للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهَا مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ وَلَيْسَتْ الْكَبَائِرُ مُنْحَصِرَةً فِيمَا عَدَّهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالْكَافِ فِي أَوَّلِهَا وَمَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَالسِّحْرُ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَقَتْلُ النَّفْسِ» زَادَ الْبُخَارِيُّ «وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ» وَمُسْلِمٌ بَدَلَهَا «وَقَوْلُ الزُّورِ» وَحَدِيثُهُمَا «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ الشِّرْكُ بِاَللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَأَكْلُ الرَّبَّا وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ مِنْهَا وَقْتَ ذِكْرِهِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هِيَ إلَى السَّبْعِينَ أَقْرَبُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ هِيَ إلَى السَّبْعِمِائَةِ أَقْرَبُ يَعْنِي بِاعْتِبَارِ أَصْنَافِ أَنْوَاعِهَا.

(مَسْأَلَةُ الْإِخْبَارِ عَنْ) شَيْءٍ (عَامٍّ) لِلنَّاسِ (لَا تَرَافُعَ فِيهِ) إلَى الْحُكَّامِ (الرِّوَايَةُ وَخِلَافُهُ) ، وَهُوَ الْإِخْبَارُ عَنْ خَاصٍّ بِبَعْضِ النَّاسِ يُمْكِنُ التَّرَافُعُ فِيهِ إلَى الْحُكَّامِ (الشَّهَادَةُ) وَخَرَجَ بِإِمْكَانِ التَّرَافُعِ الْإِخْبَارُ عَنْ خَوَاصِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

ــ

[حاشية العطار]

يَذْكُرْهُ فِيمَا سَبَقَ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهَا إلَخْ) ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُوَاظَبَةَ الْمَذْكُورَةَ كَبِيرَةٌ سَوَاءٌ غَلَبَتْ الطَّاعَاتُ عَلَيْهَا أَمْ لَا، وَهُوَ وَجْهٌ مَرْجُوحٌ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ مِنْ أَنَّ مَنْ غَلَبَتْ طَاعَتُهُ مَعَاصِيه كَانَ عَدْلًا وَمَنْ غَلَبَتْ مَعَاصِيهِ طَاعَتَهُ كَانَ مَرْدُودَ الشَّهَادَةِ وَهَذَا مَعْنَى نَصِّ الْمُخْتَصَرُ، وَأَمَّا اسْتِوَاءُ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي فَلَا يَكَادُ يَتَحَقَّقُ بِتَقْدِيرِ تَحَقُّقِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ مَنْ اسْتَوَتْ طَاعَتُهُ وَمَعَاصِيهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْقَبُولِ الْعَدَالَةُ وَهِيَ غَلَبَةُ الطَّاعَاتِ فَمَا لَمْ تُحَقِّقْ فَشَرْطُ الْقَبُولِ مُنْتَفٍ فَيَنْتَفِي الْقَبُولُ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ، وَقَدْ ضَبَطَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْإِصْرَارَ الْمَعْدُودَ كَبِيرَةً بِأَنَّ مَنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ صَغِيرَةٌ تَكَرُّرًا يُشْعِرُ بِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِدِينِهِ إشْعَارَ ارْتِكَابِ الْكَبِيرَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَرِوَايَتُهُ، وَكَذَا مَنْ وُجِدَتْ مِنْهُ أَنْوَاعٌ مِنْ الصَّغَائِرِ يُشْعِرُ مَجْمُوعُهَا بِمَا يُشْعِرُ بِهِ أَدْنَى الْكَبَائِرِ، وَهُوَ ضَابِطٌ حَسَنٌ غَيْرَ أَنَّ إشْعَارَ غَلَبَةِ الْمَعَاصِي بِقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بِالدِّينِ أَظْهَرُ، وَقَدْ ثَبَتَ اعْتِبَارُ الْغَلَبَةِ شَرْعًا فَالضَّبْطُ بِمَا يَسْتَنِدُ إلَيْهَا أَوْلَى اهـ. كَمَالٌ.

(قَوْلُهُ: مِنْ نَوْعٍ وَأَنْوَاعٍ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ يُفْهِمُ أَنَّ الْآتِي بِوَاحِدَةٍ مِنْ كُلِّ نَوْع لَا يَكُونُ مُدْمِنًا اهـ.

وَأَقُولُ مَا قَالَهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ يَصْدُقُ عَلَيْهَا صِدْقًا ظَاهِرًا الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهَا مِنْ أَنْوَاعِ فَمِنْ أَيْنَ هَذَا الْإِفْهَامُ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: وَالتَّوَلِّي) أَيْ الْفِرَارُ مِنْ الْكُفَّارِ يَوْمَ الزَّحْفِ أَيْ زَحْفَةِ جَيْشِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ يَسْتَنْجِدُ بِهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: ١٦] (قَوْلُهُ: يَعْنِي بِاعْتِبَارِ أَصْنَافِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْكَبِيرَةَ جِنْسٌ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ: كَالْكُفْرِ وَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَلِكُلِّ نَوْعٍ أَصْنَافٌ مُنْدَرِجَةٌ تَحْتَهُ كَأَصْنَافِ الْكُفْرِ مِنْ الْإِشْرَاكِ وَجَحْدِ النُّبُوَّةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَكَأَصْنَافِ الْقَتْلِ مَنْ قَتَلَ الْوَلَدَ مَخَافَةَ الطُّعْمِ وَقَتَلَ الْأَجْنَبِيَّ وَغَيْرَهُمَا وَكَأَصْنَافِ الزِّنَا مِنْ الزِّنَا بِحَلِيلَةِ الْجَارِ وَحَلِيلَةِ غَيْرِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَعَدَدُهَا الَّذِي وَصَفَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ بِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى السَّبْعِمِائَةِ هُوَ عَدَدُ أَصْنَافِ الْأَنْوَاعِ اهـ. نَجَّارِيٌّ.

[مَسْأَلَةُ الْإِخْبَارِ عَنْ شَيْءٍ عَامٍّ لِلنَّاسِ لَا تَرَافُعَ فِيهِ إلَى الْحُكَّامِ]

(قَوْلُهُ: لِإِخْبَارٍ عَنْ عَامٍّ إلَخْ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَالرِّوَايَةُ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَالشَّهَادَةُ مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ خِلَافُهُ خَبَرٌ (قَوْلُهُ:، وَهُوَ الْإِخْبَارِ عَنْ خَاصٍّ) أَيْ غَالِبًا، وَإِلَّا فَتَعَلُّقُ الشَّهَادَةِ قَدْ يَكُونُ عَامًّا كَرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ فِيهِ خُصُوصًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ حُكْمٌ بِالرُّؤْيَةِ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ مَخْصُوصٍ فِي زَمَنٍ مَخْصُوصٍ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ التَّرَافُعُ فِيهِ) عَبَّرَ بِالْإِمْكَانِ نَظَرًا إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>