للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَالٌّ عَلَى ذَاتٍ مُتَّصِفَةٍ بِمَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ كَالْأَسْوَدِ (إشْعَارٌ بِخُصُوصِيَّةِ) تِلْكَ مِنْ (الذَّاتِ) مِنْ كَوْنِهَا جِسْمًا، أَوْ غَيْرَ جِسْمٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَك مَثَلًا الْأَسْوَدُ جِسْمٌ صَحِيحٌ وَلَوْ أَشْعَرَ الْأَسْوَدُ فِيهِ بِالْجِسْمِيَّةِ لَكَانَ بِمَثَابَةِ قَوْلِك الْجِسْمُ ذُو السَّوَادِ جِسْمٌ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِعَدَمِ إفَادَتِهِ.

(مَسْأَلَةُ الْمُتَرَادِفِ) ، وَهُوَ كَمَا تَقَدَّمَ اللَّفْظُ الْمُتَعَدِّدُ الْمُتَّحِدُ الْمَعْنَى (وَاقِعٌ) فِي الْكَلَامِ (خِلَافًا لِثَعْلَبَ وَابْنِ فَارِسٍ) فِي نَفْيِهِمَا وُقُوعُهُ (مُطْلَقًا) قَالَا، وَمَا يُظَنُّ مُتَرَادِفًا كَالْإِنْسَانِ، وَالْبَشَرِ فَمُتَبَايِنٌ بِالصِّفَةِ، فَالْأَوَّلُ بِاعْتِبَارِ النِّسْيَانِ، أَوْ أَنَّهُ يَأْنَسُ، وَالثَّانِي بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ بَادِي الْبَشَرَةِ أَيْ ظَاهِرُ الْجِلْدِ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِالْمُخَالِفِ الَّذِي أَبْهَمَهُ غَيْرُهُ لِغَرَابَةِ النَّقْلِ عَنْهُ كَمَا قَالَ (وَ) خِلَافًا (لِلْإِمَامِ) الرَّازِيّ فِي نَفْيِهِ وُقُوعَهُ (فِي الْأَسْمَاءِ الشَّرْعِيَّةِ) قَالَ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي النَّظْمِ، وَالسَّجْعِ مَثَلًا

ــ

[حاشية العطار]

لِانْتِفَاءِ الْوَصْفِ الَّذِي اُشْتُقَّ مِنْهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَكَوْنُهُ خَلَقَهُ غَيْرُهُ أَوَّلًا شَيْءٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: دَالٌّ إلَخْ) إنَّمَا أَتَى بِهَذَا الْوَصْفِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُشْتَقِّ الْمَوْضُوعِ لِشَيْءٍ مَخْصُوصٍ كَأَسْمَاءِ الْآلَةِ، وَالْمَكَانِ، وَالزَّمَانِ فَإِنَّ فِيهِ إشْعَارًا بِخُصُوصِيَّةِ الذَّاتِ بِأَنَّهَا زَمَانٌ، أَوْ مَكَانٌ مَثَلًا.

[مَسْأَلَةُ الْمُتَرَادِفِ وَاقِعٌ خِلَافًا لِثَعْلَبَ وَابْنِ فَارِسٍ]

(قَوْلُهُ: الْمُتَرَادِفُ وَاقِعٌ) السَّبَبُ الْأَكْثَرِيُّ فِي وُقُوعِهِ أَنَّ اللَّفْظَيْنِ الْمُتَرَادِفَيْنِ إمَّا مِنْ وَاضِعَيْنِ بِأَنْ تَضَعَ إحْدَى الْقَبِيلَتَيْنِ إحْدَى اللَّفْظَيْنِ لِمَعْنًى، وَالْأُخْرَى الْآخَرَ لَهُ أَيْضًا وَاشْتَهَرَ الْوَضْعَانِ، وَالْتَبَسَا، أَوْ مِنْ وَاضِعٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ لِتَكْثِيرِ وَسَائِلِ التَّعْبِيرِ عَلَى النَّاسِ لِيَتَمَكَّنُوا مِنْ تَأْدِيَةِ الْمَعَانِي بِأَيِّهِمَا شَاءُوا، أَوْ بِأَحَدِهِمَا عِنْدَ نِسْيَانِ الْآخَرِ، وَالتَّوَسُّعُ فِي مَجَالِ الْبَدَائِعِ نَظْمًا وَنَثْرًا كَمَا يُشِيرُ إلَى هَذَا الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: اللَّفْظُ الْمُتَعَدِّدُ) فِيهِ أَنَّ الْمُتَعَدِّدَ هُوَ مَجْمُوعُ الْمُتَرَادِفَيْنِ فَأَكْثَرَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ هُوَ اللَّفْظُ الْمُوَافِقُ بِالْوَضْعِ لِلَفْظٍ آخَرَ فِي مَعْنَاهُ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ تَسَمُّحٌ فِي التَّعْبِيرِ لِظُهُورِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ وَاتِّكَالًا عَلَى مَا سَبَقَ لَهُ فِي تَقْسِيمِ اللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى.

