للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمُسْتَنِدِهِ صَرْفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ.

(مَسْأَلَةُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ) الْمُنْقَسِمِ إلَيْهِ وَإِلَى فَرْضِ الْعَيْنِ مُطْلَقُ الْفَرْضِ الْمُتَقَدِّمُ حَدُّهُ (مُهِمٌّ يُقْصَدُ حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ)

ــ

[حاشية العطار]

مَانِعٌ.

(قَوْلُهُ: لِمُسْتَنِدِهِ) عِلَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَعْلُولِهَا.

[فَرْضِ الْكِفَايَةِ مُهِمٌّ يُقْصَدُ حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ]

(قَوْلُهُ: الْمُنْقَسِمِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى مُنَاسَبَةِ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا؛ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِبَعْضِ مَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقُ الْفَرْضِ) وَهُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ بِاعْتِبَارِ شَيْءٍ وَلَا بِاعْتِبَارِ عَدَمِ شَيْءٍ.

(قَوْلُهُ: الْمُتَقَدِّمُ حَدُّهُ) مَرْفُوعٌ نَعْتًا لِمُطْلَقٍ أَوْ مَجْرُورٌ نَعْتًا لِفَرْضٍ إشَارَةً إلَى مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ، فَإِنْ اقْتَضَى الْخِطَابُ الْفِعْلَ اقْتِضَاءً جَازِمًا فَإِيجَابٌ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْفَرْضَ وَالْوَاجِبَ مُتَرَادِفَانِ فَيَكُونُ حَدُّ الْوَاجِبِ حَدًّا لِلْفَرْضِ فَلَا يُقَالُ: إنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ حَدُّهُ هُوَ الْوَاجِبُ.

(قَوْلُهُ: مُهِمٌّ) الْمُهِمُّ مَا حَرَّكَ الْهِمَّةَ وَلَا يَكُونُ إلَّا مُعْتَنًى بِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَمْرٌ مُعْتَنًى بِهِ فَظَهَرَ أَنَّ الْأَخْصَرَ أَنْ (يَقُولَ مُهِمٌّ) لَا يُنْظَرُ إلَى فَاعِلِهِ بِالذَّاتِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مُهِمًّا أَنْ يُقْصَدَ حَوْلَهُ وَبِالْعَكْسِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ أَصْلُهُ لِلْغَزَالِيِّ لَكِنَّهُ قَالَ: كُلُّ مُهِمٍّ دِينِيٍّ فَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَةَ كُلٍّ؛ لِأَنَّهَا لِشُمُولِ الْأَفْرَادِ، وَالتَّعْرِيفُ لِلْمَاهِيَةِ وَلَفْظَةُ دِينِيٍّ لِيَدْخُلَ الدُّنْيَوِيُّ كَالْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَالْغَزَالِيُّ يَرَى أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ؛ لِأَنَّ فِي بَوَاعِثِ الطِّبَاعِ عَلَيْهَا مَنْدُوحَةً عَنْ الْإِيجَابِ كَمَا قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ تَبَعًا لِإِمَامِهِ فَلِذَلِكَ أَخْرَجَهَا بِقَوْلِهِ دِينِيٍّ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ عَدُّهُ فِي الْإِحْيَاءِ وَالْوَجِيزِ الْحِرَفَ وَالصِّنَاعَاتِ الْمُهِمَّةَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ.

(قَوْلُهُ: يَقْصِدُ حُصُولَهُ) أَيْ يَقْصِدُ الشَّارِعُ حُصُولَهُ مِنْ الْمُكَلَّفِ وَالْمُرَادُ بِالْقَصْدِ الطَّلَبُ إطْلَاقًا لِلسَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ، فَإِنَّ حَقِيقَةَ الْقَصْدِ الْإِرَادَةُ وَلَوْ أَرَادَ الشَّارِعُ الْوَاجِبَ لَمَا تَخَلَّفَ عَنْ الْوُجُودِ وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ أَنَّهُ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ تَحْصِيلُهُ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِالْفِعْلِ وَفِيهِ أَنَّ الْحُصُولَ ثَمَرَةُ التَّحْصِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِذَاتِهِ بَلْ بِاعْتِبَارِ ثَمَرَتِهِ فَالْحُصُولُ هُوَ الْمَقْصُودُ أَوَّلًا وَبِالذَّاتِ بِخِلَافِ التَّحْصِيلِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُكَلَّفَ بِهِ وَأَوْرَدَ أَيْضًا أَنَّ الْحَدَّ يَتَنَاوَلُ مُطْلَقَ الْفَرْضِ فَلَا يَطَّرِدُ، وَأَجَابَ بِأَنَّ النَّظَرَ إلَى الْفَاعِلِ فِي الْكِفَايَةِ وَقَعَ التَّقْيِيدُ بِتَرْكِهِ وَفِي مُطْلَقِ الْفَرْضِ وَقَعَ تَرْكُ التَّقْيِيدِ بِهِ وَلِذَا صَدَقَ عَلَى قِسْمَيْهِ اهـ.

