للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ بِالْعِلْمِ بِهِ وَهُوَ تَحْرِيفٌ مِنْ نَاسِخٍ مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ إذْ وَقَعَ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ (وَالْحَقُّ) كَمَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُ (أَنَّ الْأَدِلَّةَ النَّقْلِيَّةَ قَدْ تُفِيدُ الْيَقِينَ بِانْضِمَامِ تَوَاتُرٍ أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ الْمُشَاهَدَةِ كَمَا فِي أَدِلَّةِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الصَّحَابَةَ عَلِمُوا مَعَانِيَهَا الْمُرَادَةَ بِالْقَرَائِنِ الْمُشَاهَدَةِ وَنَحْنُ عَلِمْنَاهَا بِوَاسِطَةِ نَقْلِ تِلْكَ الْقَرَائِنِ إلَيْنَا تَوَاتُرًا فَانْدَفَعَ تَوْجِيهُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهَا لَا تُفِيدُ الْيَقِينَ بِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِالْمُرَادِ مِنْهَا

(الْمَنْطُوقُ وَالْمَفْهُومُ) أَيْ هَذَا مَبْحَثُهُمَا (الْمَنْطُوقُ مَا) أَيُّ مَعْنًى (دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ

ــ

[حاشية العطار]

الْعَمَلَ الْقَلْبِيَّ كَانَ مُسَاوِيًا لِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبُرْهَانِ) .

أَقُولُ: عِنْدِي نُسْخَةٌ عَتِيقَةٌ صَحِيحَةٌ مِنْهُ الْمَذْكُورُ فِيهِمَا الْعَمَلُ، وَقَدْ نَقَلْت عِبَارَتَهُ سَابِقًا

(قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ) أَيْ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ثَانِيهَا أَنَّ الْأَدِلَّةَ النَّقْلِيَّةَ تُفِيدُ الْيَقِينَ مُطْلَقًا وَثَالِثُهَا لَا تُفِيدُهُ مُطْلَقًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ دَفَعَ تَوْجِيهَ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهَا لَا تُفِيدُ الْيَقِينَ بِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِالْمُرَادِ مِنْهَا أَيْ لِأَنَّ إفَادَتَهَا لَهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِوَضْعِ الْأَلْفَاظِ وَبِإِرَادَةِ مَعَانِيهَا مِنْهَا وَالْعِلْمُ بِالْوَضْعِ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلِ الْعَرَبِيَّةِ لُغَةً وَنَحْوًا وَصَرْفًا وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ إنَّمَا ثَبَتَتْ بِالْآحَادِ لِأَنَّ مَرْجِعَهَا إلَى أَشْعَارِ الْعَرَبِ الَّتِي يَرْوِيهَا عَنْهُمْ الْآحَادُ كَالْأَصْمَعِيِّ وَالْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَذَلِكَ مُحْتَمِلٌ لِلْخَطَأِ وَالْكَذِبِ، وَالْعِلْمُ بِإِرَادَةِ تِلْكَ الْمَعَانِي يَتَوَقَّفُ عَلَى عَدَمِ نَقْلِ الْأَلْفَاظِ عَنْ مَعَانِيهَا وَعَدَمِ الِاشْتِرَاكِ وَالتَّخْصِيصِ وَالْمَجَازِ وَالْفَسْخِ وَالْإِضْمَارِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَمَعَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ أَوْ بَعْضِهَا لَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِالْأَمْرَيْنِ وَمَعَ حُصُولِهِ لَا بُدَّ فِي إفَادَةِ النَّقْلِيَّةِ الْيَقِينَ مِنْ الْعِلْمِ بِعَدَمِ الْمُعَارِضِ الْعَقْلِيِّ الْمُحْوِجِ إلَى تَأْوِيلِ النَّقْلِ لِكَوْنِهِ أَصْلًا فِي الْحُكْمِ لِأَنَّ الطَّرِيقَ إلَى إثْبَاتِ الصَّانِعِ وَمَعْرِفَةِ النُّبُوَّةِ وَسَائِرِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ النَّقْلِ لَيْسَ إلَّا الْعَقْلُ فَهُوَ أَصْلُ النَّقْلِ فَلَا دَلَالَةَ تُفِيدُ الْيَقِينَ، وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ اللُّغَةَ وَالنَّحْوَ وَالصَّرْفَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِالْآحَادِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ تَأَمُّلٌ وَلَا نُسَلِّمُ أَيْضًا أَنَّ إفَادَةَ النَّقْلِيَّةِ الْيَقِينَ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِعَدَمِ الْمُعَارِضِ قَالَ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ الْحَقُّ أَنَّهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُعَارِضِ لَا عَلَى الْعِلْمِ بِعَدَمِهِ إذْ كَثِيرًا مَا يَحْصُلُ الْيَقِينُ مِنْ الدَّلِيلِ وَلَا يَخْطِرُ الْمُعَارِضُ بِالْبَالِ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا فَضْلًا عَنْ الْعِلْمِ بِعَدَمِهِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ أَنَّ إفَادَتَهَا الْيَقِينَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِعَدَمِهِ أَنَّهَا تَكُونُ بِحَيْثُ لَوْ لَاحَظَ الْعَقْلَ الْمُعَارِضَ جَزَمَ بِعَدَمِهِ اهـ. زَكَرِيَّا

