للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَاهِلُ فَالرَّدُّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. بَلْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ، فَحِكَايَةُ الشَّيْخِ فِيهِ التَّرَدُّدَ مِنْ السَّهْوِ الْبَيِّنِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى بَيَانِ حُكْمِ الرَّدِّ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ وَعُهْدَةِ السَّنَةِ فَقَالَ: (وَلَهُ) : أَيْ لِلْمُشْتَرِي رَقِيقًا خَاصَّةً ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (الرَّدُّ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ) : أَيْ ثَلَاثَةِ الْأَيَّامِ فَقَطْ، وَالْعُهْدَةُ فِي الْأَصْلِ: الْعَهْدُ؛ وَهُوَ الْإِلْزَامُ

ــ

[حاشية الصاوي]

إنْ زَادَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى قِيمَتِهِ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ فُسِخَ الْبَيْعُ وَكَذَا إنْ بَاعَ لِنُقْصَانِ الثُّلُثِ مِنْ قِيمَتِهِ فَأَعْلَى إذَا كَانَ جَاهِلًا بِمَا صَنَعَ وَقَامَ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْعَامِ، وَبِهَذَا أَفْتَى الْمَازِرِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْبَرْزَلِيُّ وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ عَاصِمٍ فِي التُّحْفَةِ حَيْثُ قَالَ:

وَمَنْ بِغَبْنٍ فِي مَبِيعٍ قَامَا ... فَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَجُوزَ الْعَامَ

وَأَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِمَا صَنَعْ ... وَالْغَبْنُ لِلثُّلُثِ فَمَا زَادَ وَقَعْ

وَعِنْدَ ذَا يُفْسَخُ بِالْأَحْكَامِ ... وَلَيْسَ لِلْعَارِفِ مِنْ قِيَامِ

اهـ لَكِنْ رَدَّ ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ الْأَقْوَالُ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ دَعُوا النَّاسَ فِي غَفَلَاتِهِمْ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» .

[مُدَّة الرد فِي عُهْدَة خِيَار الْعَيْب]

قَوْلُهُ: [ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى بَيَانِ] إلَخْ: لَمَّا كَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ عَامَّةٍ، وَهِيَ عُهْدَةُ الْإِسْلَامِ مِنْ دَرْكِ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ وَهِيَ مُتَوَلِّي الْعَقْدِ، إلَّا الْوَكِيلَ فَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ فِي صُورَتَيْنِ وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَهُمَا: أَنْ يُصَرِّحَ بِالْوَكَالَةِ أَوْ يُعْلِمَ الْعَاقِدَ مَعَهُ أَنَّهُ وَكِيلٌ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُفَوَّضِ. وَأَمَّا هُوَ فَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَحَلَّ نَفْسَهُ مَحَلَّ الْبَائِعِ وَكَذَا الْمُقَارِضُ وَالشَّرِيكُ الْمُفَوَّضُ فِي الشَّرِكَةِ.

وَأَمَّا الْقَاضِي وَالْوَصِيُّ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِمَا فِيمَا وَلِيَا بَيْعَهُ وَالْعُهْدَةُ فِي مَالِ الْيَتَامَى، فَإِنْ هَلَكَ مَالُ الْأَيْتَامِ. ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ فَلَا شَيْءِ عَلَى الْأَيْتَامِ، وَالْقِسْمُ الثَّانِي: عُهْدَةُ الرَّقِيقِ وَهِيَ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا الْمُصَنِّفُ.

قَوْلُهُ: [وَهُوَ الْإِلْزَامُ] : أَيْ إلْزَامُ الْغَيْرِ شَيْئًا كَإِلْزَامِ الْحَاكِمِ غَيْرَهُ شَيْئًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>