للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ: فَأَحْكَامُهُمْ لَا تَنْفُذُ بِالضَّرُورَةِ - عَلَى أَنَّ قَاضِيَ الْقَاهِرَةِ فِي الْغَالِبِ لَا يَسْمَعُ دَعْوَى وَلَا يَعْرِفُ حَقِيقَتَهَا، وَإِنَّمَا يَضْبِطُ الشَّاهِدُ مِنْ شُهُودِ الْمَحْكَمَةِ الْقَضِيَّةَ وَيَكْتُبُهَا، ثُمَّ يَمْضِي بِهَا إلَى الْقَاضِي فَيَكْتُبُ اسْمَهُ وَيَضَعُ خَتْمَهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ. .

(وَحَرُمَ) عَلَى الْقَاضِي أَوْ غَيْرِهِ مِنْ خَلِيفَةٍ أَوْ عَامِلِهِ (أَخْذُ مَالٍ مِنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ) لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ بِخِلَافِ أَخْذِ مَالٍ مِنْ وَقْفٍ عَلَى الْقَضَاءِ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا يَحْرُمُ. .

(وَ) حَرُمَ عَلَيْهِ (قَبُولُ هَدِيَّةٍ) : مِنْ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُهَادِيهِ قَبْلَ تَوْلِيَتِهِ الْقَضَاءَ لِقَرَابَةٍ أَوْ صُحْبَةٍ أَوْ صِلَةٍ. .

(وَنُدِبَ غَنِيٌّ وَرِعٌ) : أَيْ كَوْنُهُ غَنِيًّا، لَا فَقِيرًا وَرِعًا، لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّنَزُّهِ عَنْ الطَّمَعِ لِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ. (نَزِهٌ) : أَيْ كَثِيرُ النَّزَاهَةِ وَالْبُعْدِ عَنْ شَوَائِبِ الطَّمَعِ وَمَا لَا يَلِيقُ مِنْ سَفَاسِفِ الْأُمُورِ بِأَنْ يَكُونَ كَامِلَ الْمُرُوءَةِ. (حَلِيمٌ) : لِأَنَّ الْحِلْمَ مَظِنَّةُ الْخَيْرِ وَالْكَمَالِ، وَسُوءَ الْخُلُقِ مَظِنَّةُ الشَّرِّ وَالظُّلْمِ وَأَذِيَّةِ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [فَأَحْكَامُهُمْ لَا تَنْفُذُ بِالضَّرُورَةِ] : أَيْ وَإِنَّمَا سُكُوتُ الْمُفْتِينَ عَنْهَا لِعَجْزِهِمْ عَنْ التَّكَلُّمِ بِالْحَقِّ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: هَذَا الزَّمَانُ زَمَانُ السُّكُوتِ وَلُزُومِ الْبُيُوتِ وَالرِّضَا بِأَدْنَى الْقُوتِ وَمِنْ يَقُولُ الْحَقَّ فِيهِ يَمُوتُ.

قَوْلُهُ: [عَلَى أَنَّ قَاضِيَ الْقَاهِرَةِ] إلَخْ: اسْتِدْرَاكٌ عَلَى بُطْلَانِ حُكْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ رِشْوَةً لِخُلُوِّ الْحُكْمِ عَنْ جَمِيعِ الشُّرُوطِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ لِأَهْلِ الْبَصَائِرِ. .

قَوْلُهُ: [فَلَا يَحْرُمُ] : أَيْ بَلْ يُنْدَبُ إذَا كَانَ فِي ضِيقِ عَيْشٍ وَأَرَادَ التَّوْسِعَةَ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ ذَلِكَ. .

[الْهَدِيَّة لِلْقَاضِي]

قَوْلُهُ: [وَحَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُ هَدِيَّةٍ] : مِثْلُهُ كُلُّ صَاحِبِ جَاهٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي بَابِ الْقَرْضِ.

قَوْلُهُ: [وَرِعٌ] : هُوَ مَنْ يَتْرُكُ الشُّبُهَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ، وَأَمَّا الْأَوْرَعُ فَهُوَ مَنْ يَتْرُكُ بَعْضَ الْمُبَاحَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الشُّبُهَاتِ.

قَوْلُهُ: [أَيْ كَثِيرُ النَّزَاهَةِ] : أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ نَزِهٌ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>