للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ وُجُودِ مَانِعٍ أَوْ انْتِفَاءِ شَرْطٍ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِمَا فُرِضَ أَيْضًا لِجَوَازِ دَلِيلَيْنِ مَثَلًا عَلَى مَدْلُولٍ وَاحِدٍ وَالْمَانِعُ كَأُبُوَّةِ الْقَاتِلِ لِلْمَقْتُولِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَانْتِفَاءُ الشَّرْطِ كَعَدَمِ إحْصَانِ الزَّانِي فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّجْمُ

(مَسَالِكُ الْعِلَّةِ) أَيْ هَذَا مَبْحَثُ الطُّرُقِ الدَّالَّةِ عَلَى عِلِّيَّةِ الشَّيْءِ (الْأَوَّلُ) مِنْهَا (الْإِجْمَاعُ) كَالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحْكُمُ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَهُوَ غَضْبَانُ» تَشْوِيشُ الْغَضَبِ لِلْفِكْرِ وَقَدَّمَ الْإِجْمَاعَ عَلَى النَّصِّ كَابْنِ الْحَاجِبِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّعَارُضِ عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي وَعَكَسَ الْبَيْضَاوِيُّ؛ لِأَنَّ النَّصَّ أَصْلٌ لِلْإِجْمَاعِ.

(الثَّانِي) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (النَّصُّ الصَّرِيحُ)

ــ

[حاشية العطار]

مَا يُقَالُ إنَّ الْجُمْهُورَ يُجَوِّزُونَ التَّعْلِيلَ بِعِلَّتَيْنِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا النَّفْيُ (قَوْلُهُ: مِنْ وُجُودِ مَانِعٍ) أَيْ مَانِعٍ مِنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ كَنَفْيِ الْقِصَاصِ عَنْ الْأَبِ بِقَتْلِ وَلَدِهِ لِمَانِعٍ وُجُودِيٍّ وَهِيَ الْأُبُوَّةُ وَقَوْلُهُ أَوْ انْتِفَاءِ شَرْطٍ كَانْتِفَاءِ رَجْمِ الْبِكْرِ لِعَدَمِ الْإِحْصَانِ الْمُشْتَرَطِ فِي وُجُوبِ الرَّجْمِ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ) هَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى جَوَازِ تَعَدُّدِ الْعِلَلِ لَا عَلَى امْتِنَاعِهِ الْمُصَحِّحِ لِلْمُصَنِّفِ فَهُوَ جَوَابٌ إلْزَامِيٌّ.

وَأَجَابَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِأَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْحُكْمُ مَعَ وُجُودِ الْمُقْتَضِي كَانَ انْتِفَاؤُهُ مَعَ عَدَمِهِ أَجْدَرَ وَقَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنَّ الْخَصْمَ لَا يَلْتَزِمُ مَذْهَبًا؛ لِأَنَّهُ هَادِمٌ بِرَدِّهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ غَيْرُ خَصْمٍ بَلْ بِصَدَدِ تَقْدِيرِ الْأَحْكَامِ

[مَسَالِكُ الْعِلَّةِ]

[الْأَوَّلُ مِنْهَا الْإِجْمَاعُ]

(قَوْلُهُ: أَيْ هَذَا مَبْحَثُ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَسَالِكَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَأَنَّ الْمَسْلَكَ اسْمُ مَكَان لَا اسْمُ زَمَانٍ، وَلَا مَصْدَرٌ أَيْ مَوْضِعُ السُّلُوكِ وَمَكَانُهُ وَالْإِضَافَةُ مِنْ قَبِيلِ إضَافَةِ الدَّالِّ لِلْمَدْلُولِ؛ لِأَنَّ الْمَسَالِكَ تُوَصِّلُ إلَى الْمَقْصُودِ أَيْ هَذِهِ قَضَايَا وَمَبْحَثٌ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى عِلِّيَّةِ الشَّيْءِ أَيْ كَوْنِهِ عِلَّةً؛ وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَى عِلِّيَّةِ الشَّيْءِ (قَوْلُهُ: تَشْوِيشُ الْغَضَبِ لِلْفِكْرِ) قَالَ النَّاصِرُ قَدْ مَرَّ أَنَّ الْعِلَّةَ وَصْفٌ ضَابِطٌ لِحِكْمَةٍ لَا نَفْسَ الْحِكْمَةِ فَالْمُطَابِقُ لَهُ أَنَّ الْعِلَّةَ غَضَبٌ لَا التَّشْوِيشُ.

وَأَجَابَ سم بِمَنْعِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ نَفْسُ التَّشْوِيشِ هُوَ الْعِلَّةَ وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَصْفٌ ضَابِطٌ لِحِكْمَةٍ، وَهِيَ خَوْفُ الْمَيْلِ عَنْ الْحَقِّ إلَى خِلَافِهِ بَلْ صَرَّحَ الْفَخْرُ فِي مَحْصُولِهِ بِخَطَأِ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ الْغَضَبُ وَأَقَرَّهُ شُرَّاحُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَابْنِ الْحَاجِبِ إلَخْ) نَبَّهَ بِهِ كَالْعِرَاقِيِّ عَلَى أَنَّ مَا وَقَعَ لِلزَّرْكَشِيِّ مِنْ عُذْرٍ، وَتَقْدِيمُ الْإِجْمَاعِ إلَى الْبَيْضَاوِيِّ وَتَقْدِيمُ النَّصِّ إلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَهْمٌ اهـ. شَيْخُ الْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى خِلَافِ النَّصِّ دَلِيلٌ عَلَى قَدْحٍ فِي ذَلِكَ النَّصِّ إمَّا بِضَعْفٍ أَوْ نَسْخٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا ثَبَتَتْ عِلِّيَّتُهُ بِالْإِجْمَاعِ فَالنَّصُّ فَقَوْلُهُ الْآتِي وَصْفٌ لِلْأَصَحِّ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لَا مِنْ حَيْثُ الْأَصَحِّيَّةُ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَمْ يُحْكَ هُنَا هُنَاكَ خِلَافًا.

[الثَّانِي مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ النَّصُّ الصَّرِيحُ]

(قَوْلُهُ: النَّصُّ الصَّرِيحُ) قَابَلَ بِهِ الظَّاهِرَ وَابْنُ الْحَاجِبِ أَدْرَجَ فِيهِ الظَّاهِرَ وَقَابَلَ بِالصَّرِيحِ التَّنْبِيهَ، وَالْإِيمَاءَ وَأَدْرَجَ الثَّلَاثَةَ فِي النَّصِّ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ لَكِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>