للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَأَهْلِ الْبَيْتِ) النَّبَوِيِّ وَهُمْ فَاطِمَةُ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (وَالْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ) أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (وَالشَّيْخَيْنِ) أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (وَأَهْلِ الْحَرَمَيْنِ) مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ (وَأَهْلِ الْمِصْرَيْنِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ غَيْرُ حُجَّةٍ) لِأَنَّهُ اتِّفَاقُ بَعْضِ مُجْتَهِدِ الْأُمَّةِ لَا كُلِّهِمْ.

(وَإِنَّ) الْإِجْمَاعَ (الْمَنْقُولَ بِالْآحَادِ) (حُجَّةٌ) لِصِدْقِ التَّعْرِيفِ بِهِ (وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْكُلِّ) وَقِيلَ إنَّ الْإِجْمَاعَ فِي الْأَخِيرَةِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ قَطْعِيٌّ فَلَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَقِيلَ إنَّهُ فِيمَا قَبْلَ الْأَخِيرَةِ مِنْ السِّتِّ حُجَّةٌ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا» وَالْخَطَأُ خَبَثٌ فَيَكُونُ مَنْفِيًّا عَنْ أَهْلِهَا.

وَأُجِيبَ بِصُدُورِهِ مِنْهُمْ بِلَا شَكٍّ لِانْتِفَاءِ عِصْمَتِهِمْ فَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهَا فِي نَفْسِهَا فَاضِلَةٌ مُبَارَكَةٌ.

وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى «إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِب عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» وَالْخَطَأُ رِجْسٌ فَيَكُونُ مَنْفِيًّا عَنْهُمْ وَهُمْ مَنْ تَقَدَّمَ لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ «عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لَفَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمْ كِسَاءً وَقَالَ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمْ

ــ

[حاشية العطار]

الْمَنْقُولَاتِ الْمُسْتَمِرَّةِ كَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالصَّاعِ وَنَحْوِهَا وَقِيلَ مُرَادُهُ التَّعْمِيمُ وَالْحَقُّ أَنَّهُ وَحْدَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا كُلَّ الْأُمَّةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ دَلِيلٍ آخَرَ لَهُمْ أَوْ لِأَنَّ الْعَادَةَ قَاضِيَةٌ بِعَدَمِ اجْتِمَاعِ مِثْلِ هَذَا الْكَثِيرِ مِنْ الْمَحْصُورِينَ فِي مَهْبِطِ الْوَحْيِ الْوَاقِفِينَ عَلَى وُجُوبِ الْأَدِلَّةِ وَالتَّرْجِيحِ إلَّا عَنْ رَاجِحٍ وَجَوَابُهُ مَنْعُ ذَلِكَ لِمَا عُلِمَ مِنْ تَثَبُّتِ الصَّحَابَةِ قَبْلَ زَمَانِ صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِمْ مُتَمَسَّكٌ بِرَاجِحٍ لَمْ يَطَّلِعُوا عَلَيْهِ وَهَذَا لَيْسَ احْتِمَالًا بَعِيدًا وَثَانِيًا نَحْوُ «الْمَدِينَةُ طَيِّبَةٌ تَنْفِي خَبَثَهَا» وَالْخَطَأُ خُبْثٌ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ دَلِيلُ فَضْلِهَا، وَقَدْ وَقَعَ فِيهَا مَا وَقَعَ فَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى انْتِفَاءِ الْخَطَأِ، وَثَالِثًا تَشْبِيهُ عِلْمِهِمْ بِرِوَايَتِهِمْ وَجَوَابُهُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ تُرَجَّحُ بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ لَا الِاجْتِهَادِ بِكَثْرَةِ الْمُجْتَهِدِينَ (قَوْلُهُ: وَأَهْلِ الْبَيْتِ) الْقَائِلُ بِحُجِّيَّةِ إجْمَاعِهِمْ الشِّيعَةُ قِيلَ كَيْفَ يَلْتَئِمُ ذَلِكَ مَعَ مَا اشْتَهَرَ عَنْ الشِّيعَةِ مِنْ إنْكَارِهِمْ حُجِّيَّةَ الْإِجْمَاعِ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ إنْ أَنْكَرُوا كَوْنَهُ حُجَّةً عَلَى تَفْسِيرِهِ الْمَعْرُوفِ لَا مُطْلَقًا اهـ. كَمَالٌ.

