للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشَارَ إلَى هَذَا الْقَاضِي (وَمَا أَوْرَدُوهُ مِنْ دَلِيلِهِ) أَيْ الْقَاضِي (إنْ شَهِدَ) الْجَارِحُ (مِنْ غَيْرِ بَصِيرَةٍ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا) لِإِطْلَاقِ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي.

(وَالْكَلَامُ فِيهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي الْعَدْلِ (فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ) الْجَارِحُ (إلَّا ذَا بَصِيرَةٍ فَإِنْ سَكَتَ) الْجَارِحُ عَنْ الْبَيَانِ (فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ) أَيْ الْمَوْضِعِ الْمُخْتَلَفِ فِي أَنَّهُ هُوَ سَبَبُ الْجَرْحِ (فَمُدَلِّسٌ) وَهُوَ قَادِحٌ فِي عَدَالَتِهِ وَغَيْرُ خَافٍ أَنَّ مَا أَوْرَدُوهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ (يُفِيدُ أَنْ لَا بُدَّ مِنْ بَصِيرَةٍ عِنْدَهُ) أَيْ الْقَاضِي (بِالْقَادِحِ وَغَيْرِهِ بِالْخِلَافِ فِيمَا فِيهِ) الْخِلَافُ مِنْ أَسْبَابِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (وَكَذَا مَا أَجَابُوا بِهِ) أَيْ الْقَاضِي (مِنْ أَنَّهُ) أَيْ الْجَارِحَ (قَدْ يَبْنِي عَلَى اعْتِقَادِهِ) فِيمَا يَرَاهُ جَرْحًا حَقًّا (أَوْ لَا يَعْرِفُ الْخِلَافَ) فَلَا يَكُونُ مُدَلِّسًا (فَرْعٌ أَنَّ لَهُ) أَيْ لِلْجَارِحِ (عِلْمًا غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ لَا يَعْرِفُ الْخِلَافَ فَيَجْرَحَهُ أَوْ يُعَدِّلَهُ بِمَا يَعْتَقِدُهُ وَهُوَ مُخْطِئٌ فِيهِ لَكِنْ دُفِعَ بِأَنَّ كَوْنَهُ لَا يَعْرِفُ الْخِلَافَ خِلَافُ مُقْتَضَى بَصَرِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا وُجُودَ لِذَلِكَ الْقَوْلِ) أَيْ سُقُوطِ رِوَايَةٍ أَوْ ثُبُوتِهَا بِقَوْلِ مَنْ لَا خِبْرَةَ عِنْدَهُ بِالْقَادِحِ وَغَيْرِهِ (فَيَجِبُ كَوْنُ الْأَقْوَالِ عَلَى تَقْدِيرِ الْعِلْمِ) لِلْمُعَدِّلِ وَالْجَارِحِ فَيَكُونُ (أَرْبَعَةً فَقَائِلٌ) يَقُولُ (لَا يَكْفِي) الْإِطْلَاقُ مِنْ الْعَالِمِ (فِيهِمَا) أَيْ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (لِلِاخْتِلَافِ) بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي سَبَبِهِمَا.

(فَفِي التَّعْدِيلِ جَوَابُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ فِي تَعْدِيلِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ) إنَّمَا يُضَعِّفُهُ رَافِضِيٌّ مُبْغِضٌ لِآبَائِهِ لَوْ رَأَيْت لِحْيَتَهُ وَخِضَابَهُ وَهَيْئَتَهُ لَعَرَفْت أَنَّهُ ثِقَةٌ فَاسْتَدَلَّ عَلَى ثِقَتِهِ بِمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ لِأَنَّ حُسْنَ الْهَيْئَةِ يَشْتَرِكُ فِيهَا الْمُعَدِّلُ وَالْمَجْرُوحُ (وَفِي الْجَرْحِ) الِاخْتِلَافُ فِي سَبَبِهِ (كَثِيرٌ كَشُعْبَةَ) أَيْ كَجَرْحِهِ (بِالرَّكْضِ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَغَيْرِهِ) أَيْ وَبِسَمَاعِ الصَّوْتِ مِنْ مَنْزِلِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو لِلْمِنْهَالِ وَخُصُوصًا إنْ كَانَ قِرَاءَةً بِأَلْحَانٍ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ فَلَوْ أَثْبَتَ بِالْإِطْلَاقِ لَكَانَ مَعَ الشَّكِّ بِهِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ (وَالْجَوَابُ) عَنْ هَذَا (بِأَنْ لَا شَكَّ) فِي ثُبُوتِهِ بِهِ (مَعَ إخْبَارِ الْعَدْلِ) لِأَنَّ قَوْلَهُ يُوجِبُ الظَّنَّ وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْرِفْ لَمْ يَقُلْ (مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ) بِالشَّكِّ (الشَّكُّ الْآتِي مِنْ احْتِمَالِ الْغَلَطِ فِي الْعَدَالَةِ لِلتَّصَنُّعِ) فِي إظْهَارِهَا بِالتَّكَلُّفِ فِي الِاتِّصَافِ بِالْفَضَائِلِ وَالْكَمَالَاتِ فَيَتَسَارَعُ النَّاسُ إلَيْهَا بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ وَهَذَا هُوَ الْمَوْعُودُ بِهِ فِي الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ بِقَوْلِهِ وَلِمَا يَأْتِي (وَاعْتِقَادُ مَا لَيْسَ قَادِحًا قَادِحًا فِي الْجَرْحِ، وَالْعَدَالَةُ لَا تَنْفِيهِ) أَيْ الْغَلَطَ الْمَذْكُورَ

