للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَذَانِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ) بِأَنْ يُؤَذِّنَ قَبْلَهُ لِلصُّبْحِ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى إقَامَتِهِ حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ مَا قَالَهُ مِنْ إفْرَادِ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ، وَوَجْهُ بُعْدِهِ مَا فِيهِ مِنْ صَرْفِ اللَّفْظِ عَمَّا يَتَبَادَرُ مِنْهُ مِنْ تَثْنِيَةِ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ وَإِفْرَادِ كَلِمَاتِ الْإِقَامَةِ أَيْ الْمُعَظَّمِ فِيهِمَا الْمُؤَيَّدِ إرَادَتُهُ بِمَا فِي رِوَايَةٍ لِأَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا مِنْ زِيَادَةٍ إلَّا الْإِقَامَةَ أَيْ كَلِمَاتِهَا فَإِنَّهَا تُثَنَّى.

(الْمُجْمَلُ) (مَا لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ) مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَخَرَجَ الْمُهْمَلُ؛ إذْ لَا دَلَالَةَ لَهُ، وَالْمُبَيَّنُ لِاتِّضَاحِ دَلَالَتِهِ (فَلَا إجْمَالَ فِي آيَةِ السَّرِقَةِ) وَهِيَ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] لَا فِي الْيَدِ، وَلَا فِي الْقَطْعِ، وَخَالَفَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: لِأَنَّ الْيَدَ تُطْلَقُ عَلَى الْعَضُدِ إلَى الْكُوعِ وَإِلَى الْمِرْفَقِ وَإِلَى الْمَنْكِبِ، وَالْقَطْعُ يُطْلَقُ عَلَى الْإِبَانَةِ، وَعَلَى الْجُرْحِ يُقَالُ لِمَنْ جَرَحَ يَدَهُ بِالسِّكِّينِ فَقَطَعَهَا وَلَا ظُهُورَ لِوَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِبَانَةُ الشَّارِعِ مِنْ الْكُوعِ مُبَيِّنٌ لِذَلِكَ قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ الظُّهُورِ لِوَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْيَدَ ظَاهِرٌ فِي الْعُضْوِ إلَى الْمَنْكِبِ، وَالْقَطْعُ ظَاهِرٌ فِي الْإِبَانَةِ، وَإِبَانَةُ الشَّارِعِ مِنْ الْكُوعِ مُبَيِّنٌ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْكُلِّ ذَلِكَ الْبَعْضُ (وَنَحْوُ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] كَ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] أَيْ لَا إجْمَالَ فِيهِ وَخَالَفَ الْكَرْخِيُّ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالُوا: إسْنَادُ التَّحْرِيمِ إلَى الْعَيْنِ لَا يَصِحُّ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهِ، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِأُمُورٍ لَا حَاجَةَ إلَى جَمِيعِهَا، وَلَا مُرَجِّحَ لِبَعْضِهَا فَكَانَ مُجْمَلًا قُلْنَا: الْمُرَجِّحُ مَوْجُودٌ، وَهُوَ الْعُرْفُ فَإِنَّهُ قَاضٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ فِي الْأَوَّلِ تَحْرِيمُ الِاسْتِمْتَاعِ بِوَطْءٍ وَنَحْوِهِ، وَفِي الثَّانِي تَحْرِيمُ الْأَكْلِ، وَنَحْوُهُ {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: ٦]

ــ

[حاشية العطار]

وَهَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ بِلَالًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَاتَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يُدْرِكْ زَمَنَ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ حَتَّى يَأْمُرَهُ نُقِلَ عَنْ تَقْرِيرِ شَيْخِ شُيُوخِنَا السَّيِّدِ عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ (قَوْلُهُ: لِأَذَانِ) أَيْ مَعَ أَذَانِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُؤَذِّنَ) أَيْ بِلَالٌ (قَوْلُهُ: مِنْ اللَّيْلِ) أَيْ فِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَى إقَامَتِهِ) أَيْ إقَامَةِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَمَعْنَى وَيُوتِرُ الْإِقَامَةَ أَنْ يَجْعَلُ إقَامَةَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وِتْرًا بِأَنْ لَا يُقِيمَ بِلَالٌ إقَامَةً ثَانِيَةً وَقِيلَ الضَّمِيرُ لِبِلَالٍ أَيْ لَا يَزِيدُ عَلَى إقَامَةِ نَفْسِهِ بَلْ يُوتِرُهَا، وَلَا يَضُمُّ إلَيْهَا أُخْرَى وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ فِي الْحَدِيثِ أَذَانُ بِلَالٍ، وَإِقَامَتُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُعَظَّمُ إلَخْ) فَإِنَّ بَعْضَ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ مُفْرَدٌ كَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ آخِرَهُ، وَبَعْضُ كَلِمَاتِ الْإِقَامَةِ مُثَنًّى كَالتَّكْبِيرِ (قَوْلُهُ: الْمُؤَيِّدُ) صِفَةٌ أَوْ لِلْمُعَظَّمِ (قَوْلُهُ: إرَادَتُهُ) أَيْ مَا يُتَبَادَرُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ كَلِمَاتُهَا) هَذَا مَذْهَبُنَا - مَعَاشِرَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَوْلُهُ: لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا مِنْهُمْ: وَالْمَعْنِيُّ بِهِ أَنَّهَا لَا تُثَنَّى.