(قَوْلُهُ: بِانْضِمَامِ تَوَاتُرٍ) أَيْ فِي حَقِّ غَيْرِ الصَّحَابَةِ وَقَوْلُهُ أَيْ غَيْرِهِ أَيْ فِي حَقِّ الصَّحَابَةِ كَمُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا حَالَ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَحَثِّهِ عَلَيْهَا حَثًّا شَدِيدًا ثُمَّ الْمُرَادُ تَوَاتُرُ الْقَرَائِنِ وَغَيْرُهُ مُشَاهَدَتُهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ التَّوَاتُرَ أَوْ غَيْرَهُ هُوَ الْقَرِينَةُ فَانْدَفَعَ قَوْلُ النَّاصِرِ ظَاهِرَهُ أَنَّ التَّوَاتُرَ وَالْمُشَاهَدَةَ قَرِينَتَانِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ بِالْقَرَائِنِ الْمُشَاهَدَةِ، وَنَقْلُ تِلْكَ الْقَرَائِنِ إلَيْنَا تَوَاتُرًا يُبَيِّنُ أَنَّ التَّوَاتُرَ وَالْمُشَاهَدَةَ مُتَعَلِّقَتَانِ بِالْقَرَائِنِ لَا أَنْفُسِهِمَا قَوْلُهُ كَمَا فِي أَدِلَّةٍ أَيْ كَإِفَادَةِ الْيَقِينِ فِي أَدِلَّةٍ

(قَوْلُهُ: عَلِمُوا مَعَانِيَهَا الْمُرَادَةَ بِالْقَرَائِنِ) أَيْ مَعَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ الْعَقْلِيِّ لِصِدْقِ الْقَائِلِ إذْ عِلْمُهُمْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَسْتَلْزِمُ عِلْمَهُمْ بِعَدَمِ الْمُعَارِضِ إذْ لَوْ لَمْ يَعْلَمُوهُ مَا حَصَلَ لَهُمْ الْعِلْمُ الْمَذْكُورُ فَانْدَفَعَ قَوْلَ النَّاصِرِ الْآتِي

(قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ تَوْجِيهُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْمُطْلَقَ لَا يُخَالِفُ مَعَ هَذَا التَّقْيِيدَ فَلَا خِلَافَ بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: فَانْدَفَعَ إطْلَاقَ تَوْجِيهِ مَنْ أَطْلَقَ لِأَنَّ الْمُنْدَفِعَ إطْلَاقُ التَّوْجِيهِ لَا نَفْسُ التَّوْجِيهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: بِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ إلَخْ) أَيْ فَيُؤَدِّي إلَى الِاحْتِمَالِ وَلَا يَقِينَ مَعَهُ وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ الْيَقِينَ بِمَا انْضَمَّ إلَيْهَا مِنْ تَوَاتُرٍ أَوْ مُشَاهَدَةٍ قَالَ النَّاصِرُ هَذَا الْقَائِلُ ضَمَّ إلَى هَذَا فِي التَّوْجِيهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِعَدَمِ الْمُعَارِضِ الْعَقْلِيِّ فَلَا بُدَّ فِي دَفْعِهِ مَعَ مَا ذَكَرَ مِنْ قَوْلٍ وَالْعِلْمُ بِعَدَمِ الْمُعَارِضِ مِنْ صِدْقِ الْقَائِلِ كَمَا زَادَ وَالسَّيِّدُ اهـ، وَقَدْ عَلِمْت انْدِفَاعَهُ مِمَّا سَبَقَ

[الْمَنْطُوقُ وَالْمَفْهُومُ]

(قَوْلُهُ: أَيْ هَذَا مَبْحَثُهُمَا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَصْلَ الْكَلَامِ هَذَا مَبْحَثُ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ فَحَذَفَ الْمُبْتَدَأَ ثُمَّ حَذَفَ الْمُضَافَ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ: وَالْمَنْطُوقُ) أَيْ الْمَنْطُوقُ بِهِ وَإِطْلَاقُهُ عَلَى الْمَعْنَى حَقِيقَةٌ اصْطِلَاحِيَّةٌ وَإِلَّا فَالْمَعْنَى لَا يَنْطِقُ بِهِ وَإِنَّمَا يَنْطِقُ بِاللَّفْظِ

(قَوْلُهُ: مَا أَيُّ مَعْنًى إلَخْ) أَوْقَع مَا عَلَى مَعْنَى وَلَمْ يَجْعَلْهَا مَصْدَرِيَّةً كَالْعَضُدِ لِأَنَّ الْمَنْطُوقَ وَالْمَفْهُومَ مِنْ أَقْسَامِ الْمَدْلُولِ دُونَ الدَّلَالَةِ وَالْعَضُدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَعَلَهَا مَصْدَرِيَّةً لِيُوَافِقَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>