للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ فِي حَقِيقَةِ الْيَمِينِ وَأَحْكَامِهِ الْيَمِينُ فِي الْعُرْفِ: الْحَلِفُ، وَهُوَ قِسْمَانِ الْيَمِينُ:

الْأَوَّلُ: تَعْلِيقُ طَاعَةٍ أَوْ طَلَاقٍ عَلَى وَجْهِ قَصْدِ الِامْتِنَاعِ مِنْ فِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ،

ــ

[حاشية الصاوي]

[بَاب فِي حَقِيقَة الْيَمِين وَأَحْكَامه] [تَعْرِيف الْيَمِين وَأَقْسَامه]

بَابٌ

لَمَّا كَانَتْ الْيَمِينُ تَشْتَمِلُ عَلَى بِرٍّ تَارَةً وَحِنْثٍ أُخْرَى نَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَهَا عَقِبَ بَابِ الْمُبَاحِ وَالْمُحَرَّمِ، وَهُوَ بَابٌ يَنْبَغِي الِاعْتِنَاءُ بِهِ لِكَثْرَةِ وَقَائِعِهِ وَتَشَعُّبِ فُرُوعِهِ. وَالْيَمِينُ وَالْحَلِفُ وَالْإِيلَاءُ وَالْقَسَمُ: أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ، فِي الْحَدِيثِ: «مَنْ اقْتَطَعَ مَالَ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ، فَقِيلَ لَهُ وَلَوْ شَيْئًا قَلِيلًا؟ قَالَ وَلَوْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ» . وَتُجْمَعُ عَلَى أَيْمَانٍ وَعَلَى أَيْمُنٍ، وَهِيَ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْيَمِينِ الَّذِي هُوَ الْعُضْوُ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا تَحَالَفُوا وَضَعَ أَحَدُهُمْ يَمِينَهُ فِي يَمِينِ صَاحِبِهِ، فَسُمِيَّ الْحَلِفُ يَمِينًا لِذَلِكَ، وَقِيلَ الْيَمِينُ: الْقُوَّةُ، وَيُسَمَّى الْعُضْوُ يَمِينًا لِوُفُورِ قُوَّتِهِ عَلَى الْيَسَارِ؛ وَلَمَّا كَانَ الْحَلِفُ يُقَوِّي الْخَبَرَ عَلَى الْوُجُودِ أَوْ الْعَدَمِ سُمِّيَ يَمِينًا. فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ تَكُونُ الِالْتِزَامَاتُ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَغَيْرِهِمَا دَاخِلَةً فِي الْيَمِينِ، وَعَلَى هَذَا مَشَى الْمُصَنِّفُ فَأَدْخَلَهَا وَصَدَّرَ بِهَا بِخِلَافِهَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَالْمُرَادُ بِحَقِيقَةِ الْيَمِينِ تَعْرِيفُهُ. وَالْمُرَادُ بِأَحْكَامِهِ: مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ كَفَّارَةٍ وَغَيْرِهَا، وَتَذْكِيرُ الْمُصَنِّفِ الضَّمَائِرِ الْعَائِدَةِ عَلَى الْيَمِينِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ وَهُوَ الْحَلِفُ وَإِلَّا فَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ كَمَا عَلِمْت فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: [فِي الْعُرْفِ] : أَيْ وَأَمَّا فِي اللُّغَةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: [وَهُوَ قِسْمَانِ] : بَلْ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُتَنَوِّعٌ إلَى قِسْمَيْنِ، وَهَذَا هُوَ رَأْيُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَجْعَلَ الْتِزَامَ الطَّاعَةِ مِنْ قَبِيلِ النَّذْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَاصِدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>