للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِصَاحِبِ الثُّلُثِ (قَالَ) الشَّافِعِيُّ (هِيَ) أَيْ الشُّفْعَةُ (مِنْ مَرَافِقِ الْمِلْكِ) أَيْ مَنَافِعِهِ (كَالْوَلَدِ) لِلْحَيَوَانِ (وَالثَّمَرَةِ) لِلشَّجَرَةِ الْمُشْتَرِكَيْنِ بَيْنَهُمَا فَيُقْسَمُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ (أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ انْقِسَامَ الْمَعْلُولِ بِحَسَبِ التَّفَاوُتِ فِي أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ إنَّمَا هُوَ (فِي الْعِلَلِ الْمَادِّيَّةِ) الَّتِي يَتَوَلَّدُ الْمَعْلُولُ مِنْهَا كَالْحَيَوَانِ لِلْوَلَدِ وَالشَّجَرِ لِلثَّمَرِ (وَعِلَّةُ الْقِيَاسِ) لَيْسَتْ مِنْهَا بَلْ هِيَ (كَالْفَاعِلِيَّةِ) مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ فِي الْمَعْلُولِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ أَنَّ تَأْثِيرَ الْعِلَّةِ الْفَاعِلَةِ فِي الْمَعْلُولِ لَيْسَ بِطَرِيقِ التَّوَلُّدِ بَلْ بِإِيجَادِ اللَّهِ تَعَالَى إيَّاهُ عَقِبَهُ وَمِلْكُ الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَإِنَّهُ عِلَّةٌ فَاعِلِيَّةٌ تَثْبُتُ بِهِ الشُّفْعَةُ لَا عِلَّةٌ مَادِّيَّةٌ تَتَوَلَّدُ مِنْهُ فَلَا يَكُونُ تَرَتُّبُ اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ عَلَيْهِ كَتَرَتُّبِ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ فَلَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهِ هَذَا.

(وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِعُ الْمِلْكَ عِلَّةً لِلشُّفْعَةِ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ) بِالنَّصْبِ بَدَلٌ مِنْ الْمِلْكِ (فَجَعْلُ كُلُّ جُزْءٍ مِنْ الْعِلَّةِ عِلَّةً لِجُزْءٍ مِنْ الْمَعْلُولِ نَصْبُ الشَّرْعِ بِالرَّأْيِ) وَهُوَ بَاطِلٌ (وَلَوْ عَجَزَ) الْمُجْتَهِدُ (عَنْ التَّرْجِيحِ) لِأَحَدِ الْقِيَاسَيْنِ (عَمِلَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ بِشَهَادَةِ قَلْبِهِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ التَّعَارُضِ وَأَوْضَحْنَاهُ ثَمَّةَ (وَقَابَلُوا) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ (أَرْبَعَةَ الصِّحَّةِ) أَيْ أَرْبَعَةَ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ الصَّحِيحَةِ السَّالِفَةِ الْآنَ (بِأَرْبَعَةٍ) مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ (فَاسِدَةِ التَّرْجِيحِ بِمَا يَصْلُحُ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً) لِأَنَّهُ تَرْجِيحٌ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَقَدْ عَرَفْت وَجْهَهُ وَدَفْعَهُ فِي فَصْلِ التَّرْجِيحِ فَهَذَا أَحَدُهَا (وَبِغَلَبَةِ الْأَشْبَاهِ) أَيْ وَالتَّرْجِيحُ بِهَا أَيْ (كَوْنُ الْفَرْعِ لَهُ بِأَصْلٍ أَوْ أُصُولِ وُجُوهِ شَبَهٍ فَلَا يُرَجَّحُ) أَيْ لَا يُقَدَّمُ إلْحَاقُ الْفَرْعِ بِذَلِكَ الْأَصْلِ أَوْ الْأُصُولِ بِوَاسِطَةِ تَعَدُّدِ شَبَهِهِ بِهِ أَوْ بِهَا (عَلَى مَا) أَيْ عَلَى إلْحَاقِهِ بِأَصْلٍ آخَرَ يُخَالِفُ الْأَوَّلَ (لَهُ) أَيْ لِلْفَرْعِ (بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْأَصْلِ (شَبَهٌ) وَاحِدٌ (وَعَنْ كَثِيرٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ نَعَمْ) يُرَجَّحُ مَا لَهُ وُجُوهُ شَبَهٍ بِأَصْلٍ أَوْ أُصُولٍ عَلَى مَا لَهُ شَبَهٌ بِأَصْلٍ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْقَوَاطِعِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْقِيَاسَ إنَّمَا جُعِلَ حُجَّةً لِإِفَادَةِ غَلَبَةِ الظَّنِّ وَهِيَ تَزْدَادُ عِنْدَ كَثْرَةِ الْأَشْبَاهِ كَمَا عِنْدَ كَثْرَةِ الْأُصُولِ وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا تُرَجَّحُ (لِأَنَّهَا) أَيْ الْأَشْبَاهَ (تَعَدُّدُ أَوْصَافٍ) تُجْعَلُ عِلَلًا فَكُلُّ شَبَهٍ وَصْفٌ عَلَى حِدَةٍ يَصْلُحُ عِلَّةً (فَتَرْجِيعُ) الْأَشْبَاهِ (إلَى تَعَدُّدِ الْأَقْيِسَةِ) فَالتَّرْجِيحُ بِهَا مِنْ التَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ (بِخِلَافِ تَعَدُّدِ الْأُصُولِ) فَإِنَّهُ لَيْسَ التَّرْجِيحُ بِهَا مِنْ التَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ (لِاتِّحَادِ الْوَصْفِ) فِيهَا.

