للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ يَقِينِيٍّ مَشْهُورٍ) مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدِلِّ فَلَا يُمْكِنُهُ الِاعْتِرَاضُ لِذَلِكَ

[خَاتِمَةٌ] (الْقِيَاسُ مِنْ الدِّينِ) لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر: ٢] وَقِيلَ لَيْسَ مِنْهُ لِأَنَّ اسْمَ الدِّينِ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى مَا هُوَ ثَابِتٌ مُسْتَمِرٌّ وَالْقِيَاسُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ (وَثَالِثُهَا) مِنْهُ (حَيْثُ يَتَعَيَّنُ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْأَلَةِ دَلِيلٌ غَيْرُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَ) الْقِيَاسُ (مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ) كَمَا عُرِفَ مِنْ تَعْرِيفِهِ (خِلَافًا لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ) فِي قَوْلِهِ لَيْسَ مِنْهُ وَإِنَّمَا يُبَيِّنُ فِي كُتُبِهِ لِتَوَقُّفِ غَرَضِ الْأُصُولِيِّ مِنْ إثْبَاتِ حُجَّتِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا الْفِقْهُ عَلَى بَيَانِهِ (وَحُكْمُ الْمَقِيسِ قَالَ السَّمْعَانِيُّ يُقَالُ إنَّهُ دِينُ اللَّهِ) وَشَرْعُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ قَالَهُ اللَّهُ) وَلَا رَسُولُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَنْبَطٌ لَا مَنْصُوصٌ

ــ

[حاشية العطار]

مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ أَيْ إفْحَامِ السَّائِلِ الْمُعَلِّلَ وَكَذَا الْإِضَافَةُ فِي أَوْ إلْزَامِ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَقِينِيٍّ مَشْهُورٍ) الْمَشْهُورَاتُ قَضَايَا يَحْكُمُ الْعَقْلُ بِهَا بِوَاسِطَةِ اعْتِرَافِ جَمِيعِ النَّاسِ بِهَا لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ أَوْ رَأْفَةٍ وَحَمِيَّةٍ كَقَوْلِهِمْ الْعَدْلُ حَسَنٌ وَالظُّلْمُ قَبِيحٌ وَقَوْلُهُمْ مُرَاعَاةُ الضُّعَفَاءِ مَحْمُودَةٌ وَقَوْلُهُمْ كَشْفُ الْعَوْرَةِ مَذْمُومٌ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمِنْ الْمَشْهُورَاتِ تَتَرَكَّبُ الْخِطَابِيَّاتُ (قَوْلُهُ: مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدِلِّ) مُتَعَلِّقٌ بِإِلْزَامِ

[خَاتِمَةٌ الْقِيَاسُ مِنْ الدِّينِ]

(قَوْلُهُ: الْقِيَاسُ مِنْ الدِّينِ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَذَاهِبَ لِلْمُعْتَزِلَةِ وَتَبِعَهُ السُّيُوطِيّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْحَقُّ أَنَّهُمْ إنْ عَنَوْا بِالدِّينِ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ الْمَقْصُودَةَ لِأَنْفُسِهَا بِالْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ فَلَيْسَ الْقِيَاسُ كَذَلِكَ وَإِنْ عَنَوْا مَا تَعَبَّدْنَا بِهِ فَهُوَ دِينٌ اهـ.

وَلَمَّا كَانَ كَوْنُهُ مِنْ الدِّينِ ظَاهِرًا مُوَافِقًا لِقَوَاعِد أَهْلِ الْحَقِّ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يُبَالِ بِكَوْنِ ذَلِكَ مَنْقُولًا عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَآهُ لِأَهْلِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ وَكُلُّ مَأْمُورٍ بِهِ مِنْ الدِّينِ) دَلِيلُ الصُّغْرَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْآيَةِ وَدَلِيلُ الْكُبْرَى أَنَّ الدِّينَ مَا يُدَانُ اللَّهُ بِهِ أَيْ يُطَاعُ وَكُلُّ مَأْمُورٍ بِهِ كَذَلِكَ فَفِي كَلَامِهِ قِيَاسٌ مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ ذُكِرَ صُغْرَاهُ وَدَلِيلُهَا حَذْفُ كُبْرَاهُ وَدَلِيلُهَا وَدَلِيلُ الصُّغْرَى إنَّمَا يَتِمُّ أَنْ لَوْ أُرِيدَ بِالِاعْتِبَارِ الْقِيَاسُ لَكِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الِاتِّعَاظُ فَلَا يَدُلُّ حِينَئِذٍ وَفِي النَّجَّارِيِّ الِاعْتِبَارُ هُوَ التَّرَدُّدُ بِالْفِكْرِ مِنْ مَعْلُومٍ إلَى مَجْهُولٍ لِيَتَعَرَّفَ مِنْهُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْجَامِعِ وَذَلِكَ غَيْرُ الْقِيَاسِ، وَالِاعْتِبَارُ وَإِنْ صَدَقَ بِالِاتِّعَاظِ أَيْضًا لَكِنَّهُ لَا يُنَافِي الِاسْتِدْلَالَ إذْ يَصْدُقُ عَلَى الِاتِّعَاظِ أَنَّهُ عُبُورٌ مِنْ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ فَالِاعْتِبَارُ يَعُمُّ الْأَمْرَيْنِ فَيَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِالْآيَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِعُمُومِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ لَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ لَيْسَ ثَابِتًا مُسْتَمِرًّا أَيْ لَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ الْأَمْرَانِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَتَعَيَّنُ) أَيْ لِلِاسْتِدْلَالِ (قَوْلُهُ: كَمَا عُرِفَ مِنْ تَعْرِيفِهِ) أَيْ تَعْرِيفِ أُصُولِ الْفِقْهِ بِأَنَّهُ أَدِلَّةُ الْفِقْهِ الْإِجْمَالِيَّةُ الَّتِي هِيَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ فَأَدِلَّةُ الْفِقْهِ الْإِجْمَالِيَّةُ هِيَ الْقَوَاعِدُ الْبَاحِثَةُ عَنْهَا إذْ حَقِيقَةُ كُلِّ عِلْمٍ مَسَائِلُهُ أَيْ الْقَوَاعِدُ الْكُلِّيَّةُ فَتَكُونُ الْأُمُورُ الْأَرْبَعَةُ مَوْضُوعَ عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ فَقَوْلُهُ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ مِنْ مَوْضُوعِ أُصُولِ الْفِقْهِ فَفِيهِ تَسَامُحٌ اُغْتُفِرَ لِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>