةٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ (وَعَامَّتُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ (قَسِيمٌ) لِلْمُتَوَاتِرِ (فَالْآحَادُ مَا لَيْسَ أَحَدَهُمَا) أَيْ الْمُتَوَاتِرِ وَالْمَشْهُورِ اتِّفَاقًا (وَالْمُتَوَاتِرُ عِنْدَهُ) أَيْ الْجَصَّاصِ (مَا أَفَادَ الْعِلْمَ بِمَضْمُونِ الْخَبَرِ ضَرُورَةً أَوْ) مَا أَفَادَ الْعِلْمَ بِمَضْمُونِ الْخَبَرِ (نَظَرًا وَهُوَ) أَيْ مُفِيدُ الْعِلْمِ بِمَضْمُونِ الْخَبَرِ نَظَرًا (الْمَشْهُورُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ أَنَّ الْمَشْهُورَ يُفِيدُ الْعِلْمَ نَظَرًا.

(قِيلَ) الْجَصَّاصُ (يُكْفَرُ) جَاحِدُهُ (بِجَحْدِهِ) وَعَامَّتُهُمْ لَا يُكَفِّرُونَهُ فَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ فِي الْإِكْفَارِ وَعَدَمِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>