للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى هَذَا

(وَالْعِلْمُ) أَيْ الْقِسْمُ الْمُسَمَّى بِالْعِلْمِ مِنْ حَيْثُ تَصَوُّرُهُ بِحَقِيقَتِهِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ (قَالَ الْإِمَامُ) الرَّازِيّ فِي الْمَحْصُولِ (ضَرُورِيٌّ)

ــ

[حاشية العطار]

الرَّاجِحَ هُوَ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ الَّتِي نَقَلَهَا الشَّارِحُ فَهِيَ أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ كَمَا قَالَهُ النَّاصِرُ.

[تَعْرِيف الْعِلْم]

(قَوْلُهُ: أَيْ الْقِسْمُ الْمُسَمَّى إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْعَهْدِيَّةَ وَالْمَعْهُودَ الْعِلْمُ التَّصْدِيقِيُّ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَجَازِمُهُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّغَيُّرَ عِلْمٌ فَيَكُونُ التَّعْرِيفُ لِنَوْعٍ مِنْ الْعِلْمِ لَا لِمُطْلَقِ الْعِلْمِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ غَيْرِهِ الْإِطْلَاقُ وَكَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى التَّخْصِيصِ قَوْلَهُ بَعْدُ، ثُمَّ قَالَ: هُوَ حُكْمُ الذِّهْنِ إلَخْ، وَأَيْضًا لِلتَّخْصِيصِ نُكْتَةٌ وَهُوَ أَنَّ الْعِلْمَ التَّصْدِيقِيَّ نَوْعٌ مِنْ الِاعْتِقَادِ فَلَيْسَ بِغَيْرِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْعِلْمُ التَّصَوُّرِيُّ، فَإِنَّهُ نَوْعٌ وَاحِدٌ.

(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ تَصَوُّرُهُ بِحَقِيقَتِهِ) وَذَلِكَ التَّصَوُّرُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْحَدِّ الْحَقِيقِيِّ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الذَّاتِيَّاتِ وَقَيْدُ الْحَيْثِيَّةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ الْحُصُولُ، فَإِنَّهُ يَنْقَسِمُ إلَى ضَرُورِيٍّ وَنَظَرِيٍّ، وَمِنْ حَيْثُ تَصَوُّرُهُ بِالرَّسْمِ الْمُمَيَّزِ عَنْ غَيْرِهِ بِدُونِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّهُ سَهْلٌ.

وَقَدْ ظَنَّ الْآمِدِيُّ أَنَّ الْخِلَافَ فِي مُطْلَقِ التَّعْرِيفِ فَاسْتَبْعَدَ كَلَامَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيِّ الْآتِي، فَأَفَادَ الشَّارِحُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ الْحَدُّ الْحَقِيقِيُّ لَا الرَّسْمِيُّ، وَقَدْ نَبَّهَ الشَّارِحُ عَلَى أَنَّ كَوْنَ ذَلِكَ مَحَلَّ الْخِلَافِ مُسْتَفَادٌ مِنْ سِيَاقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ) أَيْ سِيَاقِ الْمَتْنِ وَقَوْلِ النَّاصِرِ وَالْمُرَادُ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي الِاسْتِدْلَالِ الْآتِي وَمِنْهَا تَصَوُّرٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ: فِي جَوَابِهِ بَلْ يَكْفِي إلَخْ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ الِاسْتِدْلَال بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا هُوَ الْمُرَادُ لَهُ وَالدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ إلَخْ) ذَكَرَ فِي شَرْحَيْ الْمَقَاصِدِ وَالْمَوَاقِفِ أَنَّ الْإِمَامَ اسْتَدَلَّ عَلَى ضَرُورِيَّتِهِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، إلَّا أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ ثَانِيهِمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُكْتَسَبًا فَأَمَّا بِغَيْرِهِ مَعْلُومًا ضَرُورَةَ امْتِنَاعِ اكْتِسَابِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ مَجْهُولًا، وَالْغَيْرُ إنَّمَا يُعْلَمُ بِالْعِلْمِ، فَلَوْ عُلِمَ الْعِلْمُ بِالْغَيْرِ لَزِمَ الدَّوْرُ فَتَعَيَّنَ طَرِيقُ الضَّرُورَةِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

وَأَجَابَ بِأَنَّ تَصَوُّرَ الْعِلْمِ عَلَى تَقْدِيرِ اكْتِسَابِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَصَوُّرِ غَيْرِهِ، وَتَصَوُّرُ الْغَيْرِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَصَوُّرِهِ لِيَلْزَمَ الدَّوْرُ بَلْ عَلَى حُصُولِهِ بِنَاءً عَلَى امْتِنَاعِ حُصُولِ الْمُقَيَّدِ بِدُونِ الْمُطْلَقِ حَتَّى لَوْ لَمْ نَقُلْ بِوُجُودِ الْكُلِّيِّ فِي ضِمْنِ الْجُزْئِيَّاتِ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى حُصُولِهِ أَيْضًا اهـ.

فَهَذَا الْوَجْهُ اسْتِدْلَالٌ عَلَى بَدَاهَةِ مُطْلَقِ الْعِلْمِ لَا الْعِلْمِ التَّصْدِيقِيِّ، نَعَمْ الْوَجْهُ الثَّانِي خَاصٌّ بِالْعِلْمِ التَّصْدِيقِيِّ وَلِذَلِكَ قَصَرَ الشَّارِحُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاَلَّذِي دَعَاهُ إلَى ذَلِكَ صَنِيعُ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: ضَرُورِيٌّ) فِي النَّاصِرِ يَجُوزُ إطْلَاقُ الضَّرُورِيِّ عَلَى الْعِلْمِ وَعَلَى مُتَعَلِّقِهِ، كَقَوْلِنَا الْعِلْمُ بِالْوُجُودِ ضَرُورِيٌّ وَقَوْلِنَا الْوُجُودُ ضَرُورِيٌّ، وَإِطْلَاقُهُ فِي الْمَتْنِ عَلَى الْعِلْمِ مِنْ إطْلَاقِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَقَالَ: وَالْعِلْمُ بِالْعِلْمِ ضَرُورِيٌّ وَعَلَى الْإِطْلَاقِ الْأَوَّلِ جَرَى الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ عِلْمَ كُلِّ أَحَدٍ اهـ.

وَرَدَّهُ سم بِأَنَّهُ غَفْلَةٌ عَنْ قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ حَيْثُ تَصَوُّرُهُ بِحَقِيقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ تَصَوُّرَ حَقِيقَةِ الْعِلْمِ ضَرُورِيٌّ فَرَجَعَ الْحَالُ إلَى أَنَّ الْعِلْمَ بِالْعِلْمِ ضَرُورِيٌّ؛ لِأَنَّ تَصَوُّرَ الْعِلْمِ عِلْمٌ بِالْعِلْمِ اهـ.

، ثُمَّ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي إطْلَاقِ الضَّرُورِيِّ عَلَى مُتَعَلِّقِ الْعِلْمِ وَهُوَ الْمَعْلُومُ، فَإِنَّ الضَّرُورِيَّ وَالنَّظَرَ وَصْفَانِ لِلْعِلْمِ لَا لِلْمَعْلُومِ

<<  <  ج: ص:  >  >>