للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَجْمُوعِ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الِانْفِرَادِ (وَقَدَّمْنَا نَحْوَهُ فِي تَعَدُّدِ طُرُقِ الضَّعِيفِ) بِغَيْرِ الْفِسْقِ مَعَ الْعَدَالَةِ (قِيلَ وَالثَّانِي) أَيْ كَوْنُ الْعَمَلِ بِالْمُسْنَدِ إذَا ضُمَّ إلَى الْمُرْسَلِ (وَارِدٌ) وَقَائِلُهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَنَعَ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ (وَالْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُسْنَدَ يُبَيِّنُ صِحَّةَ إسْنَادِ الْأَوَّلِ فَيُحْكَمُ لَهُ) أَيْ لِلْمُرْسَلِ (مَعَ إرْسَالِهِ بِالصِّحَّةِ) ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ (وَدُفِعَ) هَذَا الْجَوَابُ وَدَافِعُهُ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْهِنْدِيُّ (بِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ) تَبَيُّنُ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ الَّذِي فِيهِ الْإِرْسَالُ بِالْمُسْنَدِ (لَوْ كَانَ) الْإِسْنَادُ فِي كِلَيْهِمَا (وَاحِدًا لِيَكُونَ الْمَذْكُورُ إظْهَارًا لِلسَّاقِطِ وَلَمْ يُقْصِرْهُ) أَيْ كَوْنَ اعْتِضَادِ الْمُرْسَلِ بِالْمُسْنَدِ مُوجِبًا لِقَبُولِ الْمُرْسَلِ (عَلَيْهِ) أَيْ كَوْنِ الْإِسْنَادِ فِي كِلَيْهِمَا وَاحِدًا بَلْ أَطْلَقَ فَكَمَا يَتَنَاوَلُ هَذَا يَتَنَاوَلُ مَا إذَا تَعَدَّدَ إسْنَادُهُمَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْحَدِيثِ بِإِسْنَادٍ صِحَّتُهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ (وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّهُ يُعْمَلُ بِالْمُرْسَلِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَدَالَةُ رُوَاةِ الْمُسْنَدِ أَوْ بِلَا الْتِفَاتٍ إلَى تَعْدِيلِهِمْ) أَيْ رُوَاةِ الْمُسْنَدِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْعَمَلُ بِهِ) أَيْ بِالْمُسْنَدِ (ابْتِدَاءً) فَإِنَّهُ إنَّمَا يُعْمَلُ بِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ عَدَالَةِ رُوَاتِهِ (وَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ الشَّافِعِيِّ لَمْ يَنُصَّ عَلَى اشْتِرَاطِ عَدَالَتِهِمْ) أَيْ رُوَاةِ الْمُسْنَدِ (وَهِيَ) أَيْ عِبَارَتُهُ (قَوْلُهُ) وَالْمُنْقَطِعُ مُخْتَلِفٌ فَمَنْ شَاهَدَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ التَّابِعِينَ فَحَدَّثَ حَدِيثًا مُنْقَطِعًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اُعْتُبِرَ عَلَيْهِ بِأُمُورٍ مِنْهَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا أَرْسَلَ مِنْ الْحَدِيثِ

(فَإِنْ شَرِكَهُ الْحُفَّاظُ الْمَأْمُونُونَ فَأَسْنَدُوهُ) بِمِثْلِ مَعْنَى مَا رَوَى (كَانَتْ) هَذِهِ (دَلَالَةً) عَلَى صِحَّةِ مَنْ قِيلَ عَنْهُ وَحِفْظِهِ (وَهَذِهِ الصِّفَةُ لَا تُوجِبُ عِبَارَتُهُ ثُبُوتَهَا فِي سَنَدِهِمْ) قَالَ الْمُصَنِّفُ أَيْ شَرِكَهُ الْحُفَّاظُ الْمَأْمُونُونَ صِفَةً لِأَهْلِ سَنَدِ الْمُتَّصِلِ الْعَاضِدِ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي شَرِكَهُ لِلْمُرْسِلِ وَلَيْسَ جَمِيعَ رِجَالِ السَّنَدِ أَرْسَلُوا أَوْ وَصَلُوا بَلْ إنَّمَا يَتَيَسَّرُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْمُبْتَدِئِ بِذِكْرِ الْحَدِيثِ وَإِسْنَادِهِ فَهُوَ الَّذِي إنْ ذَكَرَ جَمِيعَ الرِّجَالِ فَقَدْ وَصَلَهُ وَإِنْ حَذَفَ بَعْضَهُمْ أَرْسَلَهُ فَلَزِمَ كَوْنُ الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا هِيَ لِلْمُخْرِجِينَ كَمَا أَنَّ الْمُرْسِلَ هُوَ الْمُخْرِجُ لِلْحَدِيثِ فَبَقِيَ سَاكِتًا عَنْ رِجَالِ السَّنَدِ غَيْرَ حَاكِمٍ عَلَيْهِمْ بِتَوْثِيقٍ أَوْ ضَعْفٍ (وَكَانَ الْإِيرَادُ) عَلَى الْعَمَلِ بِهِ إذَا أَتَى مُسْنَدًا أَيْضًا (بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ الصِّحَّةِ) أَيْ صِحَّةِ السَّنَدِ فِي الْمُسْنَدِ (وَالْجَوَابُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ يُشْتَرَطُ فِي سَنَدِ الْمُسْنَدِ الصِّحَّةُ (صَيْرُورَتُهُمَا) أَيْ الْمُسْنَدِ وَالْمُرْسَلِ (دَلِيلَيْنِ قَدْ يُفِيدُ فِي الْمُعَارَضَةِ) بِأَنْ يُرَجَّحَ عِنْدَ الْمُعَارَضَةِ دَلِيلٌ وَاحِدٌ هَذَا وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ وَإِرْسَالُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عِنْدِي حَسَنٌ فَفِي مَعْنَاهُ قَوْلَانِ لِأَصْحَابِهِ أَحَدُهُمَا أَنَّ مَرَاسِيلَهُ حُجَّةٌ لِأَنَّهَا فُتِّشَتْ فَوُجِدَتْ مُسْنَدَةً وَالثَّانِي أَنَّهُ يُرَجَّحُ بِهَا لِكَوْنِهِ مِنْ أَكَابِرِ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ لَا أَنَّهُ يُحْتَجُّ بِهَا وَالتَّرْجِيحُ بِالْمُرْسَلِ صَحِيحٌ قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ الصَّحِيحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا الثَّانِي لِأَنَّ فِي مَرَاسِيلِ سَعِيدٍ مَا لَمْ يُوجَدْ مُسْنَدًا بِحَالٍ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ

وَقَدْ جَعَلَ الشَّافِعِيُّ لِمَرَاسِيلِ كِبَارِ التَّابِعِينَ مَزِيَّةً كَمَا اسْتَحْسَنَ مُرْسَلَ سَعِيدٍ (وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ) وَهُوَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ (مَنْ أَدْرَجَ عَنْ رَجُلٍ فِي حُكْمِهِ) أَيْ الْمُرْسَلِ (مِنْ الْقَبُولِ عِنْدَ قَابِلِ الْمُرْسَلِ) وَهُوَ ظَاهِرُ صَنِيعِ أَبِي دَاوُد فِي كِتَابِ الْمَرَاسِيلِ (وَلَيْسَ) هَذَا مَقْبُولًا مِثْلَ الْمُرْسَلِ (فَإِنَّ تَصْرِيحَهُ) أَيْ الرَّاوِي (بِهِ) أَيْ بِمَنْ رَوَى عَنْهُ حَالَ كَوْنِهِ (مَجْهُولًا لَيْسَ كَتَرْكِهِ) أَيْ مَنْ رَوَى عَنْهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ (يَسْتَلْزِمُ تَوْثِيقَهُ) أَيْ مَنْ رَوَى عَنْهُ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ ابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ أَيْ فِي حُكْمِ الْمُنْقَطِعِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ وَرَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِنَا الْحَافِظِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنَّ الْقَائِلَ إنْ كَانَ تَابِعِيًّا كَبِيرًا حُمِلَ عَلَى الْإِرْسَالِ أَوْ صَغِيرًا حُمِلَ عَلَى الِانْقِطَاعِ نَظَرًا إلَى أَنَّ غَالِبَ حَالِهِمَا مُخْتَلِفٌ هَذَا إذَا قَالَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

أَمَّا نَحْوُ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عُمَرَ أَوْ عَنْ رَجُلٍ عَنْ فُلَانٍ فَلَا شَكَّ فِي انْقِطَاعِهِ انْتَهَى وَالْأَوْلَى أَنَّهُ مُتَّصِلٌ فِي إسْنَادِهِ مَجْهُولٌ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَحَكَاهُ الرَّشِيدُ الْعَطَّارُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ عَلَى مَا ذَكَرَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ (نَعَمْ يَلْزَمُ) حُكْمُ الْمُرْسَلِ مِنْ بَابِ أَوْلَى (كَوْنُ) قَوْلِ الْقَائِلِ (عَنْ الثِّقَةِ تَعْدِيلًا) فَيَكُونُ حَدَّثَنِي الثِّقَةُ تَعْدِيلًا فَوْقَ الْإِرْسَالِ عِنْدَ مَنْ يَقْبَلُهُ (بِخِلَافِهِ) أَيْ قَوْلِ الْقَائِلِ عَنْ الثِّقَةِ (عِنْدَ مَنْ يَرُدُّهُ) أَيْ الْمُرْسَلَ فَإِنَّهُ لَا يَعْتَبِرُهُ (إلَّا إنْ عُرِفَتْ عَادَتُهُ) أَيْ الْقَائِلِ عَنْ الثِّقَةِ (فِيهِ) أَيْ قَوْلِهِ هَذَا (الثِّقَةُ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>