وَاسْتِدْلَالُ الشِّيعَةِ بِحَصْرِ انْتِفَاءِ الرِّجْسِ فِيهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: ٣٣] وَالْخَطَأُ رِجْسٌ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْآيَةَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى فَضْلِهِمْ مَعَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي التَّفَاسِيرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّجْسِ الشِّرْكُ أَوْ الْإِثْمُ أَوْ الشَّيْطَانُ أَوْ الْأَهْوَاءُ وَالْبِدَعُ أَوْ الْبُخْلُ وَالطَّمَعُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ حُجَّةٍ) كَيْفَ يَكُونُ غَيْرَ حُجَّةٍ فِي جَانِبِ الْخُلَفَاءِ مَعَ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِاتِّبَاعِهِمْ؟ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِجْمَاعٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْإِجْمَاعِ نَفْيُ الْحُجِّيَّةِ وَلَا يُرَدُّ كَوْنُ الْحُجَّةِ لَازِمَةً لِلْإِجْمَاعِ لِجَوَازِ كَوْنِ اللَّازِمِ أَعَمَّ.

[الْإِجْمَاعَ الْمَنْقُولَ بِالْآحَادِ]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ قَطْعِيٌّ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَطْعِيَّةِ دَلَالَتِهِ قَطْعِيَّتُهُ فِي نَفْسِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُ مِنْ قَطْعِيَّةِ الدَّالِّ قَطْعِيَّةُ الْمَدْلُولِ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْأُولَى) أَيْ أَمَّا كَوْنُ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً فِي الْأُولَى، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: كَالْكِيرِ) هُوَ زِقُّ الْحَدَّادِ الَّذِي يَنْفُخُ بِهِ النَّارَ وَقَوْلُهُ تَنْفِي خَبَثَهَا أَيْ خَبَثِ أَهْلِهَا وَقَوْلُهُ يَنْصَعُ أَيْ يَخْلُصُ فِيهِ أَنَّ الْخَطَأَ فِي الِاجْتِهَادِ لَيْسَ بِخَبَثٍ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَجْرٌ وَالْخَبَثُ إنَّمَا هُوَ خَطَأُ الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ: بِصُدُورِهِ مِنْهُمْ) أَيْ بِجَوَازِ صُدُورِهِ اهـ. زَكَرِيَّا.

وَبِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ انْدَفَعَ اعْتِرَاضُ الشِّهَابِ عَمِيرَةَ بِأَنَّ انْتِفَاءَ الْعِصْمَةِ لَا يُثْبِتُ الْمُدَّعَى اهـ. أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَلْزِمُ إمْكَانَ الصُّدُورِ وَالْإِمْكَانُ لَا يَقْتَضِي الْوُقُوعَ بِالْفِعْلِ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى مَا قَالَهُ زَكَرِيَّا إنَّ جَوَازَ الصُّدُورِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحُجِّيَّةِ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ الصُّدُورِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ كَغَيْرِهِمْ فَلَا وَجْهَ لِمَزِيَّتِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ عِصْمَتِهِمْ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ إذْ الصُّدُورُ وَالْوُقُوعُ إنَّمَا يُعَلَّلُ بِالْمُشَاهَدَةِ مَثَلًا، وَإِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا التَّعْلِيلُ لِإِمْكَانِ الصُّدُورِ وَجَوَازِهِ وَلِهَذَا قَدَّرَ زَكَرِيَّا لَفْظَةَ جَوَازٍ لِتَصْحِيحِ هَذَا التَّعْلِيلِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ تَعْلِيلًا لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِنَّمَا صَحَّ صُدُورُهُ مِنْهُمْ لِانْتِفَاءِ إلَخْ

<<  <  ج: ص:  >  >>