للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِكَثْرَةِ الدَّلِيلِ ثَابِتًا لَكَانَ بِكَثْرَةِ دَلِيلِ الْإِرْثِ ثَابِتًا أَيْضًا، وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ وَهَذَا (بِخِلَافِ كَثْرَةٍ) يَكُونُ (بِهَا هَيْئَةً اجْتِمَاعِيَّةً) لِأَجْزَائِهَا

(وَالْحُكْمُ وَهُوَ الرُّجْحَانُ مَنُوطٌ بِالْمَجْمُوعِ) مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ لَا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَائِهَا فَإِنَّهُ يُرَجَّحُ بِهَا عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ (لِحُصُولِ زِيَادَةِ الْقُوَّةِ لِوَاحِدٍ) فِيهِ قُوَّةٌ زَائِدَةٌ وَهِيَ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ (فَلِذَا) أَيْ لِثُبُوتِ التَّرْجِيحِ بِالْكَثْرَةِ الَّتِي لَهَا هَيْئَةٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ وَالْحُكْمُ مَنُوطٌ بِمَجْمُوعِهَا مِنْ حَيْثُ هُوَ (رُجِّحَ) أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ (بِكَثْرَةِ الْأُصُولِ) أَيْ بِشَهَادَةِ أَصْلَيْنِ أَوْ أُصُولٍ لِوَصْفِهِ الْمَنُوطِ بِهِ الْحُكْمُ عَلَى مُعَارِضِهِ الَّذِي لَيْسَ كَذَلِكَ (فِي) بَابِ تَعَارُضِ (الْقِيَاسِ) ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْأُصُولِ تُوجِبُ زِيَادَةَ تَأْكِيدٍ وَلُزُومٍ لِلْحُكْمِ بِذَلِكَ الْوَصْفِ فَيَحْدُثُ بِهَا فِي نَفْسِ الْوَصْفِ قُوَّةٌ صَالِحَةٌ لِلتَّرْجِيحِ كَالِاشْتِهَارِ فِي السُّنَّةِ عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ خِلَافًا لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ مُسْتَوْفًى فِي الْقِيَاسِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(بِخِلَافِهِ) أَيْ مَا إذَا كَانَ الْحُكْمُ مَنُوطًا (بِكُلٍّ) لَا بِالْمَجْمُوعِ فَإِنَّهُ لَا يُرَجَّحُ بِالْكَثْرَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ ضَمِّ غَيْرِهِ إلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَثْرَةَ إنْ أَدَّتْ إلَى حُصُولِ هَيْئَةٍ اجْتِمَاعِيَّةٍ هِيَ وَصْفٌ وَاحِدٌ قَوِيُّ الْأَثَرِ صَلَحَتْ لِلتَّرْجِيحِ؛ لِأَنَّ الْمُرَجِّحَ هُوَ الْقُوَّةُ لَا الْكَثْرَةُ غَايَتُهُ أَنَّ الْقُوَّةَ حَصَلَتْ بِالْكَثْرَةِ وَإِلَّا فَلَا (وَأَجَابُوا) أَيْ الْأَكْثَرُ (بِالْفَرْقِ) بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الشَّهَادَةِ مَنُوطٌ بِأَمْرٍ وَاحِدٍ هُوَ هَيْئَةٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ فَالْأَكْثَرِيَّةُ وَالْأَقَلِّيَّةُ فِيهَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ هُوَ تِلْكَ الْهَيْئَةُ فَقَطْ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهَا بِكُلِّ وَاحِدٍ فَإِنَّ كُلَّ رَاوٍ بِمُفْرَدِهِ يُنَاطُ بِهِ الْحُكْمُ وَهُوَ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِرِوَايَتِهِ (وَبِأَنَّ الْكَثْرَةَ تُزِيدُ الظَّنَّ بِالْحُكْمِ قُوَّةً) ؛ لِأَنَّ الظَّنَّيْنِ فَصَاعِدًا أَقْوَى مِنْ ظَنٍّ وَاحِدٍ، وَالْعَمَلُ بِالْأَقْوَى وَاجِبٌ (فَيَتَرَجَّحُ) الْحُكْمُ الَّذِي لِمُفِيدِهِ كَثْرَةٌ عَلَى مُعَارِضِهِ الَّذِي لَا كَثْرَةَ لِمُفِيدِهِ وَهَذَا دَلِيلُ الْأَكْثَرِ أَدْمَجَهُ فِي الْجَوَابِ عَنْ حُجَّتِهِمَا (وَيُدْفَعُ) هَذَا (بِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ الْمَذْكُورِ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ) أَيْ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ زِيَادَةِ قُوَّةِ الظَّنِّ بِالْحُكْمِ مُرَجِّحًا لِمُعَارِضِهِ فِي أَصْلِ الظَّنِّ وَبِهِ، وَإِلَّا لَقَدَّمُوا ابْنَ الْعَمِّ الْأَخَ لِأُمٍّ أَوْ الزَّوْجَ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ فَقَطْ، وَبِأَنَّ كُلَّ دَلِيلٍ يُؤَثِّرُ فِي إثْبَاتِ الْمَدْلُولِ كَانَ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَلَيْسَ الْمَدْلُولُ مُتَعَلِّقًا بِالْجَمِيعِ حَتَّى يَكُونَ لِلْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ تَأْثِيرٌ فِي الْقُوَّةِ وَكَوْنُهُ مُوَافِقًا لِدَلِيلٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ لَهُ دَخْلٌ فِي إفَادَةِ قُوَّةٍ فِيهِ لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمُخَالَفَتِهِ لِلدَّلِيلِ الْآخَرِ (بِخِلَافِ بُلُوغِهِ) أَيْ الْخَبَرِ (الشُّهْرَةَ) حَيْثُ يَتَرَجَّحُ بِهِ عَلَى مُعَارِضِهِ مِمَّا هُوَ خَبَرُ وَاحِدٍ غَيْرُ مَشْهُورٍ فَإِنَّ الرُّجْحَانَ حِينَئِذٍ هَيْئَةٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ يَمْنَعُ كَذِبَهُمْ وَقَبْلَ الْبُلُوغِ إلَيْهَا كُلُّ وَاحِدٍ يَجُوزُ كَذِبُهُ

(وَقَدْ يُقَالُ:) تَرْجِيحًا لِلتَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ (إنْ لَمْ تُفِدْ كَثْرَةُ الرُّوَاةِ قُوَّةَ الدَّلَالَةِ فَتَجْوِيزُ كَوْنِهِ) أَيْ خَبَرِ مَا رُوَاتُهُ أَقَلُّ (بِحَضْرَةِ كَثِيرٍ لَا) الْخَبَرِ (الْآخَرِ) الْمُعَارِضِ لَهُ الَّذِي رُوَاتُهُ أَكْثَرُ (أَوْ) بِحَضْرَةِ قَوْمٍ (مُتَسَاوِينَ) فِي الْعَدَدِ لِعَدَدِ الْحَاضِرِينَ لِلْخَبَرِ الْآخَرِ الْمُعَارِضِ لَهُ (وَاتَّفَقَ نَقْلُ كَثِيرٍ) فِي الْخَبَرِ الَّذِي رُوَاتُهُ أَقَلُّ (دُونَهُ) أَيْ الْخَبَرِ الَّذِي رُوَاتُهُ أَكْثَرُ (بَلْ جَازَ الْأَكْثَرُ) أَيْ مَا رُوَاتُهُ أَكْثَرُ (بِحَضْرَةِ الْأَقَلِّ) عَدَدًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عَدَدِ الْحَاضِرِينَ، لِمَا رُوَاتُهُ أَقَلُّ فَلَا يَلْزَمُ الرُّجْحَانُ بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ (لَا يَنْفِي قُوَّةَ الثُّبُوتِ) لِمَا رُوَاتُهُ أَكْثَرُ (لِأَنَّهُ) أَيْ التَّجْوِيزُ الْمَذْكُورُ (مُعَارَضٌ بِضِدِّهِ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ الَّذِي رُوَاتُهُ أَكْثَرُ بِحَضْرَةِ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ مِمَّنْ حَضَرَ مَا رُوَاتُهُ أَقَلُّ (فَيَسْقُطَانِ) أَيْ التَّجْوِيزَانِ الْمَذْكُورَانِ (وَيَبْقَى مُجَرَّدُ كَثْرَةٍ تُفِيدُ قُوَّةَ الثُّبُوتِ) الْمُوجِبَةِ لِزِيَادَةِ الظَّنِّ وَهُوَ مَعْنَى الرُّجْحَانِ (بِخِلَافِ ثُبُوتِ جِهَتَيْ الْعُصُوبَةِ وَمَا مَعَهَا) مِنْ الْأُخُوَّةِ لِأُمٍّ أَوْ الزَّوْجِيَّةِ (عَنْ الشَّارِعِ فَإِنَّهُمَا سَوَاءٌ) فِي الثُّبُوتِ قُلْت عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ تَرْجِيحِ ابْنِ الْعَمِّ الزَّوْجِ وَإِجْمَاعِ مَنْ سِوَى ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى عَدَمِ تَرْجِيحِ ابْنِ الْعَمِّ الْأَخِ لِأُمٍّ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ فَقَطْ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ أَنْ لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِيَّةِ وَالْأُخُوَّةِ لِأُمٍّ يَقْتَضِي ابْتِدَاءَ إرْثِ جَمِيعِ الْمَالِ إذَا انْفَرَدَتْ فَتَتَوَارَدُ الْأَدِلَّةُ الْمُتَّحِدَةُ الْمُوجَبِ عَلَى مَوْرِدٍ وَاحِدٍ عَارَضَهَا فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ آخَرُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ يَقْتَضِي مُقْتَضَاهَا ثَمَّةَ، ثُمَّ لَمْ يَتَرَجَّحْ مُقْتَضِي تِلْكَ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ عَلَى مُقْتَضِي هَذَا فِي هَذَا الْمَحَلِّ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ التَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَمْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>