للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنَاءً عَلَى اتِّحَادِ الْعِلْمِ مَعَ تَعَدُّدِ الْمَعْلُومِ كَمَا هُوَ بَعْضُ الْأَشَاعِرَةِ قِيَاسًا عَلَى عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْأَشْعَرِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى تَعَدُّدِ الْعِلْمِ بِتَعَدُّدِ الْمَعْلُومِ فَالْعِلْمُ بِهَذَا الشَّيْءِ غَيْرُ الْعِلْمِ بِذَلِكَ الشَّيْءِ.

وَأُجِيبَ عَنْ الْقِيَاسِ بِأَنَّهُ خَالٍ عَلَى الْجَامِعِ وَعَلَى هَذَا لَا يُقَالُ: يَتَفَاوَتُ الْعِلْمُ بِمَا ذَكَرَهُ، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: يَتَفَاوَتُ الْعِلْمُ فِي جُزْئِيَّاتِهِ إذْ الْعِلْمُ مَثَلًا بِأَنَّ الْوَاحِدَ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ أَقْوَى مِنْ الْجَزْمِ مِنْ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْعَالَمَ حَادِثٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ الْجَزْمُ بَلْ مِنْ حَيْثُ غَيْرُهُ كَإِلْفِ النَّفْسِ بِأَحَدِ الْمَعْلُومَيْنِ دُونَ الْآخَرِ.

(وَالْجَهْلُ انْتِفَاءُ الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ) أَيْ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُقْصَدَ لِيُعْلَمَ بِأَنْ لَمْ يُدْرَكْ أَصْلًا

ــ

[حاشية العطار]

بِحَسَبِ هَذَا الْمَعْنَى لَيْسَ تَفَاوُتًا فِي الْحَقِيقَةِ.

(قَوْلُهُ: بِنَاءً إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِكَثْرَةِ الْمُتَعَلِّقَاتِ، فَإِنَّ التَّفَاوُتَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ فِيهَا دُونَ الْعِلْمِ.

(قَوْلُهُ: بِنَاءً إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِكَثْرَةِ الْمُتَعَلِّقَاتِ، وَأَمَّا عَلَى التَّعَدُّدِ فَلَا يُعْقَلُ التَّفَاوُتُ فِي الْمُتَعَلِّقَاتِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُتَعَلِّقٍ لَهُ عِلْمٌ.

(قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى عِلْمِ اللَّهِ) أَيْ، فَإِنَّهُ وَاحِدٌ مَعَ تَعَدُّدِ الْمَعْلُومَاتِ خِلَافًا لِقَوْلِ أَبِي سَهْلٍ الصُّعْلُوكِيِّ بِتَعَدُّدِهِ.

(قَوْلُهُ: خَالٍ عَنْ الْجَامِعِ) لِأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ قَدِيمٌ وَعِلْمَ الْمَخْلُوقَاتِ حَادِثٌ فَلَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا، وَالِاشْتِرَاكُ فِي التَّسْمِيَةِ لَا يُسَوِّغُ الْقِيَاسَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقُدْرَةَ الْحَادِثَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِمَقْدُورَيْنِ عَلَى أَصْلِنَا، مَعَ أَنَّ الْقُدْرَةَ الْقَدِيمَةَ يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِمَقْدُورَيْنِ فَصَاعِدًا وَالرِّفْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ فِي ذَلِكَ مُتَعَذَّرٌ، وَأَيْضًا تَعَدُّدُ الْعِلْمِ الْقَدِيمِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعَدُّدُ الْقُدَمَاءِ بَلْ عَدَمُ تَنَاهِيهَا؛ لِأَنَّ مَعْلُومَاتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ قَوْلِ الْأَشْعَرِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ مِنْ النَّظَرِيَّاتِ الَّتِي بَعْضُهَا أَخْفَى مِنْ بَعْضٍ.

(قَوْلُهُ: كَأَلْفِ النَّفْسِ بِأَحَدِ الْمَعْلُومَيْنِ) أَيْ لِوُضُوحِهِ وَعَدَمِ خَفَائِهِ.

[تَعْرِيف الْجَهْل]

(قَوْلُهُ: انْتِفَاءُ الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ) صَدَقَ بِاعْتِقَادِ الْمَقْصُودِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ وَيَظُنُّهُ كَذَلِكَ

فَإِنْ قِيلَ: صِدْقُهُ عَلَى الظَّنِّ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ ظَنَّ الْمُجْتَهِدِ لِلْأَحْكَامِ مِنْ الْأَمَارَاتِ جَهْلٌ.

قُلْت: قَدْ مَرَّ أَنَّهُ ظَنٌّ يُفْضِي إلَى الْعِلْمِ بِمُوجِبِ الْأَمَارَةِ فَلَا يَنْدَرِجُ فِي الظَّنِّ الَّذِي يَصْدُقُ بِهِ الْحَدُّ، قَالَهُ النَّاصِرُ: وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ الْمَنْفِيِّ الْعِلْمُ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ، فَلَوْ حُمِلَ عَلَى مُطْلَقِ الْإِدْرَاكِ كَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ بِمَعْنَى الْإِدْرَاكِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ مَجَازٌ فَوُقُوعُهُ فِي التَّعْرِيفِ مُحْتَاجٌ لِقَرِينَةٍ وَلَا قَرِينَةَ هُنَا.

وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْأُصُولِيِّينَ لَا يَتَحَاشَوْنَ عَنْ أَمْثَالِ ذَلِكَ فِي التَّعْرِيفَاتِ، وَقَدْ يَدَّعِي وُجُودَ الْقَرِينَةِ وَهِيَ ظُهُورُ أَنَّ الِاعْتِقَادَ الْجَازِمَ الْمُطَابِقَ لِغَيْرِ مُوجِبٍ وَالظَّنَّ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا جَهْلًا، ثُمَّ لَا يَخْفَى شُمُولُ التَّعْرِيفِ لِلتَّصَوُّرِ السَّاذَجِ فَيَكُونُ انْتِفَاؤُهُ جَهْلًا بَسِيطًا وَلَيْسَ فِي التَّصَوُّرَاتِ جَهْلٌ مُرَكَّبٌ، فَإِنَّهُ إذَا تَصَوَّرَ الْإِنْسَانُ بِأَنَّهُ حَيَوَانٌ صَاهِلٌ مَثَلًا لَيْسَ فِيهِ خَطَأٌ فِي نَفْسِ التَّصَوُّرِ بَلْ فِي الْحُكْمِ الْمُتَضَمِّنِ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ.

(قَوْلُهُ: بِالْمَقْصُودِ) اللَّامُ فِيهِ وَفِي الْمَعْلُومِ لِلْجِنْسِ أَيْ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ مِنْ فَرْدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>