للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ لَمْ يَقُمْ بِهَا مَا ذُكِرَ؛ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْجِعْرَانَةِ لِأَنَّهَا دُونَ الْمَسَافَةِ. ثُمَّ إذَا خَرَجَ إلَى الْمَدِينَةِ قَصَرَ، فَإِنْ كَانَ سَفَرُهُ دُونَ الْمَدِينَةِ اعْتَبَرَ الْبَاقِيَ، فَإِنْ كَانَ مَسَافَةَ قَصْرٍ، قَصَرَ وَإِلَّا فَلَا.

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَنْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِالْقَصْرِ وَطَرَأَ عَلَيْهِ مَا يَقْطَعُهُ بِقَوْلِهِ:

(وَقَطَعَهُ) أَيْ الْقَصْرَ الَّذِي كَانَ مُتَلَبِّسًا بِهِ (دُخُولُهُ) أَيْ دُخُولُ وَطَنِهِ الْمَارِّ عَلَيْهِ، أَوْ دُخُولُ مَحَلِّ زَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا، حَالَ كَوْنِهِ (بَعْدَهَا) : أَيْ الْمَسَافَةِ؛ أَيْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. فَإِنْ طَرَأَتْ لَهُ نِيَّةُ دُخُولِهِ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ اسْتَمَرَّ عَلَى الْقَصْرِ حَتَّى يَدْخُلَ بِالْفِعْلِ، وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ الْمَسَافَةِ. وَكَذَا إذَا كَانَ دُونَهَا حَيْثُ خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ الَّذِي ابْتَدَأَ السَّفَرَ مِنْهُ غَيْرَ قَاصِدٍ دُخُولَ مَا ذُكِرَ فَطَرَأَ لَهُ الدُّخُولُ، فَإِنَّهُ يُتِمُّ مِنْ وَقْتِ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [فَإِنْ كَانَ سَفَرُهُ دُونَ الْمَدِينَةِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ:

الْأَوَّلُ: أَنْ يَسْتَقِلَّ مَا قَبْلَ وَطَنِهِ وَمَا بَعْدَهُ بِالْمَسَافَةِ وَفِي هَذِهِ يَقْصُرُ قَبْلَ دُخُولِهِ لِوَطَنِهِ وَبَعْدَهُ.

الثَّانِي: عَكْسُهُ وَالْمَجْمُوعُ فِيهِ الْمَسَافَةُ، وَفِي هَذَا إنْ نَوَى الدُّخُولَ أَتَمَّ قَبْلَ دُخُولِهِ وَطَنَهُ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ دُخُولَهُ قَصَرَ، وَإِنْ نَوَى دُخُولَهُ بَعْدَ سَيْرِهِ شَيْئًا فَفِي قَصْرِهِ قَوْلَا سَحْنُونَ وَغَيْرِهِ. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ قَبْلَ وَطَنِهِ أَقَلُّ مِنْ الْمَسَافَةِ وَبَعْدَ مَسَافَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، فَإِنْ نَوَى الدُّخُولَ فَلَا يَقْصُرُ قَبْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الدُّخُولَ قَصَرَ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيَقْصُرُ مُطْلَقًا وَلَوْ نَوَى دُخُولَهُ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ، فَحَكَى فِي التَّوْضِيحِ فِي هَذِهِ قَوْلَيْنِ الْقَصْرُ لِسَحْنُونٍ وَالْإِتْمَامُ لِغَيْرِهِ. الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ قَبْلَ وَطَنِهِ مَسَافَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَبَعْدَهُ أَقَلُّ مِنْهَا فَيَقْصُرُ قَبْلَ وَطَنِهِ مُطْلَقًا نَوَى الدُّخُولَ أَمْ لَا، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَقْصُرُ مُطْلَقًا. (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) . وَمَا قِيلَ فِي الْوَطَنِ يُقَالُ فِي مَكَانِ الزَّوْجَةِ وَفِي مَكَان نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ فِيهِ، فَتَأَمَّلْ.

[طُرُوء مَا يَقْطَع الْقَصْر]

قَوْلُهُ: [دُخُولُهُ] إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْمُرُورِ بِالْوَطَنِ أَوْ مَكَانِ الزَّوْجَةِ فَلَا يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَلَوْ حَاذَاهُ. وَلِذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إنَّمَا يُمْنَعُ الْمُرُورُ بِشَرْطِ دُخُولِهِ أَوْ نِيَّةِ دُخُولِهِ لَا إنْ اجْتَازَ، وَالْمُرَادُ بِمَكَانِ الزَّوْجَةِ: الْبَلَدُ الَّذِي هِيَ بِهِ لَا خُصُوصُ الْمَنْزِلِ الَّذِي هِيَ بِهِ، وَلَا يَكُونُ مَحَلُّ الزَّوْجَةِ قَاطِعًا إلَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ نَاشِزَةٍ، فَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الزَّوْجَةَ النَّاشِزَةَ لَا عِبْرَةَ بِهَا مِثْلَ الزَّوْجَةِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالسُّرِّيَّةِ.

قَوْلُهُ: [اسْتَمَرَّ عَلَى الْقَصْرِ] : أَيْ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>