للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَضْيِيعِ الشَّرَائِعِ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَإِنَّ الِاكْتِفَاءَ بِوَاحِدٍ يُفِيدُ ذَلِكَ لِأَنَّ بِهِ يَصِيرُ قَوْلُ الرَّاوِي مَقْبُولًا فَتَثْبُتُ بِهِ الشَّرَائِعُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى ثَانٍ تَفُوتُ بِفَوَاتِهِ وَلِأَنَّهُ يَبْعُدُ احْتِمَالُ عَدَمِ الْعَمَلِ بِمَا هُوَ حَدِيثٌ (الْمُفْرَدُ فِيهِمَا) أَيْ التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا (خَبَرٌ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ (فَيُقَالُ) لَهُ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا (شَهَادَةٌ) فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ (فَإِذَا قَالَ) الْمُفْرَدُ الْإِفْرَادُ (أَحْوَطُ) كَمَا ذَكَرْنَا (عُورِضَ) بِأَنَّ التَّعَدُّدَ أَحْوَطُ كَمَا ذَكَرْنَا (وَالْأَجْوِبَةُ) مِنْ الطَّرَفَيْنِ (كُلُّهَا جَدَلِيَّةٌ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُرَجِّحَةٍ لِمَذْهَبٍ بَلْ مُوقِفَةٌ عَنْهُ

(وَالْمُعَارَضَةُ الْأُولَى) وَهِيَ الْإِفْرَادُ أَحْوَطُ (تَنْدَفِعُ بِانْتِفَاءِ شَرْعِ مَا لَمْ يُشْرَعْ شَرٌّ مِنْ تَرْكِ مَا شُرِعَ) وَهُوَ عَدَمُ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الَّذِي لَمْ تُزَكَّ رُوَاتُهُ اثْنَانِ وَهُمَا لَيْسَا شَرْطًا فِيهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الصَّوَابَ يَنْدَفِعُ بِأَنْ شَرَعَ مَا لَمْ يُشْرَعْ إلَخْ كَمَا كَانَتْ النُّسْخَةُ عَلَيْهِ حَالَ قِرَاءَتِي لِهَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثُمَّ إنَّمَا كَانَ شَرْعُ مَا لَمْ يُشْرَعْ شَرًّا مِنْ تَرْكِ مَا شُرِعَ لِأَنَّهُ يَضْرِبُ بِعِرْقٍ إلَى الْمُشَارَكَةِ فِي الرُّبُوبِيَّةِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ تَرْكِ مَا شُرِعَ (وَالثَّانِيَةُ) أَيْ وَالْمُعَارَضَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ التَّعَدُّدُ أَحْوَطُ (تَقْتَضِي التَّعَدُّدَ فِيهِمَا) أَيْ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (وَقَوْلُ الْأَكْثَرِ لَا يَزِيدُ) شَرْطٌ عَلَى مَشْرُوطِهِ بِالِاسْتِقْرَاءِ (مُنْتَفٍ بِشَاهِدِ الْهِلَالِ) أَيْ هِلَالِ رَمَضَانَ إذَا كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى فِيهِ بِوَاحِدٍ وَيَفْتَقِرُ تَعْدِيلُهُ إلَى اثْنَيْنِ (وَلَا يَنْقُصُ) شَرْطٌ عَنْ مَشْرُوطِهِ مُنْتَفٍ (بِشَهَادَةِ الزِّنَى) فَإِنَّهُ يَلْزَمُ كَوْنَهُمْ أَرْبَعَةً وَيَكْفِي فِي تَعْدِيلِهِمْ اثْنَانِ (وَمَا قِيلَ لَا نَقْصَ) بِهَذَيْنِ (بَلْ) زِيَادَةُ الْأَصْلِ فِي شَهَادَةِ الزِّنَى وَنُقْصَانُهُ فِي شَهَادَةِ رَمَضَانَ إنَّمَا ثَبَتَ (بِالنَّصِّ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الدَّرْءِ) لِلْعُقُوبَاتِ (وَالْإِيجَابُ) لِلْعِبَادَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي حَاشِيَةِ التَّفْتَازَانِيِّ فَلِلِاحْتِيَاطِ فِي الدَّرْءِ يَرْجِعُ إلَى شَهَادَةِ الزِّنَى وَالْإِيجَابُ يَرْجِعُ إلَى شَهَادَةِ الْهِلَالِ (لَا يُخْرِجُهُ) أَيْ هَذَا الْجَوَابُ (عَنْهُمَا) أَيْ ثُبُوتِ الزِّيَادَةِ وَثُبُوتِ النَّقْصِ لِلشَّرْطِ مَعَ الْمَشْرُوطِ الَّذِي هُوَ عَيْنُ مَا بِهِ النَّقْضُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِبَاعِثِ مَصْلَحَةٍ خَاصَّةٍ فَإِنَّ كُلَّ الْمَشْرُوعَاتِ كَذَلِكَ (وَأَوْجَهُهَا) أَيْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ (الْمُفْرَدُ) أَيْ الْقَائِلُ بِأَنَّ الْمُفْرَدَ يَكْفِي فِيهِمَا