(وَكُلُّ أَصْلٍ يَشْهَدُ بِصِحَّتِهِ) أَيْ الْوَصْفِ (فَيُوجِبُ ثَبَاتَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْوَصْفِ وَقُوَّتِهِ (وَاعْلَمْ أَنَّ كَثْرَةَ الْأُصُولِ) تَكُونُ (بِوَحْدَةِ الْوَصْفِ) أَيْ مَعَهَا (وَهُوَ) أَيْ وَهَذَا (مَحَلُّ التَّرْجِيحِ) أَيْ مَا يَقُومُ بِهِ التَّرْجِيحُ فَيَكُونُ مُرَجِّحًا (وَ) تَكُونُ (مَهْ تَعَدُّدَهُ) أَيْ الْوَصْفِ (اتِّحَادُ الْحُكْمِ وَهِيَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ يَتَعَدَّدُ الْوَصْفُ وَيَتَّحِدُ الْحُكْمُ (أَقْيِسَةٌ مُتَمَاثِلَةٌ لَا تَرْجِيحَ مَعَهَا) لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ أَدِلَّةٌ مُتَكَثِّرَةٌ وَلَا تَرْجِيحَ بِهَا.

(وَ) تَكُونُ (مَعَ تَعَدُّدِهِ) أَيْ الْوَصْفِ حَالَ كَوْنِهَا (مُتَبَايِنَةً مُتَعَارِضَةً وَهِيَ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا التَّرْجِيحُ) ثُمَّ مِثَالُ التَّرْجِيحِ بِغَلَبَةِ الْأَشْبَاهِ (كَمَا لَوْ قِيلَ الْأَخُ كَالْأَبَوَيْنِ فِي الْمَحْرَمِيَّةِ و) مِثْلُ (ابْنِ الْعَمِّ فِي حِلِّ الْحَلِيلَةِ وَالزَّكَاةِ وَالشَّهَادَةِ وَالْقِصَاصِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ) إذْ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْ الْأَخَوَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَ حَلِيلَةَ أَخِيهِ وَأَنْ يَدْفَعَ زَكَاتَهُ إلَيْهِ وَأَنْ يَشْهَدَ لَهُ وَأَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ إذَا وَجَدَ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ وَانْتَفَى الْمَانِعُ مِنْهُ كَمَا فِي ابْنِ الْعَمِّ (فَيُرَجَّحُ إلْحَاقُهُ) أَيْ الْأَخِ (بِهِ) أَيْ بِابْنِ الْعَمِّ فَلَا يَعْتِقُ بِمِلْكِهِ إيَّاهُ كَمَا لَا يُعْتِقُ ابْنُ عَمِّهِ بِمِلْكِهِ إيَّاهُ لِأَنَّ شَبَهَ الْأَخِ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ شَبَهِهِ بِالْأَبَوَيْنِ (فَيَمْنَعُ) تَرْجِيحَ إلْحَاقِ الْأَخِ بِابْنِ الْعَمِّ بِكَثْرَةِ الْأَشْبَاهِ (بِأَنَّهُ) أَيْ التَّرْجِيحَ بِهَا (بِمُسْتَقِلٍّ) أَيْ تَرْجِيحٌ بِوَصْفٍ مُسْتَقِلٍّ (إذْ كُلٌّ) مِنْ وُجُوهِ الْمُشَبَّهِ بِهِ (يَسْتَقِلُّ) وَصْفًا (جَامِعًا) بَيْنَ الْأَخِ وَابْنِ الْعَمِّ فِي الْحُكْمِ وَلَا تَرْجِيحَ بِمُسْتَقِلٍّ وَهَذَا ثَانِيهَا (وَبِزِيَادَةِ التَّعْدِيَةِ) أَيْ وَالتَّرْجِيحُ بِكَوْنِ إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ أَكْثَرَ مَحَالَّ مِنْ الْأُخْرَى (كَتَرْجِيحِ الطُّعْمِ) أَيْ التَّعْلِيلِ بِهِ لِحُرْمَةِ الرِّبَا فِي الْأَشْيَاءِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي هِيَ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ وَالْمِلْحُ عَلَى تَعْلِيلِ حُرْمَتِهِ فِيهَا بِالْكَيْلِ وَالْجِنْسِ (لِتَعَدِّيهِ) أَيْ الطُّعْمِ (إلَى الْقَلِيلِ) كَمَا لِلْكَثِيرِ فَيَحْرُمُ بَيْعُ تُفَّاحَةٍ بِتُفَّاحَتَيْنِ وَتَمْرَةٍ بِتَمْرَتَيْنِ (دُونَ الْكَيْلِ) فَإِنَّهُ لَا يَتَعَدَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>