للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ كَانَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (عَامًّا عَلَى وَجْهٍ) خَاصًّا مِنْ وَجْهٍ (فَالتَّرْجِيحُ) بَيْنَهُمَا مِنْ خَارِجٍ وَاجِبٌ لِتَعَادُلِهِمَا تَقَارَنَا أَوْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا (وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: الْمُتَأَخِّرُ نَاسِخٌ) لِلْمُتَقَدِّمِ مِثَالُ ذَلِكَ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» .

، وَحَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ» فَالْأَوَّلُ عَامٌّ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ خَاصٌّ بِأَهْلِ الرِّدَّةِ وَالثَّانِي خَاصٌّ بِالنِّسَاءِ عَامٌّ فِي الْحَرْبِيَّاتِ وَالْمُرْتَدَّاتِ.

(الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ) أَنَّ هَذَا مَبْحَثُهُمَا (الْمُطْلَقُ الدَّالُّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ) مِنْ وَحْدَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَزَعَمَ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ دَلَالَتَهُ)

ــ

[حاشية العطار]

عَلَى الِاحْتِمَالِ الْمُلَائِمِ لِلْغَرَضِ، وَهُوَ عَدَمُ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا) يَعْنِي مِنْ الْمُتَعَارِضَيْنِ لَا مِنْ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَإِلَّا لَكَانَ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ مُطْلَقٌ لَا عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ اهـ ز أَيْ؛ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ كَوْنِ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ خَاصًّا وَالْآخَرِ عَامًّا بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنْ تَكُونَ النِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا الْعُمُومَ الْمُطْلَقَ (قَوْلُهُ: فَالتَّرْجِيحُ) قَالَ سم: أَطْلَقَ اعْتِبَارَ التَّرْجِيحِ هُنَا لَكِنَّ الَّذِي فِي الْوَرَقَاتِ، وَشَرْحِهَا لِلشَّارِحِ إنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بِتَخْصِيصِ عُمُومِ كُلٍّ بِخُصُوصِ الْآخَرِ وَجَبَ وَإِلَّا اُحْتِيجَ إلَى التَّرْجِيحِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَالْحُكْمُ التَّخْيِيرُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَحْصُولِ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: مِنْ خَارِجٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ الدَّاخِلُ كَوَصْفِ أَحَدِهِمَا بِكَوْنِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَاجِبٌ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا وَقَعَ فِيهِ التَّعَارُضُ (قَوْلُهُ: تَقَارَنَا) أَيْ اتَّصَلَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ احْتِمَالًا لِيَشْمَلَ مَا إذَا جُهِلَ تَارِيخُهُمَا

(قَوْلُهُ: وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: الْمُتَأَخِّرُ نَاسِخٌ لِلْمُتَقَدِّمِ) أَيْ لِمَا تَعَارَضَا فِيهِ مِنْهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوهُ تَخْصِيصًا؛ لِأَنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ فِي الْمُخَصِّصِ الْمُقَارَنَةَ اهـ. ز. ثُمَّ قَضِيَّةُ هَذَا الصُّنْعِ أَنَّهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَكُونُ نَاسِخًا مُطْلَقًا وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ دُخُولِهِ وَقْتَ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ وَبَحَثَ سم فِي شَرْحِ الْوَرَقَاتِ بِأَنَّ قِيَاسَ سم أَيْ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا تَأَخَّرَ الْخَاصُّ عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ كَانَ نَاسِخًا مِنْهُ لِمَا تَعَارَضَا فِيهِ إنَّ خَبَرَ إنَّ الْمُتَأَخِّرَ مِمَّا بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ بِالْآخَرِ نَاسِخٌ لِلْآخَرِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَارَضَهُ فِيهِ وَقَالَ: وَلَمْ أَرَهُ اهـ.

وَكَتَبَ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ أَحْمَدُ الْغُنَيْمِيُّ أَنَّ قِيَاسَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ أَنْ يَكُونَ خُصُوصُ الْمُتَأَخِّرِ نَاسِخًا، وَعُمُومُهُ مَخْصُوصٌ بِمَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ جِهَةِ خُصُوصِهِ فَيَكُونُ الْأَوَّلُ مَنْسُوخًا مِنْ جِهَةِ خُصُوصِهِ وَمُخَصَّصًا بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ بِالْأَوَّلِ مِنْ جِهَةِ عُمُومِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مِثَالُ ذَلِكَ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ إلَخْ) قَدْ تَرَجَّحَ الْخَبَرُ الْأَوَّلُ بِقِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَى اخْتِصَاصِ الثَّانِي بِسَبَبِهِ، وَهُوَ الْحَرْبِيَّاتُ اهـ. ز (قَوْلُهُ: عَامٌّ فِي الْحَرْبِيَّاتِ وَالْمُرْتَدَّاتِ) فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ تَعَارَضَا بِالنِّسْبَةِ لِلنِّسَاءِ الْمُرْتَدَّاتِ فَالْأَوَّلُ يَدُلُّ عَلَى الْأَمْرِ بِقَتْلِهِنَّ وَالثَّانِي يَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنْهُ.

[الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ]

(قَوْلُهُ: بِلَا قَيْدٍ) أَيْ بِلَا اعْتِبَارِ قَيْدٍ، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِنَّ الْمَاهِيَّةَ لَا تُوجَدُ إلَّا مُقَيَّدَةً فَإِنَّهَا لَا وُجُودَ لَهَا إلَّا بِوُجُودِ الْجُزْئِيَّاتِ، وَعَدَمُ اعْتِبَارِ الْقَيْدِ صَادِقٌ بِأَنْ يُوجَدَ، وَلَا يُعْتَبَرَ، وَأَنْ يُوجَدَ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ اعْتِبَارِ الْعَدَمِ، فَإِنَّ لِلْكُلِّيِّ الَّذِي هُوَ الْمَاهِيَّةُ اعْتِبَارَاتٍ ثَلَاثَةً؛ لِأَنَّهُ إمَّا مَأْخُوذٌ لَا بِشَرْطِ شَيْءٍ أَوْ بِشَرْطِ شَيْءٍ أَوْ بِشَرْطِ لَا شَيْءَ، وَاللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَيْهِ بِالِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ يُسَمَّى مُطْلَقًا وَبِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي يُسَمَّى مُقَيَّدًا.

وَأَمَّا الِاعْتِبَارُ الثَّالِثُ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي عِلْمِ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهِ مَعْرِفَةُ الْأَحْكَامِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْأَفْرَادِ الْخَارِجَةِ، وَهِيَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا تَصْلُحُ لَأَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهَا) يَدْخُلُ فِيهِ التَّعَيُّنُ فَيَقْتَضِي أَنَّ عِلْمَ الْجِنْسِ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ؛ لِأَنَّهُ اُعْتُبِرَ فِيهِ التَّعَيُّنُ الذِّهْنِيُّ؛ وَلِذَا كَانَ مَعْرِفَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>