للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَهِيَ النَّدَمُ وَالْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ) النَّدَمُ رُكْنٌ مِنْهَا كَمَا قَالَ، وَشَرْطُهُ: أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ، لَا لِكَوْنِ الْمَعْصِيَةِ فِيهَا ضَرَرٌ لِبَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ. وَالنَّدَمُ يَسْتَلْزِمُ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ: مِنْ الْإِقْلَاعِ عَنْ الذَّنْبِ حَالَ التَّوْبَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِهِ.

وَأَمَّا رَدُّ الْمَظَالِمِ لِأَهْلِهَا فَوَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّوْبَةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْ بَعْضِ الذُّنُوبِ مَعَ تَلَبُّسِهِ بِغَيْرِ مَا تَابَ مِنْهُ. وَإِذَا عَزَمَ أَنْ لَا يَعُودَ، ثُمَّ قَدَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَادَ أَوْ ارْتَكَبَ غَيْرَهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ وَلَوْ كَثُرَ مِنْهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ: (وَ) يَجِبُ (تَجْدِيدُهَا لِكُلِّ مَا اقْتَرَفَ) فَيَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَصَابَ ذَنْبًا فَنَدِمَ عَلَيْهِ غُفِرَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَسْتَغْفِرَ» .

(وَ) يَجِبُ (الْخَوْفُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى) الْخَوْفُ: تَأَلُّمُ الْقَلْبِ بِسَبَبِ تَوَقُّعِ مَكْرُوهٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَيَجِبُ التَّأَلُّمُ لِئَلَّا يَقَعَ عِقَابٌ فِي الْآخِرَةِ أَوْ الدُّنْيَا

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [رُكْنٌ مِنْهَا] : أَيْ لِأَنَّهُ دَاخِلُ الْمَاهِيَّةِ خِلَافًا لِمَنْ عَدَّهُ مِنْ الشُّرُوطِ فَإِنَّهُ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّ الشَّرْطَ مَا كَانَ خَارِجَ الْمَاهِيَّةِ.

قَوْلُهُ: [أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ] : أَيْ أَنْ يَكُونَ خَوْفًا مِنْ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: [وَأَمَّا رَدُّ الْمَظَالِمِ لِأَهْلِهَا] : أَيْ بِالْفِعْلِ وَأَمَّا مَنْ عَدَّهُ مِنْ الشُّرُوطِ فَهُوَ نَاظِرٌ لِلْعَزْمِ عَلَى الرَّدِّ لَا لِلرَّدِّ بِالْفِعْلِ.

قَوْلُهُ: [مَعَ تَلَبُّسِهِ بِغَيْرِ مَا تَابَ مِنْهُ] : أَيْ وَقَوْلُهُمْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِقْلَاعِ فِي الْحَالِ بِاعْتِبَارِ الذَّنْبِ الَّذِي تَابَ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: [فَعَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ] : أَيْ تَوْبَةً لِلذَّنْبِ الْجَدِيدِ، وَأَمَّا الذَّنْبُ الْأَوَّلُ فَقَدْ مُحِيَ وَلَا يَعُودُ بِالرُّجُوعِ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَلَا انْتِقَاضَ إنْ يَعُدْ فِي الْحَالِ لَكِنْ يُجَدِّدُ تَوْبَةً لِمَا اقْتَرَفَ

قَوْلُهُ: [فَنَدِمَ عَلَيْهِ] : أَيْ لِأَنَّ النَّدَمَ الصَّحِيحَ تَوْبَةٌ كَمَا وَرَدَ فَيَحْصُلُ بِهِ غُفْرَانُ الذُّنُوبِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْفِرْ.

[بَعْض الْوَاجِبَات الشَّرْعِيَّة]

قَوْلُهُ: [بِسَبَبِ تَوَقُّعِ مَكْرُوهٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ] : أَيْ وَأَمَّا تَأَلُّمُ الْقَلْبِ مِمَّا حَصَلَ فَيُقَالُ لَهُ حُزْنٌ وَيُرَادِفُ الْخَوْفَ بِهَذَا الْمَعْنَى الْهَمُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>