(قَوْلُهُ: فِي الْكَلَامِ) أَلْ عَهْدِيَّةٌ، أَيْ: كَلَامُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَكَلَامُ الْبُلَغَاءِ.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِثَعْلَبٍ) قَدْ يُحْتَجُّ لَهُ بِأَنَّ التَّرَادُفَ يُحْوِجُ الْمُخَاطَبِينَ إلَى حِفْظِ جَمِيعِ الْأَلْفَاظِ الْمُتَرَادِفَةِ؛ إذْ لَوْلَاهُ لَاخْتَلَّ الْفَهْمُ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ الْمَعْلُولُ لِأَحَدِ الْمُخَاطَبِينَ غَيْرَ اللَّفْظِ الْمَعْلُومِ لِلْآخَرِ فَعِنْدَ التَّخَاطُبِ لَا يَعْلَمُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُرَادَ الْآخَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ حِفْظِ الْجَمِيعِ لِيَتَيَسَّرَ الْفَهْمُ فَتَزْدَادُ الْمَشَقَّةُ ذَكَرَهُ الْعُبْرِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) ، أَيْ: فِي الشَّرْعِيَّاتِ وَغَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ: فَمُتَبَايِنٌ بِالصِّفَةِ) ، أَيْ: لَا بِالذَّاتِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ تَبَايَنَا فِيهِمَا أَيْضًا لَمْ يَكُونَا مُتَرَادِفَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِالذَّاتِ الْمَاصَدَقُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّرَادُفَ يَقْتَضِي الِاتِّحَادَ فِي الذَّاتِ، وَالصِّفَةِ (قَوْلُهُ:، فَالْأَوَّلُ بِاعْتِبَارِ إلَخْ) بَحَثَ فِيهِ بِأَنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَعْمِلُ إنْسَانًا وَبَشَرًا مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ مَا ذَكَرَ، وَذَلِكَ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِي مُسَمَّى اللَّفْظِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُعْتَبَرًا فِي الْوَضْعِ لَلَزِمَ مُلَاحَظَتُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِهِ فِي الْوَضْعِ لِلْمُنَاسَبَةِ اعْتِبَارُهُ وَعِنْدَ الِاسْتِعْمَالِ.

(قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ النِّسْيَانِ) فَوَزْنُهُ إفْعَانٌ وَأَصْلُهُ إنْسِيَانٌ إفْعِلَانٌ حُذِفَتْ لَامُهُ الَّتِي هِيَ الْيَاءُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ يَأْنَسُ) فَيَكُونُ مَأْخُوذًا مِنْ أَنِسَ، فَالْهَمْزَةُ أَصْلِيَّةٌ وَوَزْنُهُ فُعْلَانَ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: ظَاهِرُ الْجِلْدِ) تَفْسِيرٌ لِمَجْمُوعِ الْمُرَكَّبِ لَا لِلْبَشَرَةِ؛ لِأَنَّهَا كَمَا فِي الصِّحَاحِ ظَاهِرُ جِلْدِ الْإِنْسَانِ فَيَحْصُلُ تَهَافُتٌ فِي اللَّفْظِ.

(قَوْلُهُ: لِغَرَابَةِ النَّقْلِ عَنْهُ) قَالَ الْكَمَالُ قَدْ وَافَقَهُمَا الزَّجَّاجُ وَأَبُو هِلَالٍ الْعَسْكَرِيُّ وَصَنَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا كِتَابًا مَنَعَ فِيهِ التَّرَادُفَ وَسَمَّى الْعَسْكَرِيُّ كِتَابَهُ الْفُرُوقَ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِنْسَانِ، وَالْبَشَرِ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَبَيْنَ قُعُودٍ وَجُلُوسٍ بِأَنَّ الْقُعُودَ مَا كَانَ عَنْ قِيَامٍ، وَالْجُلُوسَ مَا كَانَ عَنْ نَوْمٍ وَنَحْوِهِ لِدَلَالَةِ الْمَادَّةِ عَلَى مَعْنَى الِارْتِفَاعِ قَالَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَأَشَارَ إلَيْهِ الْمُبَرِّدُ وَغَيْرُهُ اهـ.

وَقَدْ حَكَى عَنْ ابْنِ خَالَوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ بِمَجْلِسِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ أَحْفَظُ لِلسَّيْفِ خَمْسِينَ اسْمًا فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ مَا أَحْفَظُ لَهُ إلَّا اسْمًا وَاحِدًا، وَهُوَ السَّيْفُ فَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ فَأَيْنَ الْمُهَنَّدُ، وَالصَّارِمُ، وَالرَّسُوبُ، وَالْمِخْذَمُ وَأَخَذَ يُعَدِّدُ فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ هَذِهِ صِفَاتٌ وَكَأَنَّ الشَّيْخُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الِاسْمِ، وَالصِّفَةِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَعَدُّدِ الدَّالِّ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَرُبَّمَا، أَوْقَعَ فِي اللَّبْسِ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَشَارَ إلَى فَوَائِدَ أُخَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>