وَمُحَصِّلُهُ رُجُوعُ الْأَوَّلِ لِلْمَاهِيَةِ بِشَرْطِ لَا شَيْءَ وَالثَّانِي لَا بِشَرْطِ شَيْءٍ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَوَّلَ أَخَصُّ وَالثَّانِيَ أَعَمُّ وَلِذَلِكَ قَالَ: وَلِذَا صَدَقَ إلَخْ.

وَأَجَابَ سم أَيْضًا بِتَسْلِيمِ شُمُولِهِ لَهُ وَأَنَّهُ تَعْرِيفٌ بِالْأَعَمِّ أَوْ بِمَنْعِ الشُّمُولِ إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَى مُطْلَقِ الْفَرْضِ هَذَا السَّلْبُ الْكُلِّيُّ أَعْنِي مَضْمُونَ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ لِثُبُوتِ الْإِيجَابِ الْجُزْئِيِّ وَهُوَ النَّظَرُ إلَى فَاعِلِهِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَهُوَ الْفَرْضُ الْعَيْنِيُّ، وَجَوَابُ النَّاصِرِ أَدَقُّ، فَإِنَّهُ كَشَفَ عَنْ مَاهِيَّتِهَا الْمُرَادِ مِنْهُمَا وَهُوَ اللَّائِقُ بِحَالِ التَّعْرِيفِ وسم أَخْرَجَ التَّعْرِيفَ الَّذِي هُوَ مِنْ بَابِ التَّصَوُّرَاتِ إلَى التَّصْدِيقِ؛ لِأَنَّ السَّلْبَ الْكُلِّيَّ إنَّمَا يَكُونُ فِي التَّصْدِيقَاتِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ سُقُوطُ قَوْلِهِ.

وَقَدْ يَتَعَسَّفُ فِي حَمْلِ جَوَابِ الشَّيْخِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يُلَاقِيهِ فَكَيْفَ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ لِتَبَايُنِ الْمَلْحَظَيْنِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نَظَرِ الذَّاتِ) قَرَّرَ النَّاصِرُ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ التَّعْرِيفِ نَتِيجَةً لَهُ وَلَازِمٌ عَنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إسْنَادَ الْقَصْدِ إلَى الْحُصُولِ يُشْعِرُ عُرْفًا بِقَصْرِهِ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ مَعْنَاهَا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ أَنَّ الْحُصُولَ مِنْ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ مُبْهَمًا أَوْ مُعَيَّنًا اهـ.

وَأَقُولُ: إنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْقَصْرِ يَكُونُ الْمَعْنَى هَكَذَا مُهِمٌّ لَا يُقْصَدُ إلَّا حُصُولُهُ أَيْ لَا غَيْرُهُ فَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَخْ تَصْرِيحٌ بِلَازِمِ الْحُكْمِ السَّلْبِيِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْقَصْرِ إلَّا أَنَّ دَعْوَى الْقَصْرِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا، فَإِنَّ قَوْلَهُ يُقْصَدُ حُصُولُهُ وَقَعَ نَعْتًا لِقَوْلِهِ مُهِمٌّ فَجُمْلَةُ يَقْصِدُ حُصُولَهُ، وَإِنْ وَقَعَ فِيهَا إسْنَادٌ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَعَلَى تَقْدِيرِ الْحَصْرِ يَلْزَمُ الْإِسْنَادُ بِالْأَخْبَارِ فَيَلْزَمُ التَّنَاقُضُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ بَلْ هُوَ أَمْرٌ ادِّعَائِيٌّ فَالْحَقُّ أَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ التَّعْرِيفِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَخَرَجَ فَرْضُ الْعَيْنِ، فَإِنَّهُ مَنْظُورٌ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ لِصَرَاحَتِهِ فِي أَنَّ الْمَخْرَجَ لَهُ قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَخْ وَإِلَّا لَقَالَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ حُصُولَهُ أَيْ لَمْ يَخْتَصَّ الْقَصْدُ بِحُصُولِهِ.

(قَوْلُهُ: بِالذَّاتِ) مُتَعَلِّقٌ بِنَظَرٍ وَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ وَالْمُرَادُ بِالنَّظَرِ الذَّاتِيِّ مَا هُوَ بِالْأَصَالَةِ وَالْأَوَّلِيَّةِ وَالْمَعْنَى مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ مُلْتَبِسٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>