للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْجِنُّ) أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إلَخْ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ مَشِيئَةَ مَنْ ذُكِرَ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهَا. بِخِلَافِ إنْ شَاءَ زَيْدٌ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَتُنْتَظَرُ مَشِيئَتُهُ.

(أَوْ) عَلَّقَ (بِمُحْتَمَلٍ) وُقُوعُهُ أَيْ مُمْكِنٍ (لَيْسَ فِي وُسْعِنَا كَ: إنْ لَمْ تُمْطِرْ

ــ

[حاشية الصاوي]

[تَنْبِيه فِي تَعْلِيق الطَّلَاق عَلَى المشيئة]

قَوْلُهُ: [لِأَنَّ مَشِيئَةَ مَنْ ذُكِرَ] إلَخْ: أَيْ وَلِأَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ لَا تَنْفَعُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ، وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ خَلِيلًا التَّابِعَ لِابْنِ يُونُسَ فِي تَمْثِيلِ مَا لَمْ يُمْكِنْ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ، لَا حَالًا وَلَا مَآلًا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ التَّمْثِيلَ بِهَذَا لَمَّا لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ، إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى كَلَامِ الْقَدَرِيَّةِ مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْأُمُورِ عَلَى خِلَافِ مَشِيئَتِهِ تَعَالَى، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْيَمِينَ لَازِمَةٌ، وَأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ، أَمَّا إنْ قُلْنَا: كُلُّ مَا فِي الْكَوْنِ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى فَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا مِنْ التَّعْلِيقِ عَلَى أَمْرٍ مُحَقَّقٍ، إنْ أَرَادَ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلَاقَك فِي الْحَالِ، لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ نُطْقِهِ بِالطَّلَاقِ عُلِمَ أَنَّهُ شَاءَ، وَإِنْ أَرَادَ إنْ شَاءَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ لَاغٍ لِأَنَّ الشَّرْعَ حَكَمَ بِالطَّلَاقِ فَلَا يُعَلَّقُ بِمُسْتَقْبَلٍ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ جَعْلَ ذَلِكَ مِثَالًا لِمَا لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ مَنْظُورٌ فِيهِ لِلْمَشِيئَةِ فِي ذَاتِهَا، فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا تُعْلَمُ بِتَحْقِيقِ الْمُشَاءِ فَتَأَمَّلْهُ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.

فَمُحَصِّلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَى ذَاتِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَلَا عَلَى تَعَلُّقِ إرَادَتِهِ لِأَنَّ قَدْرَ اللَّهِ لَا اطِّلَاعَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ مَا دَامَتْ الدُّنْيَا. تَنْبِيهٌ:

لَوْ صَرَفَ مَشِيئَةَ اللَّهِ أَوْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ الْجِنِّ لِمُعَلَّقٍ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَصَرَفَ الْمَشِيئَةَ لِلدُّخُولِ أَيْ إنْ دَخَلْت بِمَشِيئَةِ اللَّهِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ إنْ وُجِدَ الدُّخُولُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا يُنَجَّزُ وَلَوْ حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ صَرَفَهَا لِلْمُعَلَّقِ وَهُوَ الطَّلَاقُ أَوْ لَهُمَا، أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَيُنَجَّزُ إنْ وُجِدَ الدُّخُولُ اتِّفَاقًا، بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي، أَوْ إلَّا أَنْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ، أَوْ إلَّا أَنْ يُغَيِّرَ اللَّهُ مَا فِي خَاطِرِي وَنَوَى صَرْفَهُ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ كَالدُّخُولِ، فَلَا يُنَجَّزُ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى: إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَبَدَا لِي جَعْلُهُ سَبَبًا لِلطَّلَاقِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِذَا لَمْ يَبْدُ لِي ذَلِكَ فَلَا فَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ مُعَلَّقٌ عَلَى التَّصْمِيمِ وَالتَّصْمِيمُ لَمْ يُوجَدْ حَالَ التَّعْلِيقِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَأَمَّا لَوْ صَرَفَهُ لِلطَّلَاقِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُعَدُّ نَدَمًا وَرَفْعًا لِلْوَاقِعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>