للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْكَلَامِ وَمِنْهُمْ الْأَشَاعِرَةُ (اخْتَلَفُوا هَلْ لِلْأَمْرِ) النَّفْسِيِّ (صِيغَةٌ تَخُصُّهُ) بِأَنْ تَدُلَّ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ فَقِيلَ نَعَمْ وَقِيلَ لَا (وَالنَّفْيُ عَنْ الشَّيْخِ)

ــ

[حاشية العطار]

إلَى وُقُوعِهِ فَهَذَا يُبْطِلُ كَوْنَ الْإِرَادَةِ عَيْنَهُ أَوْ شَرْطَهُ كَذَا فِي فُصُولِ الْبَدَائِعِ.

[مَسْأَلَةٌ الْقَائِلُونَ بِالنَّفْسِيِّ مِنْ الْكَلَامِ اخْتَلَفُوا هَلْ لِلْأَمْرِ النَّفْسِيِّ صِيغَةٌ تَخُصُّهُ]

(قَوْلُهُ: مِنْ الْكَلَامِ) أَمْرًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَمْ يَجْعَلْ النَّفْسِيَّ صِفَةً لِلْأَمْرِ مَعَ أَنَّهُ مَوْضُوعُ الْمَبْحَثِ لِئَلَّا يَلْزَمَ فِي قَوْلِهِ هَلْ لِلْأَمْرِ الْإِظْهَارُ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ وَعَادَةُ الْمُصَنِّفِ تَأْبَاهُ.

(قَوْلُهُ: صِيغَةٌ تَخُصُّهُ) أَيْ تَكُونُ مَقْصُورَةً عَلَيْهِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ تَدُلَّ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاخْتِصَاصِ الِانْفِرَادَ وَإِلَّا لَقَالَ بِأَنْ لَا يُشَارِكَهَا غَيْرُهَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ هَذَا لَا يُنَافِي دَلَالَتَهَا عَلَى غَيْرِهِ أَيْضًا مَعَهُ وَلَيْسَ مُرَادًا وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ هَلْ صِيغَةُ افْعَلْ تَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ أَمْ لَا وَإِلَّا فَالْأَمْرُ لَهُ صِيغَةٌ تَخُصُّهُ اتِّفَاقًا كَأَمَرْتُكَ وَأَلْزَمْتُك لَوْ فُرِضَ صُدُورُهَا مِنْ الشَّارِعِ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا) أَيْ لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ بَلْ إمَّا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَوْ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَالْجُمْهُورِ إلَخْ تَفْصِيلٌ لِمَا هُنَا فَلَوْ ذَكَرَهُ هُنَا أَوْ اكْتَفَى بِهِ كَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَالنَّفْيُ عَنْ الشَّيْخِ إلَخْ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ الْمَنْقُولُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ وَمُتَّبِعِيهِ مِنْ الْوَاقِفِيَّةِ أَنَّ الْعَرَبَ مَا صَاغَتْ لِلْأَمْرِ الْحَقِّ الْقَائِمِ بِالنَّفْسِ عِبَارَةً فَرْدَةً وَقَوْلُ الْقَائِلِ افْعَلْ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ نَظَرًا إلَى مَذْهَبِ الْوَعِيدِ وَإِنْ فُرِضَ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ النَّهْيِ فَهُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ رَفْعِ الْحَرَجِ عَلَى مَذْهَبِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢] وَبَيْنَ الِاقْتِضَاءِ ثُمَّ هُوَ فِي مَسْلَكِ الِاقْتِضَاءِ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ النَّدْبِ وَالْإِيجَابِ وَيَتَبَيَّنُ مِنْ مَجْمُوعِ مَا ذَكَرْنَاهُ تَرَدُّدُ اللَّفْظِ عِنْدَ الْوَاقِفِيَّةِ بَيْنَ هَذِهِ الْجِهَاتِ كُلِّهَا ثُمَّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي تَنْزِيلِ مَذْهَبِهِ فَقَالَ قَائِلُونَ اللَّفْظُ صَالِحٌ لِجَمِيعِ هَذِهِ الْمَحَامِلِ صَلَاحَ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ لِلْمَعَانِي الَّتِي هُيِّئَتْ اللَّفْظَةُ لَهَا وَقَالَ آخَرُ لَيْسَ الْوَقْفُ مَصِيرًا إلَى دَعْوَى الِاشْتِرَاكِ وَضْعًا فِي اللِّسَانِ وَلَكِنَّ الْمَعْنَى بِهِ أَنَّا لَا نَدْرِي عَلَى أَيِّ وَضْعٍ جَرَى قَوْلُ الْقَائِلِ افْعَلْ فِي اللِّسَانِ فَهُوَ إذًا مَشْكُوكٌ فِيهِ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ ثُمَّ نَقَلَ بَعْضُ مُصَنِّفِي الْمَقَالَاتِ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوَقْفِ مَعَ فَرْضِ الْقَرَائِنِ وَهَذَا زَلَلٌ بَيِّنٌ فِي النَّقْلِ وَالْوَجْهُ أَنْ يُوَرِّك بِالْغَلَطِ عَلَى النَّقْلِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ الْوَقْفَ مَعَ فَرْضِ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ عَلَى نِهَايَةِ الْوُضُوحِ ذُو تَحْصِيلٍ وَاَلَّذِي أَرَاهُ فِي ذَلِكَ جَازِمًا بِهِ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُنْكِرُ صِيغَةً مُشْعِرَةً بِالْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ مُقْتَضَى الْكَلَامِ الْقَائِمِ بِالنَّفْسِ نَحْوُ قَوْلِ الْقَائِلِ أَوْجَبْت أَوْ أَلْزَمْت أَوْ مَا شَاكَلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا الَّذِي تَرَدَّدَ فِيهِ مُجَرَّدُ قَوْلِ الْقَائِلِ افْعَلْ مِنْ حَيْثُ أَلْفَاهُ فِي وَضْعِ اللِّسَانِ مُتَرَدِّدًا وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَمَا الظَّنُّ بِهِ إذَا اقْتَرَنَ بِقَوْلِ الْقَائِلِ افْعَلْ لَفْظٌ أَوْ أَلْفَاظٌ مِنْ الْقَبِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ افْعَلْ حَتْمًا أَوْ افْعَلْ وَاجِبًا نَعَمْ قَدْ يَتَرَدَّدُ الْمُتَرَدِّدُ فِي الصِّيغَةِ الَّتِي فِيهَا الْكَلَامُ إذَا اقْتَرَنَتْ بِالْأَلْفَاظِ الَّتِي ذَكَرْنَا مَا الْمُشْعِرُ بِالْأَمْرِ النَّفْسِيِّ الْأَلْفَاظُ الْمُقْتَرِنَةُ بِقَوْلِ الْقَائِلِ افْعَلْ أَمْ هِيَ فِي حُكْمِ التَّفْسِيرِ لِقَوْلِ الْقَائِلِ افْعَلْ وَهَذَا تَرَدُّدٌ قَرِيبٌ ثُمَّ مَا نَقَلَهُ النَّقْلَةُ يَخْتَصُّ بِقَرَائِنِ الْمَقَالِ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْحَظِّ فَأَمَّا قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ فَلَا يُنْكِرُهَا أَحَدٌ فَهَذَا هُوَ التَّنْبِيهُ عَلَى سِرِّ مَذْهَبِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ وَالْقَاضِي رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَطَبَقَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>