للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ مِتّ فَقَدْ أَبْرَأْتُك، فَيَبْرَأُ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ تَعَيُّنِ الْقَوَدِ إذَا لَمْ يَعْفُ وَلِيُّ الدَّمِ عَنْ الْجَانِي

(وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ عَفْوٌ) عَنْ الْجَانِي (عَلَى الدِّيَةِ إلَّا بِرِضَا الْجَانِي) : بَلْ لَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا أَوْ عَلَى الدِّيَةِ إنْ رَضِيَ الْجَانِي فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْجَانِي بِهَا خُيِّرَ الْوَلِيُّ بَيْنَ أَنْ يُقْتَصَّ بِهَا أَوْ يَعْفُوَ مَجَّانًا. وَقَالَ أَشْهَبُ: الْخِيَارُ لِلْوَلِيِّ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: الْقِصَاصِ، وَالْعَفْوِ مَجَّانًا، وَالْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ. وَلَا كَلَامَ لِلْجَانِي وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ.

(وَلَا قَوَدَ) : أَيْ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ قَوَدٌ (إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ) مِنْ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ.

(وَإِلَّا) بِأَنْ اقْتَصَّ الْوَلِيُّ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ (أُدِّبَ) لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ.

(وَلَا دِيَةَ لَهُ) : أَيْ لِوَلِيِّ الدَّمِ (إنْ عَفَا) عَنْ الْجَانِي (وَأَطْلَقَ) فِي عَفْوِهِ: أَيْ لَمْ يُقَيِّدْ بِدِيَةٍ وَلَا غَيْرِهَا، فَيُقْضَى بِالْعَفْوِ مُجَرَّدًا عَنْ الدِّيَةِ.

(إلَّا أَنْ) تَظْهَرَ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ (إرَادَتُهَا) : أَيْ مَعَ الدِّيَةِ حَالَ الْعَفْوِ وَيَقُولُ: إنَّمَا عَفَوْت لِأَخْذِ الدِّيَةِ (فَيَحْلِفُ) أَيْ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ.

(وَيَبْقَى) الْوَلِيُّ بَعْدَ حَلِفِهِ (عَلَى حَقِّهِ) فِي الْقِصَاصِ (إنْ امْتَنَعَ الْجَانِي مِنْ دَفْعِهَا) : وَإِلَّا دَفَعَهَا وَتَمَّ الْعَفْوُ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ لَك إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّك أَرَدْتَهَا، فَتَحْلِفَ أَنَّك مَا عَفَوْت إلَّا لِأَخْذِهَا، ثُمَّ لَك ذَلِكَ (اهـ) وَظَاهِرُهَا الْإِطْلَاقُ: أَيْ تَبَيَّنَ بِالْقَرَائِنِ حَالَ الْعَفْوِ إرَادَتُهَا وَادَّعَى ذَلِكَ حَلَفَ مُطْلَقًا بِالْقُرْبِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ. وَقَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَغَيْرُهُمَا: يُقْبَلُ إلَّا إذَا قَامَ بِالْحَضْرَةِ، لَا إنْ قَامَ بَعْدَ طُولٍ. وَهَلْ هُوَ قَيْدٌ لَهَا أَوْ خِلَافٌ؟ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْبَاجِيِّ، وَأَنَّ الْمَشْهُورَ ظَاهِرُهَا مِنْ الْإِطْلَاقِ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [أَوْ قَالَ لَهُ إنْ مِتّ فَقَدْ أَبْرَأْتُك] : أَيْ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ إنْفَاذِ مَقْتَلِهِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْبَرَاءَةِ بَعْدَ الْجُرْحِ

[اسْتِحْقَاق دَم الْقَاتِل]

قَوْلُهُ: [وَقَالَ أَشْهَبُ] : مُقَابِلٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي هُوَ طَرِيقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَلِذَلِكَ قَالَ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ: وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَإِنْ كَانَ وَجِيهًا لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: ٣٣] .

قَوْلُهُ: [أُدِّبَ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ] : مَحَلُّ أَدَبِهِ حَيْثُ كَانَ الْحَاكِمُ يُنْصِفُهُ.

قَوْلُهُ: [أَيْ تَبَيَّنَ] : الْمُنَاسِبُ أَنْ يَزِيدَ إنْ بَعُدَ أَيْ.

قَوْلُهُ: [وَأَنَّ الْمَشْهُورَ ظَاهِرُهَا مِنْ الْإِطْلَاقِ] : أَيْ فَالْمَدَارُ عَلَى الْقَرِينَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>