للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أُقْرِعَ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَا أَصْلَ لَهَا فِي الشَّرْعِ فِي ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةُ الْمُنَاسَبَةُ تَنْخَرِمُ) أَيْ تَبْطُلُ (بِمَفْسَدَةٍ تَلْزَمُ) الْحُكْمَ (رَاجِحَةٍ) عَلَى مَصْلَحَتِهِ (أَوْ مُسَاوِيَةٌ) لَهَا (خِلَافًا لِإِمَامِ) الرَّازِيّ فِي قَوْلِهِ بِبَقَائِهَا مَعَ مُوَافَقَتِهِ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ فَهُوَ عِنْدَهُ لِوُجُودِ الْمَانِعِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لِانْتِفَاءِ الْمُقْتَضِي.

(السَّادِسُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ مَا يُسَمَّى بِالشَّبَهِ

ــ

[حاشية العطار]

ذَلِكَ كَمَا هُنَا، وَإِنَّمَا الْبَحْثُ فِي أَنَّ قَضِيَّةَ الْعِبَارَةِ اسْتِئْصَالُ جَمِيعِ مَنْ عَدَا التُّرْسِ مِنْ الْمَوْجُودِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ الْأُمَّةِ، وَقَضِيَّتُهُ مَا فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ اعْتِبَارُ اسْتِئْصَالِ بَقِيَّةِ الْجَيْشِ فَقَطْ، وَقَدْ يُوَجَّهُ قَضِيَّةُ الْعِبَارَةِ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ حِفْظُ الْأُمَّةِ بِحِفْظِ الْجَيْشِ؛ لِأَنَّهُ الدَّافِعُ عَنْهَا وَالْقَائِمُ بِحِفْظِهَا كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَانَ اسْتِئْصَالُهُ بِمَنْزِلَةِ اسْتِئْصَالِ الْجَمِيعِ أَوْ مَظِنَّةً لَهُ فَجُعِلَ فِي حُكْمِهِ لَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ اسْتِئْصَالُ بَقِيَّةِ الْجَيْشِ بِحَيْثُ يُخْشَى مَعَهُ عَلَى الْأُمَّةِ.

بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَمَا لَوْ لَمْ يَحْضُرْ الْوَقْعَةَ إلَّا بَعْضُ جَيْشِ الْإِسْلَامِ، وَكَانَ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ بِحَيْثُ يَحْصُلُ بِهِ الْحِفْظُ التَّامُّ لِلْأُمَّةِ، وَقَدْ تُسْتَشْكَلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَسْأَلَةِ غَرَقِ السَّفِينَةِ إذَا كَانَ مَنْ بِهَا جَيْشَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ اسْتِئْصَالَ الْجَيْشِ فِي الْحَرْبِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ دَفْعُ مَفْسَدَتِهِ لِمُسَارَعَةِ الْكُفَّارِ حِينَئِذٍ إلَى اسْتِئْصَالِ بَقِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ بِنَحْوِ الْقَتْلِ وَالْأَسْرِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ تَهْيِئَةِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَ الْجَيْشِ، وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْغَرَقِ ثُمَّ قَدْ تُشْكِلُ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَ الْأَسْرَى أَكْثَرَ مِنْ الْمُحَارِبِينَ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ تَحْتَ الْقَهْرِ، وَلَمْ يَقُومُوا بِالدَّفْعِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ الْمُقَاتِلِينَ فَإِنَّهُمْ قَامُوا بِالدَّفْعِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَتْلُهُمْ يُؤَدِّي لِمَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ (قَوْلُهُ:، وَإِنْ أُقْرِعَ) قِيلَ هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِيَّةِ فَإِنَّهُ يُقْرَعُ عِنْدَهُمْ لِأَجْلِ نَجَاةِ الْبَاقِينَ لَكِنْ بَعْدَ رَمْيِ الْأَمْوَالِ غَيْرِ الرَّقِيقِ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ الْحُرِّ وَالرَّقِيقِ (اسْتِطْرَادٌ) ذَكَرَ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ أَنَّ مَرْكَبًا كَانَ فِي الْبَحْرِ وَفِيهِ مُسْلِمُونَ وَكُفَّارٌ فَأَشْرَفُوا عَلَى الْغَرَقِ وَأَرَادُوا أَنْ يَرْمُوا بَعْضَهُمْ إلَى الْبَحْرِ لِتَخِفَّ الْمَرْكَبُ وَيَنْجُوا فَقَالُوا: نَقْتَرِعُ وَمَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ أَلْقَيْنَاهُ فَقَالَ الرَّئِيسُ نَعُدُّ الْجَمَاعَةَ فَكُلُّ مَنْ كَانَ تَاسِعًا فِي الْعَدَدِ أَلْقَيْنَاهُ فَارْتَضَوْا بِذَلِكَ فَلَمْ يَزَلْ يَعُدُّهُمْ وَيُلْقِي التَّاسِعَ فَالتَّاسِعَ إلَى أَنْ أَلْقَى الْكُفَّارَ أَجْمَعِينَ وَسَلِمَ الْمُسْلِمُونَ وَكَانَ وَضَعَهُمْ عَلَى هَيْئَةٍ مَخْصُوصَةٍ بِأَنْ وَضَعَ أَرْبَعَةً مُسْلِمِينَ وَخَمْسَةً كُفَّارًا ثُمَّ مُسْلِمَيْنِ ثُمَّ كَافِرًا إلَى آخِرِ ذَلِكَ وَوَضَعَ لَهُمْ ضَابِطًا، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ:

