للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمُنِعَ) : أَيْ حَرُمَ عَلَى الْمُكَلَّفِ: (بَيْعُ) رَقِيقِ (مُسْلِمٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ (وَ) رَقِيقِ (صَغِيرٍ) كِتَابِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا (وَ) رَقِيقِ (مَجُوسِيٍّ) كَبِيرٍ لِجَبْرِهِمَا عَلَى الْإِسْلَامِ. (وَ) بَيْعُ (مُصْحَفٍ) أَوْ جُزْئِهِ (وَ) كُتُبِ (حَدِيثٍ لِكَافِرٍ) كِتَابِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ. وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ مُنِعَ وَلِذَا قَالَ: (وَأُجْبِرَ) الْكَافِرُ الْمُشْتَرِي بِلَا فَسْخٍ لِلْبَيْعِ (عَلَى إخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ نَاجِزٍ) فَلَا يَكْفِي الْمُؤَجَّلُ (أَوْ هِبَةٍ) لِمُسْلِمٍ

ــ

[حاشية الصاوي]

[مَا يَمْنَع مِنْ الْبُيُوع]

قَوْلُهُ: [وَبَيْعُ مُصْحَفٍ] : أَيْ وَلَوْ كَانَ بِقِرَاءَةٍ شَاذَّةٍ.

وَقَوْلُهُ: [وَكُتُبِ حَدِيثٍ] : مِثْلُهَا كُتُبُ الْعِلْمِ وَظَاهِرُهُ حُرْمَةُ بَيْعِهَا لِكَافِرٍ وَلَوْ كَانَ الْكَافِرُ يُعَظِّمُهَا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ تَمَلُّكِهِ لَهَا إهَانَةٌ. وَيُمْنَعُ أَيْضًا بَيْعُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ لَهُمْ؛ لِأَنَّهَا مُبَدَّلَةٌ فَفِيهِ إعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى ضَلَالِهِمْ. وَكَمَا يُمْنَعُ بَيْعُ مَا ذُكِرَ لَهُمْ يَمْنَعُ الْهِبَةَ وَالتَّصَدُّقَ وَتَمْضِي الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَيُجْبَرُونَ عَلَى إخْرَاجِهَا مِنْ مِلْكِهِمْ كَالْبَيْعِ. تَنْبِيهٌ: كَذَلِكَ يُمْنَعُ بَيْعُ كُلِّ شَيْءٍ عُلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَصَدَ بِهِ أَمْرًا لَا يَجُوزُ؛ كَبَيْعِ جَارِيَةٍ لِأَهْلِ الْفَسَادِ أَوْ مَمْلُوكٍ، أَوْ بَيْعِ أَرْضٍ تُتَّخَذُ كَنِيسَةً أَوْ خَمَّارَةً، أَوْ خَشَبَةً لِمَنْ يَتَّخِذُهَا صَلِيبًا، أَوْ عِنَبًا لِمَنْ يَعْصِرُهُ خَمْرًا، أَوْ نُحَاسًا لِمَنْ يَتَّخِذُهُ نَاقُوسًا، أَوْ آلَةَ حَرْبٍ لِلْحَرْبِيِّينَ، وَكَذَا كُلُّ مَا فِيهِ قُوَّةٌ لِأَهْلِ الْحَرْبِ. وَأَمَّا بَيْعُ الطَّعَامِ لَهُمْ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَجُوزُ فِي الْهُدْنَةِ وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَلَا يَجُوزُ. وَقِيلَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا - كَذَا فِي (بْن) نَقَلَهُ مُحْشَى الْأَصْلِ.

قَوْلُهُ: [بِلَا فَسْخٍ] : هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَمُقَابِلُهُ: أَنَّهُ يُفْسَخُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، وَنَسَبَهُ سَحْنُونَ لِأَكْثَرِ أَصْحَابِ مَالِكٍ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَالْخِلَافُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَافِرٌ، أَمَّا إذَا ظَنَّ أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَلَا يُفْسَخُ بِلَا خِلَافٍ وَيُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: [بِبَيْعٍ] إلَخْ: أَيْ وَاَلَّذِي يَتَوَلَّى الْبَيْعَ الْإِمَامُ لَا السَّيِّدُ الْكَافِرُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إهَانَةً لِلْمُسْلِمِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، فَإِنَّ السَّيِّدَ الْكَافِرَ يَتَوَلَّاهَا، وَلَيْسَ تَوْلِيَتُهُ لَهَا كَتَوْلِيَتِهِ الْبَيْعَ فِي إهَانَةِ الْمُسْلِمِ؛ فَإِنْ تَوَلَّى الْكَافِرُ بَيْعَهُ نَقَضَهُ الْإِمَامُ وَبَاعَهُ هُوَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>