للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاءَ (إلَّا) إذَا أَرَادَ السَّفَرَ (فِي قُرْبَةٍ) أَيْ لِعِبَادَةٍ كَحَجٍّ وَغَزْوٍ (فَيُقْرِعُ) بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُنَّ، فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهَا أَخَذَهَا مَعَهُ لِأَنَّ الرَّغَبَاتِ تَعْظُمُ فِي الْعِبَادَاتِ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ الْقَسْمِ، أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى أَحْكَامِ النُّشُوزِ فَقَالَ:

(وَوَعَظَ) الزَّوْجُ (مَنْ نَشَزَتْ) : أَيْ خَرَجَتْ عَنْ طَاعَتِهِ بِمَنْعِهَا التَّمَتُّعَ بِهَا أَوْ خُرُوجِهَا بِلَا إذْنٍ لِمَكَانٍ لَا يَجِبُ خُرُوجُهَا لَهُ، أَوْ تَرَكَتْ حُقُوقَ اللَّهِ كَالطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ، أَوْ أَغْلَقَتْ الْبَابَ دُونَهُ أَوْ خَانَتْهُ فِي نَفْسِهَا أَوْ مَالِهِ. الْوَعْظُ: ذِكْرُ مَا يَقْتَضِي رُجُوعَهَا عَمَّا ارْتَكَبَتْهُ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ بِرِفْقٍ. وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ النَّاشِزِ: وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَوَقَعَ بِهِ الْحُكْمُ - وَهُوَ الصَّحِيحُ - أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى رَدِّهَا وَلَوْ بِالْحُكْمِ مِنْ الْحَاكِمِ، وَلَمْ يَفْعَلْ فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَإِنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ لِحَمِيَّةِ قَوْمِهَا، وَكَانَتْ مِمَّنْ لَا تَنْفُذُ فِيهِمْ الْأَحْكَامُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا.

(ثُمَّ) إنْ لَمْ يُفِدْ فِيهَا الْوَعْظُ (هَجَرَهَا) فِي الْمَضَاجِعِ فَلَا يَنَامُ مَعَهَا فِي فُرُشٍ، وَلَا يُبَاشِرُهَا لَعَلَّهَا تَرْجِعُ عَنْ نُشُوزِهَا.

(ثُمَّ) إنْ لَمْ يُفِدْ الْهَجْرُ (ضَرَبَهَا) ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ. وَلَا يَجُوزُ الضَّرْبُ

ــ

[حاشية الصاوي]

[السَّفَرُ بِالزَّوْجَاتِ]

قَوْلُهُ: [إلَّا إذَا أَرَادَ السَّفَرَ فِي قُرْبَةٍ] : أَيْ وَهَذَا هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ، وَهِيَ الِاخْتِيَارُ مُطْلَقًا، الْقُرْعَةُ مُطْلَقًا، الْقُرْعَةُ فِي الْحَجِّ وَالْغَزْوِ فَقَطْ، الْقُرْعَةُ فِي الْغَزْوِ فَقَطْ.

[أَحْكَامِ النُّشُوزِ]

قَوْلُهُ: [وَوَعَظَ الزَّوْجُ مَنْ نَشَزَتْ] : أَيْ إذَا لَمْ يَبْلُغْ نُشُوزُهَا الْإِمَامَ أَوْ بَلَغَهُ وَرُجِيَ صَلَاحُهَا عَلَى يَدِ زَوْجِهَا وَإِلَّا وَعَظَهَا الْإِمَامُ.

قَوْلُهُ: [ذَكَرَ مَا يَقْتَضِي رُجُوعَهَا] : أَيْ بِمَا يُلَيِّنُ الْقَلْبَ مِنْ الْوَعْدِ بِالثَّوَابِ وَالتَّخْوِيفِ بِالْعِقَابِ، الْمُتَرَتِّبَيْنِ عَلَى طَاعَةِ الزَّوْجِ وَمُخَالَفَتِهِ.

قَوْلُهُ: [هَجَرَهَا فِي الْمَضَاجِعِ] : وَغَايَةُ الْهَجْرِ الْمُسْتَحْسَنِ شَهْرٌ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.

قَوْلُهُ: [غَيْرَ مُبَرِّحٍ] بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ. اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ بَرَّحَ بِهِ الضَّرْبُ تَبْرِيحًا: شَقَّ عَلَيْهِ، فَالْمُبَرِّحُ هُوَ الشَّاقُّ، وَإِنْ ضَرَبَهُ فَادَّعَتْ الْعَدَاءَ وَادَّعَى الْأَدَبَ، فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ مَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِالصَّلَاحِ وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>