اللَّهُ يَقْضِي بِكُلِّ يُسْرٍ ... وَيَرْزُقُ الضَّيْفَ حَيْثُ كَانَ

فَمُهْمَلُ الْحُرُوفِ لِلْمُسْلِمِينَ وَمُعْجَمُهَا لِلْكُفَّارِ وَالِابْتِدَاءُ بِالْمُسْلِمِينَ وَالسَّيْرُ إلَى جِهَةِ الشِّمَالِ بِالْعَدَدِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَدْت إيضَاحَهُ فَضَعْ نُقَطًا سَوْدَاءَ مَكَانَ الْمُسْلِمِينَ مَثَلًا بِعَدَدِ الْحُرُوفِ الْمُهْمَلَةِ الْأَوَّلِ ثُمَّ ضَعْ نُقَطًا حَمْرَاءَ بِعَدَدِ الْكُفَّارِ، وَهَكَذَا مُرَاعِيًا الْمُهْمَلَ مِنْ حُرُوفِ الْبَيْتِ وَالْمُعْجَمَ مِنْهُ يَتَّضِحُ لَك الْحَالُ.

[مَسْأَلَةُ الْمُنَاسَبَةُ تَنْخَرِمُ بِمَفْسَدَةٍ تَلْزَمُ الْحُكْمَ رَاجِحَةٍ عَلَى مَصْلَحَتِهِ أَوْ مُسَاوِيَةٍ لَهَا]

(قَوْلُهُ: بِمَفْسَدَةٍ) أَيْ بِاشْتِمَالِ الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ عَلَى مَفْسَدَةٍ مُعَارِضَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ، وَإِنَّمَا انْخَرَمَتْ لِقَضَاءِ الْعَقْلِ بِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ مَعَ وُجُودِ الْمَفْسَدَةِ؛ لِأَنَّ دَرْءَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَيُمَثَّلُ لِذَلِكَ بِمَا إذَا سَلَكَ مُسَافِرٌ الطَّرِيقَ الْبَعِيدَ لَا لِغَرَضٍ غَيْرِ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ فِي الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّ الْمُنَاسِبَ، وَهُوَ السَّفَرُ الْبَعِيدُ عُورِضَ بِمَفْسَدَةٍ وَهِيَ الْعُدُولُ عَنْ الْقَرِيبِ لَا لِغَرَضٍ غَيْرِ الْقَصْرِ حَتَّى كَأَنَّهُ حَصَرَ قَصْدَهُ فِي تَرْكِ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَشَقَّةَ فِي السَّفَرِ الْمُنَاسِبِ لِلْقَصْرِ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا مَصْلَحَةُ التَّخْفِيفِ بِالْقَصْرِ فَإِذَا عَدَلَ عَنْ طَرِيقٍ قَصِيرَةٍ إلَى طَوِيلَةٍ كَانَ ذَلِكَ مَفْسَدَةً لِدُخُولِهِ عَلَى إسْقَاطِ شَطْرِ الصَّلَاةِ بِدُونِ عُذْرٍ فَقَدْ عَارَضَتْ هَذِهِ الْمَفْسَدَةُ مَصْلَحَةَ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَصْلَحَتِهِ) أَيْ عَلَى عِلَّةِ مَصْلَحَتِهِ أَوْ عَلَى مُقْتَضَى مَصْلَحَتِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ مُوَافَقَتِهِ إلَخْ) فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ هَلْ يَبْقَى فِيهِ مَعَ ذَلِكَ مُنَاسَبَةٌ أَمْ لَا مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى ذَلِكَ.

[السَّادِسُ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ مَا يُسَمَّى بِالشَّبَهِ]

(قَوْلُهُ: مَا يُسَمَّى بِالشَّبَهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ السَّادِسُ إلَخْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مُقَدَّرٌ وَأَنَّ قَوْلَهُ الشَّبَهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ مَنْزِلَةٌ إلَخْ ثُمَّ إنَّ الشَّبَهَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَسْلَكِ وَبَيْنَ الْوَصْفِ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>