للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ أَشَارَ لِشُرُوطِ صِحَّتِهَا بِقَوْلِهِ:

(وَصَحَّتْ) الْمُزَارَعَةُ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَوَّلُهَا قَوْلُهُ: (إنْ سَلِمَا) : أَيْ الشَّرِيكَانِ (مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَمْنُوعٍ) أَيْ بِأَجْرٍ مَمْنُوعٍ كِرَاؤُهَا بِهِ؛ وَهُوَ الطَّعَامُ وَلَوْ لَمْ تَنْبُتْهُ الْأَرْضُ كَعَسَلٍ، وَمَا تَنْبُتُهُ وَلَوْ غَيْرُ طَعَامٍ كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ، إلَّا الْخَشَبَ كَمَا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ. وَلَمَّا كَانَ هَذَا الشَّرْطُ لَا يَخُصُّ الْمُزَارَعَةَ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا فَسَّرَهُ بِشَيْءٍ خَاصٍّ بِهَا بِقَوْلِهِ: (بِأَنْ لَا يُقَابِلَهَا بَذْرٌ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا مِنْ غَيْرِ رَبِّهَا، فَلَوْ قَابَلَهَا بَذْرٌ كَأَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْأَرْضُ لِلْآخَرِ فَسَدَتْ كَمَا سَيَأْتِي.

وَالثَّانِي قَوْلُهُ: (وَدَخَلَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ) بَيْنَهُمَا (بِنِسْبَةِ الْمُخْرَجِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ: أَيْ مَا أَخْرَجَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا؛ كَأَنْ يَكُونَ كِرَاءُ الْأَرْضِ مِائَةً وَكِرَاءُ الْعَمَلِ مِنْ بَقَرٍ أَوْ غَيْرِهِ سِوَى الْبَذْرِ مِائَةً وَدَخَلَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ مُنَاصَفَةٌ، أَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا مَا يُسَاوِي خَمْسِينَ وَأَخْرَجَ الْآخَرُ مَا يُسَاوِي مِائَةً وَدَخَلَا عَلَى أَنَّ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ مِنْ الرِّبْحِ الثُّلُثَيْنِ وَلِصَاحِبِ الْخَمْسِينَ الثُّلُثُ، وَهَكَذَا، فَإِنْ دَخَلَا فِي الْأَوَّلِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَفِي الثَّانِي عَلَى الْمُنَاصَفَةِ فَسَدَتْ.

(وَجَازَ التَّبَرُّعَ) مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ بِالزِّيَادَةِ مِنْ عَمَلٍ أَوْ رِبْحٍ (بَعْدَ اللُّزُومِ) : أَيْ بَعْدَ لُزُومِ الشَّرِكَةِ بِالْبَذْرِ بَعْدَ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ.

وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية الصاوي]

[شُرُوطِ صِحَّةِ الْمُزَارَعَةُ]

قَوْلُهُ: [مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَمْنُوعٍ] : أَيْ فَإِنْ لَمْ يُسْلِمَا مُنِعَتْ، وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ: مَحَلُّ مَنْعِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا إذَا اشْتَرَطَا الْأَخْذَ مِنْ عَيْنِ مَا يَخْرُجُ مِنْ خُصُوصِ تِلْكَ الْبُقْعَةِ صَرِيحًا وَلَمْ يَكْتَفُوا بِالْجِنْسِ وَهِيَ فُسْحَةٌ.

قَوْلُهُ: [كَعَسَلٍ] : أَيْ لِلنَّحْلِ.

قَوْلُهُ: [كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ] : أَيْ وَحَلْفَاءَ وَحَشِيشٍ، وَأَمَّا الْبُوصُ الْفَارِسِيُّ وَالْعُودُ الْقَافِلِيُّ وَالصَّنْدَلُ وَالشَّبُّ وَالْكِبْرِيتُ وَنَحْوُهَا مِنْ الْمَعَادِنِ فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِهَا لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالْخَشَبِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْأُجْهُورِيِّ وَ (شب) .

قَوْلُهُ: [بَعْدَ اللُّزُومِ] : أَيْ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَمُفْسِدٌ، وَلَوْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>