للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَنَّهُ) أَيْ خَبَرَ الْوَاحِدِ (لَا يُفِيدُهُ) أَيْ الْعِلْمَ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ مِنْهُمَا ذَلِكَ (وَمَا قِيلَ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ هَذَا مِنْ جَوَازِ إخْبَارِ اثْنَيْنِ بِمُتَنَاقِضَيْنِ (يَقَعُ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ إخْبَارِ الْمَلِكِ) بِمَوْتِ ابْنِهِ بِأَنْ يُخْبِرَهُ مُخْبِرٌ بِمَوْتِهِ مَعَ الْقَرَائِنِ ثُمَّ يُخْبِرَهُ آخَرُ بِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَإِنَّمَا اشْتَبَهَ عَلَى الْمُخْبَرِ وَالْحَاضِرِينَ وَقَامَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى ذَلِكَ (يَرُدُّ بِأَنَّ ذَاكَ) أَيْ جَوَازَ إخْبَارِ اثْنَيْنِ بِخَبَرَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ لِلْمَوْتِ وَهُمَا مَوْتُ ابْنِهِ وَعَدَمُهُ (عِنْدَ عَدَمِ إفَادَتِهِ) أَيْ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْإِخْبَارُ بِمَوْتِهِ الْعِلْمُ (الْأَوَّلُ) وَهُوَ الْعِلْمُ بِهِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ مَبْنِيًّا عَلَى مُجَرَّدِ الِاعْتِقَادِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ التَّنَاقُضَ لِعَدَمِ اسْتِلْزَامِهِ الثُّبُوتَ فِي الْوَاقِعِ لِأَنَّ الْمُطَابَقَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْعِلْمِ فَامْتِنَاعُ حُصُولِ الْعِلْمِ بِنَقِيضِ مَا عُلِمَ ضَرُورِيٌّ (وَالطَّارِدُ) لِإِفَادَتِهِ الْعِلْمَ (فِي مَرْوِيِّهِمَا) أَيْ الصَّحِيحَيْنِ

قَالَ (لَوْ أَفَادَ) مَرْوِيُّهُمَا الظَّنَّ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ لَكِنَّهُ أُجْمِعَ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ فَلَمْ يُفِدْ الظَّنَّ (أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَلِلنَّهْيِ عَنْ اتِّبَاعِهِ) أَيْ الظَّنِّ وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ (وَالذَّمُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى اتِّبَاعِهِ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَقْفُ} [الإسراء: ٣٦] أَيْ لَا تَتَّبِعْ {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [هود: ٤٦] (إنْ يَتَّبِعُونَ إلَّا الظَّنَّ) فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ فَدَلَّ عَلَى حُرْمَتِهِ (وَالْجَوَابُ) عَنْ هَذَا (الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ (لِلْإِجْمَاعِ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِالظَّنِّ لَا لِإِفَادَتِهِ) أَيْ مَرْوِيِّهِمَا (الْعِلْمَ بِمَضْمُونِهِ وَالسَّمْعِيَّ) أَيْ {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦] وَ (إنْ يَتَّبِعُونَ) (مَخْصُوصٌ بِالِاعْتِقَادِيَّاتِ) الْمَطْلُوبِ فِيهَا الْيَقِينُ لَا مَا يُطْلَبُ فِيهِ الْعَمَلُ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ السَّمْعِيِّ الْعُمُومَ (وَذَلِكَ الْإِجْمَاعُ) الْقَطْعِيُّ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِالظَّنِّ (دَلِيلُ وُجُودِ الْمُخَصَّصِ) فِي الِاعْتِقَادِيَّات عَلَى غَيْرِ قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ (أَوْ النَّاسِخِ) لِلنَّهْيِ عَنْ اتِّبَاعِ الظَّنِّ فِي غَيْرِهَا عَلَى قَوَاعِدِ الْحَنَفِيَّةِ (وَمَا قِيلَ لَا إجْمَاعَ) عَلَى الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ (لِلْخِلَافِ الْآتِي) فِي الْعَمَلِ بِهِ (لَيْسَ بِشَيْءٍ) مُعْتَبَرٍ (لِاتِّفَاقِ هَذَيْنِ الْمُتَنَاظِرَيْنِ عَلَى نَقْلِ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فِيهِ) أَيْ فِي الْعَمَلِ بِهِ