[الْمُجْمَلُ]

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَتَّضِحْ) دَلَالَةٌ سَالِبَةٌ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ فَهُوَ صَادِقٌ بِمَا لَا دَلَالَةَ لَهُ أَصْلًا كَالْمُهْمَلِ أَوْ لَهُ دَلَالَةٌ لَكِنَّهَا لَمْ تَتَّضِحْ قَالَهُ النَّاصِرُ وَجَوَابُهُ أَنَّ مَا وَاقِعَةٌ عَلَى دَالٍّ بِقَرِينَةِ إضَافَةِ دَلَالَتِهِ إلَى ضَمِيرِهِ؛ وَلِذَلِكَ بَيَّنَهُمَا الشَّارِحُ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ عَلَى أَنَّ السُّؤَالَ لَا وُرُودَ لَهُ؛ إذْ التَّعْرِيفَاتُ لَا حَمْلَ فِيهَا حَقِيقِيٌّ، وَإِنَّمَا هُوَ صُورِيٌّ فَكَيْفَ يُنْتَظَمُ مِنْ حَمْلِ التَّعْرِيفِ عَلَى الْمُعَرَّفِ قَضِيَّةٌ كَمَا بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ، وَالْمُرَادُ بِالدَّلَالَةِ الْمَدْلُولُ، كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي قَالَ سم: وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ بَلْ يَجُوزُ بَقَاءُ الدَّلَالَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَإِنْ كَانَ اتِّضَاحُهَا بِاتِّضَاحِ الْمَدْلُولِ وَسُهُولَةِ فَهْمِهِ، وَلَيْسَ فِيمَا يَأْتِي مَا يُعَيِّنُ مَا قَالَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ فِعْلٍ) أَيْ كَقِيَامِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِلَا تَشَهُّدٍ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْعَمْدَ فَلَا يَكُونُ التَّشَهُّدُ وَاجِبًا وَالسَّهْوُ فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ تَرْكَ الْعَوْدِ إلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ.

وَأَجَابَ عَنْهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ تَرْكَ الْعَوْدِ إلَيْهِ بَيَانٌ لِإِجْمَالِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ يَكُونُ بِالْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ فِعْلٌ؛ لِأَنَّهُ كَفٌّ كَمَا مَرَّ اهـ. ز.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْجَرْحِ إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} [يوسف: ٣١] فَإِنَّهُنَّ لَمْ يُبِنَّ أَيْدِيَهُنَّ

(قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْقَطْعَ) بِالنَّصْبِ وَلَا يَصِحُّ الرَّفْعُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ قَوْلِ النُّحَاةِ: إنَّهُ يُرَاعَى الْمَحَلُّ إذَا كَانَ الْمَعْطُوفُ يَحِلُّ مَحَلَّ جُمْلَةٍ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: ٣] فَإِذَا أُوِّلَ بِالْمُفْرَدِ كَانَ النَّصْبُ مُتَعَيِّنًا (قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ فِي الْإِبَانَةِ) فَانْتَفَى احْتِمَالُ الْجَرْحِ، وَقَوْلُهُ: مُبَيِّنٌ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ أَيْ فَلَا إجْمَالَ فِيهِ فَتَكُونُ الْآيَةُ مِنْ قَبِيلِ الظَّاهِرِ وَالْمُؤَوَّلِ لَا مِنْ قَبِيلِ الْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] جَعَلَهُ الشَّارِحُ مَعَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ مَرْفُوعًا بِالِابْتِدَاءِ فَقَدَّرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>