للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَحَرُمَ) (خِطْبَةُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ: أَيْ الْتِمَاسُ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ (الرَّاكِنَةِ) هِيَ - إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا - رَشِيدَةً، أَوْ وَلِيَّهَا إنْ كَانَتْ بِخِلَافِهَا (لِغَيْرِ فَاسِقٍ) وَهُوَ الصَّالِحُ أَوْ الْمَسْتُورُ الْحَالِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْخَاطِبُ الثَّانِي صَالِحًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ مَسْتُورًا.

فَإِنْ رَكَنَتْ لِفَاسِقٍ لَمْ يَحْرُمْ إنْ كَانَ الثَّانِي صَالِحًا أَوْ مَجْهُولًا، إذْ لَا حُرْمَةَ لِلْفَاسِقِ، بَلْ فِي نِكَاحِهَا تَخْلِيصٌ لَهَا مِنْ فِسْقِهِ، وَظَاهِرُهُ: سَوَاءٌ كَانَ فَاسِقًا بِجَارِحَةٍ أَوْ عَقِيدَةٍ، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَاسِقًا مِثْلَهُ حَرُمَ أَيْضًا، وَظَاهِرُهُ قَدَّرَ صَدَاقًا أَمْ لَا،

ــ

[حاشية الصاوي]

[خِطْبَة الرَّاكِنَة وَالْمُعْتَدَّة وَالْمَوْطُوءَة]

قَوْلُهُ: [وَحَرُمَ خِطْبَةُ] إلَخْ: حَاصِلُ هَذَا الْمَبْحَثِ أَنَّ صُوَرَهُ تِسْعٌ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي مِثْلِهَا يَحْرُمُ مِنْهَا سَبْعٌ وَيَجُوزُ اثْنَانِ، هَذَا مَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَلَك أَنْ تَجْعَلَهَا سِتَّةَ عَشَرَ بِزِيَادَةِ الذِّمِّيِّ حَيْثُ كَانَتْ الْمَخْطُوبَةُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَيَصِيرُ الْمَضْرُوبُ أَرْبَعَةً فِي مِثْلِهَا مَتَى كَانَ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ صَالِحًا أَوْ مَجْهُولَ حَالٍ، أَوْ ذِمِّيًّا يَحْرُمُ مُطْلَقًا كَانَ الثَّانِي صَالِحًا أَوْ مَجْهُولَ حَالٍ أَوْ فَاسِقًا أَوْ ذِمِّيًّا، وَكَذَا إنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَاسِقًا وَالثَّانِي فَاسِقًا فَالْحُرْمَةُ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَالْجَوَازُ فِي ثَلَاثَةٍ. إنْ قُلْت إنَّ الذِّمِّيَّ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْفَاسِقِ، فَكَانَ مُقْتَضَاهُ لَا تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ عَلَيْهِ كَالْفَاسِقِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَهُ دِينٌ يُقَرُّ عَلَيْهِ، وَالْفَاسِقُ لَا يُقَرُّ عَلَى فِسْقِهِ فَكَانَ بِهَذَا الْمَعْنَى أَسْوَأَ حَالًا مِنْهُ.

قَوْلُهُ: [إنْ كَانَتْ بِخِلَافِهَا] : أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً أَوْ سَفِيهَةً، فَإِذَا رَدَّتْ الْمُجْبَرَةُ وَمَنْ فِي حُكْمِهَا الْخَاطِبَ لَمْ تَحْرُمْ خِطْبَتُهَا لِغَيْرِهِ، وَكَذَا إذَا رَدَّتْ غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ خِطْبَةَ الْأَوَّلِ لَمْ تَحْرُمْ خِطْبَةُ غَيْرِهِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رُكُونُ الْمُجْبَرَةِ مَعَ رَدِّ مُجْبِرِهَا وَلَا رَدُّهَا مَعَ رُكُونِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ رُكُونُ أُمِّهَا أَوْ وَلِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبِرِ مَعَ رَدِّهَا. وَلَا رَدُّ أُمِّهَا أَوْ وَلِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبِرِ مَعَ رِضَاهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ رَدَّ الْمَرْأَةِ أَوْ وَلِيِّهَا بَعْدَ الرُّكُونِ لِلْخَاطِبِ لَا يَحْرُمُ مَا لَمْ يَكُنْ الرَّدُّ لِأَجْلِ خِطْبَةِ الثَّانِي، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ الْخَاطِبَ الثَّانِيَ وَادَّعَتْ هِيَ أَوْ مُجْبِرُهَا أَنَّهَا كَانَتْ رَجَعَتْ عَنْ الرُّكُونِ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ خِطْبَةِ الثَّانِي وَادَّعَى الْأَوَّلُ أَنَّ الرُّجُوعَ بِسَبَبِ خِطْبَةِ الثَّانِي وَلَا قَرِينَةَ لِأَحَدِهِمَا، فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأُجْهُورِيُّ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِهَا أَوْ بِقَوْلِ مُجْبِرِهَا، لِأَنَّ هَذَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِمَا، وَلِأَنَّ دَعْوَاهُ تُوجِبُ الْفَسَادَ وَدَعْوَاهُمَا تُوجِبُ الصِّحَّةَ وَالْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ الصِّحَّةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>