(وَالْجَوَابُ أَنَّ قُصَارَى) أَيْ غَايَةَ (الْعَدْلِ الْبَاطِنِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِعَدَمِ مُبَاشَرَةِ الْمَمْنُوعِ) شَرْعًا (لِتَعَذُّرِ الْعِلْمِ) بِعَدَمِ الْمُبَاشَرَةِ الْمَذْكُورَةِ (وَالْجَهْلُ بِمَفْهُومِ الْعَدَالَةِ مُمْتَنِعٌ عَادَةً مِنْ أَهْلِ الْفَنِّ وَلَا بُدَّ فِي إخْبَارِهِ) أَيْ الْمُعَدِّلِ (مِنْ تَطْبِيقِهِ) أَيْ مَفْهُومِ الْعَدَالَةِ (عَلَى حَالِ مَنْ عَدَّلَهُ فَأَغْنَى) مَجْمُوعُ هَذَا (عَنْ الِاسْتِفْسَارِ) مِنْهُ عَنْ سَبَبِهَا (وَيُقْطَعُ بِأَنَّ جَوَابَ أَحْمَدَ) بْنِ يُونُسَ الْمَذْكُورَ (اسْتِرْوَاحٌ لَا تَحْقِيقٌ إذْ لَا نَشُكُّ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ لَهُ أَلِحُسْنِ اللِّحْيَةِ وَخِضَابِهَا دَخْلٌ فِي الْعَدَالَةِ؟ نَفَاهُ) أَيْ أَنْ يَكُونَ لَهَا دَخْلٌ فِي مَفْهُومِهَا (وَقَائِلٌ) يَقُولُ (يَكْفِي) الْإِطْلَاقُ (فِيهِمَا) أَيْ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (مِنْ الْعَالِمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ) وَقَيَّدَ بِهِ لِيَتَبَيَّنَ دُخُولُ قَوْلِ الْإِمَامِ فِي هَذَا الْقِسْمِ حَيْثُ قَالَ (وَهُوَ مُخْتَارُ الْإِمَامِ تَنْزِيلًا لِعِلْمِهِ مَنْزِلَةَ بَيَانِهِ) وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي كُلِّ الْأَقْوَالِ (وَجَوَابُهُ فِي الْجَرْحِ مَا تَقَدَّمَ) مِنْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي أَسْبَابِ الْجَرْحِ كَثِيرٌ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ (وَقَائِلٌ) يَقُولُ يَكْفِي الْإِطْلَاقُ (فِي الْعَدَالَةِ فَقَطْ لِلْعِلْمِ بِمَفْهُومِهَا اتِّفَاقًا فَسُكُوتُهُ كَبَيَانِهِ بِخِلَافِ الْجَرْحِ) فَإِنَّ أَسْبَابَهُ كَثِيرَةٌ وَبَعْضُهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْقَوْلُ (مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَائِلٌ) يَقُولُ (قَلْبُهُ) أَيْ يَكْفِي الْإِطْلَاقُ فِي الْجَرْحِ لَا فِي الْعَدَالَةِ (لِلتَّصَنُّعِ فِي الْعَدَالَةِ وَالْجَرْحِ يَظْهَرُ وَتَقَدَّمَ) جَوَابُهُ مَرَّتَيْنِ (وَيُعْتَرَضُ عَلَى الْأَكْثَرِ بِأَنَّ عَمَلَ الْكُلِّ) مِنْ أَهْلِ الشَّأْنِ (فِي الْكُتُبِ عَلَى إبْهَامِ) سَبَبِ (التَّضْعِيفِ إلَّا قَلِيلًا فَكَانَ) الِاكْتِفَاءُ بِإِطْلَاقِ الْجَرْحِ (إجْمَاعًا وَالْجَوَابُ) مِنْ ابْنِ الصَّلَاحِ عَنْ هَذَا (بِأَنَّهُ) أَيْ عَمَلَهُمْ الْمَذْكُورَ (أَوْجَبَ التَّوَقُّفَ عَنْ قَبُولِهِ) أَيْ الرَّاوِي الْمُضَعَّفِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوقِعُ فِيهِ رِيبَةً يُوجِبُ مِثْلَهَا التَّوَقُّفُ ثُمَّ مَنْ انْزَاحَتْ عَنْهُ الرِّيبَةُ مِنْهُمْ بِبَحْثٍ عَنْ حَالِهِ أَوْجَبَ الثِّقَةَ بِعَدَالَتِهِ قَبِلْنَا حَدِيثَهُ وَلَمْ نَتَوَقَّفْ كَمَنْ احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا مِمَّنْ مَسَّهُمْ مِثْلُ هَذَا الْجَرْحِ مِنْ غَيْرِهِمْ (يُوجِبُ قَبُولَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>