للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِطَائِعَةٍ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ، لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ لَا حَقَّ لِمَخْلُوقٍ فِيهَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الزِّنَا أَشَدُّ لِمَا فِيهِ مِنْ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ، وَلِذَا كَانَ الْحَدُّ فِيهِ أَعْظَمَ وَالْقَذْفُ بِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالْقَتْلِ، (وَإِنْ أَجَازَ) الْمُكْرَهُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا أُكْرِهَ عَلَيْهِ (غَيْرَ النِّكَاحِ طَائِعًا) بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ (لَزِمَ) عَلَى الْأَحْسَنِ، وَأَمَّا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ ثُمَّ زَالَ الْإِكْرَاهُ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ وَلَا تَصِحُّ إجَازَتُهُ.

وَلَمَّا كَانَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ بِقَوْلِهِ:

(وَمَحَلُّهُ) : أَيْ الطَّلَاقِ (مَا مَلَكَ مِنْ عِصْمَةٍ) بَيَانُ مَعًا، فَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى عِصْمَةٍ أَيْ عِصْمَةٍ مَمْلُوكَةٍ حَقِيقَةً أَيْ حَاصِلَةٌ بِالْفِعْلِ، بَلْ (وَإِنْ تَعْلِيقًا) : أَيْ وَإِنْ كَانَ مِلْكُهَا ذَا تَعْلِيقٍ أَيْ مُقَدَّرًا حُصُولُهُ بِالتَّعْلِيقِ.

وَذَلِكَ التَّعْلِيقُ: إمَّا أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ - أَيْ غَيْرِ زَوْجَةٍ: إنْ تَزَوَّجْتُك أَوْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ، فَمَتَى تَزَوَّجَهَا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَإِمَّا غَيْرُ صَرِيحٍ وَهُوَ قِسْمَانِ:

إمَّا (بِنِيَّةٍ أَوْ بِسَاطٍ) الْأَوَّلُ (كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ: إنْ فَعَلْت) كَذَا كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، (وَنَوَى) إنْ فَعَلَتْهُ (بَعْدَ نِكَاحِهَا) فَتَزَوَّجَهَا فَفَعَلَتْهُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ لِنِيَّةِ التَّعْلِيقِ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [وَلَا تَصِحُّ إجَازَتُهُ] إلَخْ: أَيْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ وَلَوْ انْعَقَدَ لَبَطَلَ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ فِيهِ خِيَارٌ.

[مَحِلّ الطَّلَاق وَوُقُوعه عَلَى وَجْه التَّعْلِيق وَالْيَمِين]

قَوْلُهُ: [الرُّكْنُ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ] : أَيْ وَهُمَا الْمَحَلُّ وَالصِّيغَةُ.

قَوْلُهُ: [خُصَّهُمَا بِالذِّكْرِ] : أَيْ عَلَى سَبِيلِ الصَّرَاحَةِ.

قَوْلُهُ: [وَإِنْ تَعْلِيقًا] : هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَخِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَلِقَوْلِ مَالِكٍ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: [ذَا تَعْلِيقٍ] : يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ يُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي زَيْدٌ عَدْلٌ بِأَنْ يُقَالَ فِيهِ سَمَّاهَا تَعْلِيقًا مُبَالَغَةً أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، أَوْ يُؤَوَّلُ الْمَصْدَرُ بِاسْمِ الْمَفْعُولِ.

قَوْلُهُ [لِنِيَّةِ التَّعْلِيقِ] : مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَالنِّيَّةُ بِمَعْنَى الْمَنْوِيِّ، وَالْمَعْنَى لِلتَّعْلِيقِ الْمَنْوِيِّ أَيْ الْمُقَيَّدِ بِالنِّيَّةِ بِكَوْنِهِ بَعْدَ نِكَاحِهَا فَتَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>