للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى مُوجِبَةٌ لِنُورِ الْبَصِيرَةِ) مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ قَالَ تَعَالَى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} [الأحزاب: ٣٥] الْآيَةُ. وَقَالَ شَيْخُنَا الْأَمِيرُ عَنْ شَيْخِنَا الْمُصَنِّفِ: مَنْ ذَكَرَ ثَلَثَمِائَةٍ يُقَالُ ذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا فَيَدْخُلُ فِي الْآيَةِ. وَصَلَاةُ التَّسَابِيحِ فِيهَا ثَلَثُمِائَةِ تَسْبِيحَةٍ وَثَلَثُمِائَةِ تَحْمِيدَةٍ إلَخْ. فَمَنْ فَعَلَهَا كُتِبَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ كَثِيرًا الْحَامِدِينَ كَثِيرًا إلَخْ اهـ

ــ

[حاشية الصاوي]

فَكُنْت أَرَى مِنْهَا الْإِرَادَةَ قَبْلَ مَا ... أَرَى الْفِعْلَ مِنِّي وَالْأَسِيرُ مُطَاوِعُ

إذَا كُنْت فِي أَمْرِ الشَّرِيعَةِ عَاصِيًا ... فَإِنِّي فِي حُكْمِ الْحَقِيقَةِ طَائِعُ

وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى تُحْمَلُ الْوَقَائِعُ الْخِضْرِيَّةُ وَوَقَائِعُ إخْوَةِ يُوسُفَ مَعَهُ وَأَكْلُ آدَمَ مِنْ الشَّجَرَةِ فَتَأَمَّلْ إنْ كُنْت مِنْ أَهْلِ النُّورِ وَإِلَّا فَسَلِّمْ لِأَهْلِهِ مَقَالَهُمْ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

وَإِذَا لَمْ تَرَ الْهِلَالَ فَسَلِّمْ ... لِأُنَاسٍ رَأَوْهُ بِالْأَعْيَانِ

قَوْلُهُ: [قَالَ تَعَالَى وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا] : إنْ قُلْت إنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى غُفْرَانِ الذُّنُوبِ وَعِظَمِ الْأَجْرِ وَالْمُصَنِّفُ أَخْبَرَ بِأَنَّ كَثْرَةَ الذِّكْرِ تُوجِبُ نُورَ الْبَصِيرَةِ فَلَمْ يَكُنْ الدَّلِيلُ مُطَابِقًا لِلدَّعْوَى؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ غُفْرَانَ الذُّنُوبِ وَعِظَمَ الْأَجْرِ يَسْتَلْزِمُ نُورَ الْبَصِيرَةِ قَالَ الشَّاعِرُ:

إنَارَةُ الْعَقْلِ مَكْسُوفٌ بِطَوْعِ هَوًى ... وَعَقْلُ عَاصِي الْهَوَى يَزْدَادُ تَنْوِيرًا

قَوْلُهُ: [فَيَدْخُلُ فِي الْآيَةِ] : أَيْ فَيَتَحَقَّقُ لَهُ الْوَعْدُ الَّذِي فِي الْآيَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَذْكُرُ ذَلِكَ الْعَدَدَ وَلَوْ فِي الْعُمُرِ مَرَّةً، لَكِنْ الْعَارِفُونَ جَعَلُوا ذَلِكَ الْعَدَدَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَهَذَا أَقَلُّ الذِّكْرِ عِنْدَ الْعَامَّةِ، وَأَمَّا ذِكْرُ الْمُرِيدِينَ فَأَقَلُّهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَأَمَّا ذِكْرُ الْوَاصِلِينَ فَهُوَ عَدَمُ خُطُورِ غَيْرِهِ تَعَالَى بِبَالِهِمْ كَمَا قَالَ الْعَارِفُ ابْنُ الْفَارِضِ

وَلَوْ خَطَرَتْ لِي فِي سِوَاك إرَادَةٌ ... عَلَى خَاطِرِي يَوْمًا حَكَمْت بِرِدَّتِي

قَوْلُهُ: [وَثَلَثُمِائَةِ تَحْمِيدَةٍ] إلَخْ: أَيْ وَثَلَثُمِائَةِ تَهْلِيلَةٍ وَثَلَثُمِائَةِ تَكْبِيرَةٍ.

قَوْلُهُ: [الْحَامِدِينَ كَثِيرًا] إلَخْ: أَيْ الْمُهَلِّلِينَ كَثِيرًا الْمُكَبِّرِينَ كَثِيرًا. وَصِفَةُ صَلَاةِ التَّسَابِيحِ الَّتِي عَلَّمَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ وَجَعَلَهَا الصَّالِحُونَ مِنْ أَوْرَادِ طَرِيقِهِمْ وَوَرَدَ فِي فَضْلِهَا أَنَّ مَنْ فَعَلَهَا وَلَوْ مَرَّةً فِي عُمُرِهِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي وَقْتِ حَلِّ النَّافِلَةِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَالْأَفْضَلُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>