للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكَانَ أَبَيْنَ (فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ ابْنَتَهُ الْمُوسِرَةَ الْمَرْغُوبَ فِيهَا مِنْ فَقِيرٍ) لَا مَالَ لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَزْوِيجِ، (إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ) : كَأَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ ذِي عَيْبٍ أَوْ فَاسِقٍ أَوْ عَبْدٍ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، فَلَيْسَ لَهُ جَبْرُهَا فَيَكُونُ لَهَا حِينَئِذٍ كَلَامٌ بِأَنْ تَرْفَعَ لِلْحَاكِمِ لِيَمْنَعَهُ مِنْ تَزْوِيجِهَا مِنْهُمْ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَرُوِيَ أَنَّ لَهَا كَلَامًا مُطْلَقًا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْكَفَاءَةَ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْمَالُ كَالْحَالِ وَالدِّينِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَنْ يَحْرُمُ نِكَاحُهُ أَصَالَةً فَقَالَ (وَحَرُمَ) عَلَى الشَّخْصِ إجْمَاعًا (الْأَصْلُ) : وَهُوَ كُلُّ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ وَإِنْ عَلَا، (وَالْفَرْعُ، وَإِنْ) كَانَ (مِنْ زِنًا)

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [مِنْ فَقِيرٍ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ابْنَ أَخٍ لَهُ أَوْ غَيْرَهُ كَانَتْ الْأُمُّ مُطَلَّقَةً أَوْ فِي الْعِصْمَةِ، وَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ فِي الرِّوَايَةِ ابْنَ الْأَخِ وَالْأُمُّ مُطَلَّقَةٌ لِأَنَّهُ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ مُخَرَّجٌ عَلَى سُؤَالِ سَائِلٍ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ. وَمِثْلُ الْفَقِيرِ مَنْ يُغَرِّبُهَا عَنْ أُمِّهَا مَسَافَةَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ، فَالْحَقُّ أَنَّ الْأُمَّ لَا تَكَلُّمَ لَهَا إلَّا فِي الضَّرَرِ الْبَيِّنِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ، وَأَصْلُ هَذَا قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ: أَتَتْ امْرَأَةٌ مُطَلَّقَةٌ إلَى مَالِكٍ فَقَالَتْ: إنَّ لِي ابْنَةً فِي حِجْرِي مُوسِرَةً مَرْغُوبًا فِيهَا، فَأَرَادَ أَبُوهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ ابْنِ أَخٍ لَهُ فَقِيرٍ، أَفَتَرَى لِي فِي ذَلِكَ مُتَكَلَّمًا؟ قَالَ: نَعَمْ إنِّي لَأَرَى لَك مُتَكَلَّمًا (اهـ) . رُوِيَ قَوْلُهُ لَأَرَى لَك بِالْإِثْبَاتِ وَبِالنَّفْيِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ وَأَنَا أَرَاهُ مَاضِيًا أَيْ فَلَا تَكَلُّمَ لَهَا إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ. وَاخْتُلِفَ فِي جَوَابِ ابْنِ الْقَاسِمِ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ؟ فَقِيلَ وِفَاقٌ بِتَقْيِيدِ كَلَامِ الْإِمَامِ بِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَى رِوَايَةِ النَّفْيِ أَوْ الضَّرَرِ عَلَى رِوَايَةِ الْإِثْبَاتِ، فَوَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقِيلَ خِلَافٌ بِحَمْلِ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى إطْلَاقِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ بِالْإِثْبَاتِ أَوْ النَّفْيِ كَانَ هُنَاكَ ضَرَرٌ أَمْ لَا، وَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ الضَّرَرِ الْبَيِّنِ وَعَدَمِهِ (اهـ مِنْ الْأَصْلِ) .

[بَيَانِ مَنْ يَحْرُمُ نِكَاحُهُ أَصَالَةً]

قَوْلُهُ: [وَإِنْ كَانَ مِنْ زِنًا] : رَدَّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى ابْنِ الْمَاجِشُونِ حَيْثُ قَالَ: لَا تَحْرُمُ الْبِنْتُ الَّتِي خُلِقَتْ مِنْ الْمَاءِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْعَقْدِ وَمَا يُشْبِهُهُ مِنْ الشُّبْهَةِ عَلَى صَاحِبِ الْمَاءِ، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِنْتًا لَوَرِثَتْهُ وَوَرِثَهَا وَجَازَ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا وَإِجْبَارُهَا عَلَى النِّكَاحِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>