للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ مِنْ بَعْضٍ قَامَ بِهَا رَابِعُهَا أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا أَيْ تَصِيرُ بِهِ سُنَّةَ عَيْنٍ يَعْنِي مِثْلَهَا فِي تَأَكُّدِ طَلَبِ الْإِتْمَامِ عَلَى الْأَصَحِّ.

(مَسْأَلَةُ الْأَكْثَرِ) مِنْ الْفُقَهَاءِ وَمِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى (أَنَّ جَمِيعَ وَقْتِ الظُّهْرِ جَوَازًا وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ الظُّهْرِ كَبَاقِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ (وَقْتَ الْأَدَاءِ)

ــ

[حاشية العطار]

سُنَّةَ الْكِفَايَةِ أَفْضَلُ مِنْ سُنَّةِ الْعَيْنِ كَمَا قِيلَ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ لِعَدَمِ تَأَتِّي سُقُوطِ الْإِثْمِ إذْ لَا إثْمَ فِي تَرْكِهَا، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ تَفْضِيلُ سُنَّةِ الْعَيْنِ بِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ فِي دَلِيلِ تَفْضِيلِ فَرْضِ الْعَيْنِ قَالَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ: يَلْزَمُ عَلَى سُقُوطِ الطَّلَبِ أَنَّ الْفِرْقَةَ الثَّانِيَةَ إذَا فَعَلَتْ سُنَّةَ الْكِفَايَةِ لَا تَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ مِنْ تَرَتُّبِ الثَّوَابِ عَلَى فِعْلِهَا كَالْفِرْقَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْمُدْرَكَ هُنَاكَ بَقَاءُ الطَّلَبِ، وَإِنْ سَقَطَ الْحَرَجُ وَالْغَرَضُ هُنَا سُقُوطُ الطَّلَبِ فَلَا ثَوَابَ وَعَلَى ذَلِكَ مَنْعٌ ظَاهِرٌ، وَلَوْ قِيلَ: إنَّ سُنَّةَ الْكِفَايَةِ أَفْضَلُ مِنْ سُنَّةِ الْعَيْنِ لِسُقُوطِ اللَّوْمِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى تَرْكِهَا بِفِعْلِ الْقَائِمِ بِهَا لَكَانَ مُلَائِمًا لِمَا سَلَفَ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ اهـ.

وَعَلَيْهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ الطَّلَبَ سَقَطَ عَنْ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ بِفِعْلِ الْأُولَى فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ مِنْ بَعْضِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ بَعْضٍ؛ لِأَنَّ هَذَا تَفْصِيلٌ فِي الْبَعْضِ.

(قَوْلُهُ: فِي تَأَكُّدِ الطَّلَبِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ سُنِّيَّتَهَا لَا تَقْوَى عَنْ قَبْلُ، كَمَا فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ إذَا تَعَيَّنَ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ يَعْنِي مِثْلَهَا فِي تَخْصِيصِ الطَّلَبِ بِمَنْ شَرَعَ.

[مَسْأَلَةُ الْأَكْثَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ وَقْتِ الظُّهْرِ جَوَازًا وَقْتَ الْأَدَاءِ]

(قَوْلُهُ: الْأَكْثَرِ أَنَّ جَمِيعَ وَقْتٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ جَمِيعَ وَقْتِ الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ وَقْتٌ لِأَدَائِهِ وَسَبَبِ وُجُوبِهِ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنْ الْوَقْتِ لِسَبْقِهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى تَعَلُّقِ الْفِعْلِ بِالْمُكَلَّفِ مُخَيَّرًا فِي أَجْزَاءِ الْوَقْتِ كَالتَّخْيِيرِ فِي الْمَفْعُولِ فِي خِصَالِ الْكَفَّارَةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ شَارِحُ الْمِنْهَاجِ إنَّ حَقِيقَةَ الْمُوَسَّعِ تَرْجِعُ لِلْمُخَيَّرِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَقْتِ كَأَنَّهُ قِيلَ لِلْمُكَلَّفِ: أَفْعَلُ أَمَّا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْإِتْيَانِ بِهِ فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْهَا.

وَتَعْبِيرُهُ بِالْجَوَازِ يُفْهِمُ أَنَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ يَخْرُجُ إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ لِخُرُوجِ وَقْتِ الْجَوَازِ وَهُوَ مُرَادُ الْأُصُولِيِّينَ، فَإِنَّ مُرَادَهُمْ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَكُونُ الْفِعْلُ فِيهِ أَدَاءً اتِّفَاقًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْأَدَاءُ فِعْلُ بَعْضِ مَا دَخَلَ وَقْتُهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ يَمْتَدُّ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ مَعَ أَنَّ وَقْتَ الْجَوَازِ خَرَجَ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الِاتِّفَاقِ بَلْ هُوَ زِيَادَةٌ جَرَى فِيهَا عَلَى طَرِيقِ الْفُقَهَاءِ وَكَرَّرَ مَنْ فِي قَوْلِهِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَمِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ لِيُفِيدَ أَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا مِنْ مَجْمُوعِهِمَا فَيَصْدُقُ بِالْأَقَلِّ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْأَكْثَرِ مِنْ الْآخَرِ وَالْمُرَادُ الْمُتَكَلِّمُونَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمْ مُتَكَلِّمُونَ إذْ لَا ارْتِبَاطَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعِلْمِ الْكَلَامِ بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمْ أُصُولِيُّونَ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُمْ بِالْمُتَكَلِّمِينَ لِاشْتِهَارِهِمْ بِهِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ جَمِيعَ إلَخْ) قَدَّرَ الشَّارِحُ عَلَى لِيَصِحَّ الْإِخْبَارُ بِهَا مَعَ مَا بَعْدَهَا عَنْ الْأَكْثَرِ وَحَذْفُ الْجَارِّ مُطَّرِدٌ قَبْلَ أَنْ، وَإِنْ وَالْمَعْنَى الْأَكْثَرُ مُتَّفِقُونَ أَوْ جَارُونَ عَلَى أَنَّ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: جَوَازًا) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمُضَافِ وَالْأَصْلُ وَقْتُ جَوَازِ الظُّهْرِ فَحَذَفَ الْمُضَافَ، ثُمَّ أَتَى بِهِ تَمْيِيزًا لِإِجْمَالِ النِّسْبَةِ الْحَاصِلِ بِحَذْفِهِ.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) عَطْفٌ عَلَى الظُّهْرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ قَالَ النَّاصِرُ وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى جَوَازًا؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَاتِ الْمُضَافِ إنَّمَا تُذْكَرُ بَعْدَهُ تَعَلُّقَاتُ الْمُضَافِ إلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>