للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُمْتَنِعٌ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي الشَّرْعِ بِلَا دَلِيلٍ بَاطِلٌ فَهُوَ (عَنْ دَلِيلٍ) وَحِينَئِذٍ (فَإِنْ اطَّلَعُوا) أَيْ الْمُطْلِقُونَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الدَّلِيلِ (وَتَرَكُوهُ أَوْ لَمْ يَطَّلِعُوا) عَلَيْهِ (حَتَّى تَقَرَّرَ إجْمَاعُهُمْ عَلَى خِلَافِهِ لَزِمَ خَطَؤُهُ) أَيْ ذَلِكَ الدَّلِيلِ (إذْ لَوْ كَانَ) ذَلِكَ الدَّلِيلُ (صَوَابًا أَخْطَئُوا) بِتَرْكِ عَمَلِهِمْ بِهِ عَلِمُوهُ أَوْ جَهِلُوهُ (وَالتَّالِي) أَيْ خَطَؤُهُمْ (مُنْتَفٍ فَلَيْسَ) دَلِيلُ التَّفْصِيلِ (صَوَابًا) وَلِانْتِفَاءِ خَطَئِهِمْ لَزِمَ صَوَابُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنْ لَوْ كَانَ التَّفْصِيلُ صَحِيحًا كَانَ الْمُطْلِقُونَ مُخْطِئِينَ أَوْ جَاهِلِينَ وَهُوَ مُنْتَفٍ وَلُزُومُهُ هُوَ الْمُوجِبُ لِلْقَطْعِ بِصَوَابِ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ (وَالْمَانِعُ) مِنْ الْقَوْلِ بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ (لَمْ يَنْحَصِرْ فِي الْمُخَالَفَةِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ مُخَالَفَةً بَلْ جَازَ أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ لِلْقَطْعِ بِخَطَئِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ وَهُوَ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَزِمَ جَهْلُ الْكُلِّ أَوْ خَطَؤُهُمْ (مَعَ أَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْمُطْلِقَ) مِنْ الْفَرِيقَيْنِ (يَنْفِي التَّفْصِيلَ) ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ الْحَقُّ مَا ذَهَبْتُ إلَيْهِ لَا غَيْرُ (فَتَضَمُّنُهُ) أَيْ نَفْيِ التَّفْصِيلِ (وَإِطْلَاقُهُ) أَيْ الْمُطْلِقِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ فَقَدْ اجْتَمَعُوا فِي الْمَعْنَى عَلَى أَنَّ مَا هُوَ الْحَقُّ حَقِيقَةٌ فِي هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ لِإِيجَابِ كُلِّ طَائِفَةٍ الْأَخْذَ بِقَوْلِهَا أَوْ قَوْلِ مُخَالِفِهَا وَتَحْرِيمِ الْأَخْذِ بِغَيْرِهَا.

(وَأَمَّا قَوْلُهُمْ) أَيْ اسْتِدْلَالُ الْأَكْثَرِينَ بِأَنَّهُ لَوْ جَازَ التَّفْصِيلُ (يَلْزَمُ تَخْطِئَةُ كُلِّ فَرِيقٍ) مِنْ الْمُطْلِقِينَ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُفَصِّلُوا (فَيَلْزَمُ تَخْطِئَتُهُمْ) أَيْ الْأُمَّةِ كُلِّهَا وَتَخْطِئَتُهَا غَيْرُ جَائِزٍ لِلنَّصِّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ فَالتَّفْصِيلُ غَيْرُ جَائِزٍ (فَدُفِعَ بِأَنَّ الْمُنْتَفِي) فِي النَّصِّ (تَخْطِئَةُ الْكُلِّ فِيمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ لَا تَخْطِئَةُ كُلٍّ فِي غَيْرِ مَا خَطِئَ فِيهِ الْآخَرُ) وَلَازِمٌ التَّفْصِيلُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ نَعَمْ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ وَوَجَّهَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْأَدِلَّةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِعِصْمَةِ الْأُمَّةِ عَنْ الْخَطَأِ شَامِلَةٌ لِلصُّورَتَيْنِ فَالتَّخْصِيصُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ لَكِنْ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ، وَهَذَا النَّظَرُ لَهُ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ انْقِسَامُ الْأُمَّةِ إلَى شَطْرَيْنِ كُلُّ شَطْرٍ مُخْطِئٌ فِي مَسْأَلَةٍ؟

الْأَكْثَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَاخْتَارَ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافَهُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْمَحْذُورَ حُصُولُ الِاجْتِمَاعِ مِنْهَا عَلَى الْخَطَأِ إذْ لَيْسَ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ الْأُمَّةِ بِمَعْصُومٍ فَإِذَا انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ بِخَطَأٍ غَيْرِ خَطَأِ صَاحِبِهِ فَلَا إجْمَاعَ عَلَى الْخَطَأِ (الْمُجَوِّزِ مُطْلَقًا اخْتِلَافَهُمْ) أَيْ الْمُجْمِعِينَ الْأَوَّلِينَ عَلَى قَوْلَيْنِ عَلَى سَبِيلِ التَّوْزِيعِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ (دَلِيلِ تَسْوِيغِ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ الِاجْتِهَادُ) فِيهَا؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِيهَا دَالٌّ عَلَى كَوْنِهَا اجْتِهَادِيَّةً فَسَاغَ فِيهَا الِاجْتِهَادُ فَسَاغَ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ الِاجْتِهَادُ (فَلَا يَكُونُ) اخْتِلَافُهُمْ عَلَى قَوْلَيْنِ فِيهَا (مَانِعًا) مِنْ إحْدَاثِ ثَالِثٍ فِيهَا بَلْ مُسَوِّغًا لَهُ لِصُدُورِهِ عَنْ اجْتِهَادٍ أَيْضًا (أُجِيبُ) بِأَنَّ اخْتِلَافَهُمْ دَلِيلُ تَسْوِيغِ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ الِاجْتِهَادُ (بِشَرْطِ عَدَمِ حُدُوثِ إجْمَاعٍ مَانِعٍ) مِنْ الِاجْتِهَادِ (كَمَا لَوْ اخْتَلَفُوا) فِي حُكْمِ حَادِثَةٍ (ثُمَّ أَجْمَعُو هُمْ) عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ فِيهِ وَهُنَا وُجِدَ إجْمَاعٌ مَانِعٌ مِنْ الِاجْتِهَادِ وَهُوَ إجْمَاعُهُمْ مَعْنًى عَلَى عَدَمِ التَّفْصِيلِ كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ (قَالُوا) أَيْ الْمُجَوِّزُونَ مُطْلَقًا أَيْضًا (لَوْ لَمْ يَجُزْ) إحْدَاثُ قَوْلٍ ثَالِثٍ مُطْلَقًا (لَأُنْكِرَ إذْ وَقَعَ) لَكِنَّهُ وَقَعَ (وَلَمْ يُنْكَرْ قَالَ الصَّحَابَةُ لِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ) بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجَيْنِ (فِيهِمَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَزَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ (وَابْنُ عَبَّاسٍ ثُلُثُ الْكُلِّ) فِيهِمَا كَمَا رَوَاهُ الْجَارُودِيُّ عَنْهُ وَعَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا (فَأَحْدَثَ ابْنُ سِيرِينَ وَغَيْرُهُ) وَهُوَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو الشَّعْثَاءِ كَمَا ذَكَرَ الْجَصَّاصُ (أَنَّ) لِلْأُمِّ (فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ) وَأَبَوَيْنِ (كَابْنِ عَبَّاسٍ وَالزَّوْجَةِ) أَيْ وَلِلْأُمِّ فِي مَسْأَلَتِهَا مَعَ الْأَبَوَيْنِ (كَالصَّحَابَةِ، وَعَكَسَ تَابِعِيٌّ آخَرَ) وَهُوَ الْقَاضِي شُرَيْحٌ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْكَافِي فَقَالَ لَهَا فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ كَالصَّحَابَةِ وَفِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ كَابْنِ عَبَّاسٍ (وَلَمْ يُنْكَرْ) إحْدَاثُ كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ (وَإِلَّا) لَوْ أُنْكِرَ (نُقِلَ) وَلَمْ يُنْقَلْ وَالْوُقُوعُ دَلِيلُ الْجَوَازِ.

(أَجَابَ الْمُفَصِّلُ بِأَنَّهُ) أَيْ هَذَا التَّفْصِيلَ مِنْ كُلٍّ (مِنْ قِسْمِ الْجَائِزِ) إحْدَاثُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ مُجْمَعًا عَلَيْهِ بَلْ قَالَ فِي كُلِّ صُورَةٍ بِقَوْلٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (وَمُطْلِقُو الْمَنْعِ) أَيْ وَأَجَابَ الْمَانِعُونَ مُطْلَقًا (بِمَنْعِ) كُلٍّ مِنْ (انْتِفَاءِ الْإِنْكَارِ وَلُزُومِ النَّقْلِ لَوْ أَنْكَرَ، وَالشُّهْرَةُ لَوْ نُقِلَ) بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَنْكَرَ وَلَمْ يُنْقَلْ الْإِنْكَارُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ نُقِلَ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَشْتَهِرَ فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا لَيْسَ مِمَّا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى حِكَايَةِ إنْكَارِهِ وَنَقْلِهِ أَلْبَتَّةَ.

[مَسْأَلَةٌ الْجُمْهُورُ إذَا أَجْمَعُوا أَيْ أَهْلُ عَصْرٍ عَلَى دَلِيلٍ لِحُكْمٍ]

(مَسْأَلَةٌ الْجُمْهُورُ إذَا أَجْمَعُوا) أَيْ أَهْلُ عَصْرٍ (عَلَى دَلِيلٍ) لِحُكْمٍ (أَوْ تَأْوِيلٍ جَازَ) لِمَنْ بَعْدَهُمْ (إحْدَاثُ غَيْرِهِمَا) مِنْ غَيْرِ إلْغَاءِ الْأَوَّلِ فَإِنْ قُلْت

<<  <  ج: ص:  >  >>