(وَقَوْلُهُ) أَيْ الطَّارِدِ (ظَنٌّ مَعْصُومٌ قُلْنَا إنَّمَا أَفَادَهُ الْإِجْمَاعُ عَلَى الْعَمَلِ وَأَيْنَ هُوَ مِنْ كَوْنِ خَبَرِ الْوَاحِدِ يُفِيدُ الْعِلْمَ فَالْحَاصِلُ إنْ ادَّعَيْت أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْعَمَلِ) بِخَبَرِ الْوَاحِدِ (لِإِفَادَةِ الْخَبَرِ الْعِلْمَ مَنَعْنَاهُ) أَيْ هَذَا الْمُدَّعَى (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْمُدَّعَى (أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ) فَهُوَ مُصَادَرَةٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ (أَوْ أَنَّهُ) أَيْ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ (أَفَادَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ الْمُعَيَّنَ الَّذِي أُجْمِعَ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ حَقٌّ قَطْعًا أَمْكَنَ تَسْلِيمُهُ وَلَا يُفِيدُ) الْمَطْلُوبَ (إذْ الْأَوَّلُ) أَيْ كَوْنُ خَبَرِ الْوَاحِدِ يُفِيدُ الْعِلْمَ (هُوَ الْمُدَّعَى لَا الثَّانِيَ) وَهُوَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ الَّذِي أُجْمِعَ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ حَقٌّ قَطْعًا (وَسَوَاءٌ كَانَ) هَذَا الْمُجْمَعُ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ (مِنْهُمَا) أَيْ الصَّحِيحَيْنِ (أَوْ لَا يَكُونُ) مِنْهُمَا (وَقَدْ يَكُونُ) خَبَرُ الْوَحْدِ (مِنْهُمَا) أَيْ الصَّحِيحَيْنِ (وَلَا يُجْمَعُ عَلَيْهِ) أَيْ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ لِتَكَلُّمِ بَعْضِ أَهْلِ النَّقْدِ فِيهِ كالدارقطني قِيلَ وَجُمْلَةُ مَا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى الْبُخَارِيِّ مِائَةٌ وَعَشْرَةُ أَحَادِيثَ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى إخْرَاجِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ حَدِيثًا مِنْهَا أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ (فَالضَّابِطُ مَا أُجْمِعَ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ) لَا مَرْوِيِّهِمَا بِخُصُوصِهِ (وَهِيَ) أَيْ مَا أُجْمِعَ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ

[مَسْأَلَةٌ أُجْمِعَ عَلَى حُكْمٍ يُوَافِقُ خَبَرًا]

(مَسْأَلَةٌ إذَا أُجْمِعَ عَلَى حُكْمٍ يُوَافِقُ خَبَرًا قُطِعَ بِصِدْقِهِ) أَيْ الْخَبَرِ (عِنْدَ الْكَرْخِيِّ وَأَبِي هَاشِمٍ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ) فِي جَمَاعَةٍ (لِعَمَلِهِمْ) أَيْ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ (بِهِ) أَيْ بِالْخَبَرِ الْمُوَافِقِ لِعَمَلِهِمْ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِدْقِهِ (احْتَمَلَ الْإِجْمَاعُ الْخَطَأَ فَلَمْ يَكُنْ) الْإِجْمَاعُ (قَطْعِيَّ الْمُوجِبِ) وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ لِأَنَّهُ لَا إجْمَاعَ عَلَى خَطَأٍ وَلَا يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ (وَمَنَعَهُ) أَيْ الْقَطْعَ بِصِدْقِهِ (غَيْرُهُمْ) وَهُوَ الْجُمْهُورُ فَقَالُوا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ ظَنًّا وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وَصَاحِبُ الْبَدِيعِ (لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ) أَيْ عَمَلِهِمْ أَوْ عَمَلِ بَعْضِهِمْ (بِغَيْرِهِ) أَيْ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْأَدِلَّةِ لَا بِذَلِكَ الْخَبَرِ لِاحْتِمَالِ قِيَامِ الْأَدِلَّةِ الْكَثِيرَةِ عَلَى الْمَدْلُولِ الْوَاحِدِ وَحِينَئِذٍ لَا يَدُلُّ عَمَلُهُمْ عَلَى صِدْقِهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِهِ (وَلَوْ كَانَ) عَمَلُهُمْ (بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْخَبَرِ (لَمْ يَلْزَمْ احْتِمَالُ الْإِجْمَاعِ) لِلْخَطَأِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مُفِيدًا لِلظَّنِّ لِأَنَّهُ كَافٍ فِي الْعَمَلِ بِهِ (لِلْقَطْعِ بِإِصَابَتِهِمْ فِي الْعَمَلِ بِالْمَظْنُونِ) كَخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ وَمَعَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ لَا يُقْطَعُ بِصِدْقِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْغَالِبُ عَلَى الظَّنِّ (وَتَحْقِيقُهُ) كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْهِنْدِيُّ (أَنَّهُ) أَيْ الْإِجْمَاعَ الْمُوَافِقَ لِحُكْمِهِ (يُفِيدُ الْقَطْعَ بِحَقِّيَّةِ الْحُكْمِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ الْقَطْعَ بِصِدْقِ الْخَبَرِ) بِمَعْنَى (أَنَّهُ) أَيْ الْخَبَرَ بِلَفْظِهِ (سَمِعَهُ فُلَانٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -)

[مَسْأَلَةٌ أَخْبَرَ مُخْبِرٌ خَبَرًا عَنْ مَحْسُوسٍ]

(مَسْأَلَةٌ إذَا أَخْبَرَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>