للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرُّكْنِ الثَّانِي: وَهُوَ الْوَلِيُّ، مُقَسِّمًا لَهُ إلَى مُجْبِرٍ وَغَيْرِهِ فَقَالَ: (وَالْوَلِيُّ) قِسْمَانِ: (مُجْبِرٌ وَغَيْرُهُ) .

(فَالْمُجْبِرُ) أَحَدُ ثَلَاثَةٍ:

الْأَوَّلُ: (الْمَالِكُ) لِأَمَةٍ أَوْ عَبْدٍ لَهُ جَبْرُهُ عَلَى النِّكَاحِ (وَلَوْ) كَانَ الْمَالِكُ (أُنْثَى) ؛ فَلَهَا جَبْرُ أَمَتِهَا أَوْ عَبْدِهَا عَلَى النِّكَاحِ، وَلَكِنْ تُوَكِّلُ فِي الْعَقْدِ

ــ

[حاشية الصاوي]

تَنْبِيهَانِ:

الْأَوَّلُ: اُخْتُلِفَ فِي كُلِّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ، كَبِعْتُ أَوْ مَلَّكْت أَوْ أَحْلَلْت أَوْ أَعْطَيْت أَوْ مَنَحْت، وَهَلْ هِيَ كَوَهَبْتُ يَنْعَقِدُ بِهَا النِّكَاحُ إنْ سَمَّى صَدَاقًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا؟ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ وَالْبَاجِيِّ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ، أَوْ لَا يَنْعَقِدُ بِهَا وَلَوْ سَمَّى صَدَاقًا؟ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ كَكُلِّ لَفْظٍ لَا يَقْتَضِي الْبَقَاءَ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ اتِّفَاقًا كَالْحَبْسِ وَالْوَقْفِ وَالْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْعُمْرَى، فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ:

الْأَوَّلُ: يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ سَمَّى صَدَاقًا أَمْ لَا، وَهُوَ أَنْكَحْت وَزَوَّجْت.

وَالثَّانِي: يَنْعَقِدُ إنْ سَمَّى صَدَاقًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَهُوَ وَهَبْت فَقَطْ.

وَالثَّالِثُ: مَا فِيهِ الْخِلَافُ وَهُوَ كُلُّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ.

وَالرَّابِعُ: مَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا وَهُوَ كُلُّ لَفْظٍ لَا يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ.

الثَّانِي: يَلْزَمُ النِّكَاحُ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ، وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ الْهَزْلِ، لِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْخِيَارُ إلَّا خِيَارُ الْمَجْلِسِ، فَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ عِنْدَنَا فِي خُصُوصِ النِّكَاحِ إذَا اُشْتُرِطَ.

[الرُّكْن الثَّانِي مِنْ أَرْكَان النِّكَاح الْوَلِيّ]

[الْأَوَّل مِنْ الْوَلِيّ المجبر الْمَالِك لِأَمَةٍ أَوْ عَبْد]

قَوْلُهُ: [الْأَوَّلُ الْمَالِكُ] : قَدَّمَهُ لِقُوَّةِ تَصَرُّفِهِ لِأَنَّهُ يُزَوِّجُ الْأَمَةَ مَعَ وُجُودِ أَبِيهَا وَلَهُ جَبْرُ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ وَالْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، لِأَنَّهُمَا مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِ وَلَهُ أَنْ يُصْلِحَ مَالَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ.

قَوْلُهُ: [وَلَكِنْ تُوَكِّلُ فِي الْعَقْدِ] : أَيْ عَلَى الْأَمَةِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَلَهَا الْعَقْدُ بِنَفْسِهَا، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَالِكِ الْمُجْبِرِ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالرُّشْدُ، فَإِنَّ الْكَافِرَ لَا نَتَعَرَّضُ لَهُ فِي مَمْلُوكِهِ الْكَافِرِ، فَإِنْ كَانَ مَمْلُوكُهُ مُسْلِمًا فَلَا يُقَرُّ تَحْتَ يَدِهِ، بَلْ يُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ يَدِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَالِكُ عَبْدًا فَالْجَبْرُ لِمَالِكِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ الْمَالِكُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، أَوْ مُكَاتَبًا فَإِنَّهُ يُجْبِرُ رَقِيقَهُ بِنَفْسِهِ، وَلَكِنْ لَا يَتَوَلَّى الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>