(فَإِذَا قِيلَ كَوْنُهُ شَهَادَةً أَحْوَطُ مَنَعَ مَحَلِّيَّتَهُ) أَيْ التَّعْدِيلِ (لَهُ) أَيْ لِلِاحْتِيَاطِ (إذْ الِاحْتِيَاطُ عِنْدَ تَجَاذُبِ مُتَعَارِضَيْنِ) لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (فَيُعْمَلُ بِأَشَدِّهِمَا وَلَا تَزِيدُ التَّزْكِيَةُ عَلَى أَنَّهَا ثَنَاءٌ) خَاصٌّ (عَلَيْهِ) أَيْ الشَّاهِدِ وَالرَّاوِي (وَهُوَ) أَيْ ثُبُوتُهُ لَهُ يَكُونُ (بِمُجَرَّدِ الْخَبَرِ) الْخَاصِّ مِنْ الْمُزَكِّي (فَإِثْبَاتُ زِيَادَةٍ عَلَى الْخَبَرِ) بِخَبَرٍ آخَرَ يَكُونُ (بِلَا دَلِيلٍ فَيَمْتَنِعُ) التَّعَارُضُ (وَلَا يُتَصَوَّرُ الِاحْتِيَاطُ وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ ذُكُورَةِ الْمُعَدِّلِ) لِلشَّاهِدِ فِي الْحُدُودِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا فَفِي كِتَابِ الْحُدُودِ مِنْ بَابِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْمُخْتَلِفِ وَالْحَصْرِ يُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ فِي الْمُزَكِّي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّزْكِيَةَ فِي مَعْنَى عِلَّةِ الْعِلَّةِ عِنْدَهُ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ الشَّهَادَةُ وَشَرْطٌ مَحْضٌ لَهَا عِنْدَهُمَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهَا وَظَاهِرُ الِاخْتِيَارِ أَنَّهَا شَرْطٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً وَاَلَّذِي فِي الْهِدَايَةِ وَيُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ فِي الْمُزَكِّي فِي الْحُدُودِ قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ يَعْنِي بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا فِي الْقِصَاصِ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَلِفِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ فِي بَابِ مُحَمَّدٍ اهـ وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ قَالُوا يُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ عِنْدَ الشَّهَادَةِ فِي تَزْكِيَةِ شُهُودِ الْحَدِّ بِالْإِجْمَاعِ (وَمُقْتَضَى النَّظَرِ قَبُولُ تَزْكِيَةِ كُلِّ عَدْلٍ ذَكَرًا أَوْ امْرَأَةً فِيمَا يَشْهَدُ بِهِ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ حَقِيقَتَهَا ثَنَاءٌ وَإِخْبَارٌ خَاصٌّ عَنْ حَالِ الشَّاهِدِ أَوْ الرَّاوِي لَا الشَّهَادَةِ (وَلَوْ شُرِطَتْ الْمُلَابَسَةُ فِي الْمَرْأَةِ) لِمَنْ تُزَكِّيهِ (لِسُؤَالِ بَرِيرَةَ) أَيْ سُؤَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَرِيرَةَ مَوْلَاةَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ بِإِشَارَةِ عَلِيٍّ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ (وَالْعَبْدُ) أَيْضًا (لَمْ يَبْعُدْ فَيَنْتَفِي ظُهُورُ مَبْنَى النَّفْيِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي أَنَّ نَفْيَ تَعْدِيلِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ لِظُهُورِ عَدَمِ مُخَالَطَتِهِمَا الرِّجَالَ وَالْأَحْرَارَ خِلْطَةً تُوجِبُ مَعْرِفَةَ بَاطِنِ الْحَالِ فَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ تَعْدِيلِهِمَا بِشَرْطِ الْعِلْمِ بِمُخَالَطَتِهِمَا كَأَنْ تُعَدَّلَ مَنْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ وَالْعَبْدُ مَنْ كَانَ مَوْلًى لَهُ ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ مَنْ عَرَفَ اتِّفَاقَ أَمْرٍ كَانَ جَامِعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا لَمْ يَبْعُدْ، وَلَمْ يَبْعُدْ كِنَايَةٌ عَنْ قَوْلِنَا حَسَنٌ فَيَكُونُ مَذْهَبًا مُفَصِّلًا فَإِنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَرْأَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>