للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَطْرَأُ عَلَى الْإِجَارَةِ مِنْ فَسْخٍ وَعَدَمِهِ فَقَالَ: (وَفُسِخَتْ) الْإِجَارَةُ (بِتَعَذُّرِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ) الْمَنْفَعَةُ: كَدَارٍ وَحَانُوتٍ وَحَمَّامٍ وَسَفِينَةٍ وَنَحْوِهَا - وَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ حَالَ الْعَقْدِ - وَدَابَّةٌ عُيِّنَتْ. وَالتَّعَذُّرُ أَعَمُّ مِنْ التَّلَفِ؛ فَيَشْمَلُ الضَّيَاعَ وَالْمَرَضَ وَالْغَصْبَ وَغَلْقَ الْحَوَانِيتِ قَهْرًا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي. وَإِذَا فُسِخَتْ رَجَعَ لِلْمُحَاسَبَةِ بِاعْتِبَارِ مَا حَصَلَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَمَا لَمْ يَحْصُلْ

ــ

[حاشية الصاوي]

الْمَوْتِ إلَّا بِلَطْخٍ أَوْ بَيِّنَةٍ، وَإِنْ كَانُوا يُصَدَّقُونَ فِي التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَالرَّاعِي مَعَ كَوْنِ الْجَمِيعِ أُمَنَاءَ تَعَذُّرُ الْإِشْهَادِ مِنْ الرَّاعِي غَالِبًا. بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِمْ فِي الْإِشْهَادِ غَالِبًا وَأَحْرَى مِنْ هَؤُلَاءِ فِي الضَّمَانِ مَنْ مَرَّ عَلَى دَابَّةِ شَخْصٍ فَذَكَّاهَا وَادَّعَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ خَوْفَ مَوْتِهَا أَوْ سَلَخَ دَابَّةَ غَيْرِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهَا مَيِّتَةً فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ لَطْخٍ.

[بَيَانِ مَا يَطْرَأُ عَلَى الْإِجَارَةِ مِنْ فَسْخٍ]

قَوْلُهُ: [وَفُسِخَتْ الْإِجَارَةُ] إلَخْ: أَشَارَ بِهَذَا إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ كُلَّ عَيْنٍ يَسْتَوْفِي مِنْهَا الْمَنْفَعَةَ فَبِهَلَاكِهَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَوْتِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَكَانْهِدَامِ الدَّارِ، وَكُلُّ عَيْنٍ يَسْتَوْفِي بِهَا الْمَنْفَعَةَ فَبِهَلَاكِهَا لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَوْتِ الشَّخْصِ، الْمُسْتَأْجِرِ لِلْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ، وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ: صَبِيَّانِ وَفَرَسَانِ صَبِيَّا التَّعْلِيمِ وَالرَّضَاعَةِ، وَفَرَسَا النُّزُوِّ وَالرِّيَاضَةِ فَحَيْثُ مَاتَ صَبِيُّ التَّعْلِيمِ أَوْ الرَّضَاعَةِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَرَجَعَا لِلْمُحَاسَبَةِ، وَكَذَلِكَ فَرَسُ النُّزُوِّ إذَا اُسْتُؤْجِرَ الْفَحْلُ عَلَى أَرْبَعِ مَرَّاتٍ فَحَمَلَتْ مِنْ مَرَّتَيْنِ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ التَّمَامِ انْفَسَخَتْ وَرَجَعَا لِلْمُحَاسَبَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا اُسْتُؤْجِرَ لِفَرَسٍ يُرَوِّضُهَا وَيُعَلِّمُهَا كَيْفِيَّةَ الْجَرْيِ فَمَاتَتْ فَتَنْفَسِخُ وَيَرْجِعَانِ لِلْمُحَاسَبَةِ.

قَوْلُهُ: [وَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ حَالَ الْعَقْدِ] : أَيْ فَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمُعَيَّنَةِ وَغَيْرِهَا إنَّمَا هُوَ فِي الدَّابَّةِ، وَأَمَّا الدَّارُ وَالْحَانُوتُ وَالْحَمَّامُ وَالسَّفِينَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِدَابَّةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِيهِ ابْتِدَاءً، بَلْ مَتَى تَعَذَّرَ شَيْءٌ مِمَّا يُسْتَوْفَى مِنْهُ انْفَسَخَتْ قَالُوا لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي مُعَيَّنٍ، وَلَكِنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي السَّفِينَةِ بَلْ هِيَ بِالدَّابَّةِ أَشْبَهُ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي تَسْوِيَتَهَا بِالْعَقَارَاتِ.

قَوْلُهُ: [أَعَمُّ مِنْ التَّلَفِ] : أَيْ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ خَلِيلٌ.

قَوْلُهُ: [رَجَعَ لِلْمُحَاسَبَةِ] إلَخْ: أَيْ فَمَا حَصَلَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ يَلْزَمُهُ أُجْرَتُهُ بِحِسَابِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>