للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ مَسَائِلِ الْفِقْهِ (فَقَالَ الشَّيْخُ) أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ (وَالْقَاضِي) أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ (وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ) صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ (وَابْنُ سُرَيْجٍ كُلٌّ مُجْتَهِدٌ) فِيهَا (مُصِيبٌ ثُمَّ قَالَ الْأَوَّلَانِ حُكْمُ اللَّهِ) فِيهَا (تَابِعٌ لِظَنِّ الْمُجْتَهِدِ) فَمَا ظَنَّهُ فِيهَا مِنْ الْحُكْمِ فَهُوَ حُكْمُ اللَّهِ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ مُقَلِّدِهِ (وَقَالَ الثَّلَاثَةُ) الْبَاقِيَةُ (هُنَاكَ مَا) أَيْ فِيهَا شَيْءٌ (لَوْ حَكَمَ) اللَّهُ فِيهَا (لَكَانَ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الشَّيْءِ (وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ هُنَا وَهُوَ قَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ (قَالُوا) أَيْضًا فِيمَنْ لَمْ يُصَادِفْ ذَلِكَ الشَّيْءَ (أَصَابَ اجْتِهَادًا لَا حُكْمًا وَابْتِدَاءً لَا انْتِهَاءً) فَهُوَ مُخْطِئٌ حُكْمًا وَانْتِهَاءً (، وَالصَّحِيحُ وِفَاقًا لِلْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُصِيبَ) فِيهَا (وَاحِدٌ وَلِلَّهِ تَعَالَى) فِيهَا (حُكْمٌ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ قِيلَ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ) بَلْ هُوَ كَدَفِينٍ يُصَادِفُهُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَيْهِ أَمَارَةً وَأَنَّهُ أَيْ) الْمُجْتَهِدُ (مُكَلَّفٌ بِإِصَابَتِهِ) أَيْ الْحُكْمِ لِإِمْكَانِهَا وَقِيلَ لَا لِغُمُوضِهِ (وَأَنَّ مُخْطِئَهُ لَا يَأْثَمُ بَلْ يُؤْجَرُ) لِبَذْلِهِ وُسْعَهُ فِي طَلَبِهِ وَقِيلَ يَأْثَمُ لِعَدَمِ إصَابَتِهِ الْمُكَلَّفَ بِهَا.

(أَمَّا الْجُزْئِيَّةُ الَّتِي فِيهَا قَاطِعٌ) مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ وَاخْتُلِفَ فِيهَا لِعَدَمِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ (فَالْمُصِيبُ فِيهَا وَاحِدٌ وِفَاقًا) وَهُوَ مَنْ وَافَقَ ذَلِكَ الْقَاطِعَ (وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ) فِيمَا لَا قَاطِعَ فِيهَا وَهُوَ بَعِيدٌ (وَلَا يَأْثَمُ الْمُخْطِئُ) فِيهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ (عَلَى الْأَصَحِّ)

ــ

[حاشية العطار]

لِأَنَّهُ نَفَى الْإِسْلَامَ (قَوْلُهُ: مُصِيبٌ) أَيْ بِحَسَبِ مَا أَدَّاهُ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَبَذَلَ وَمَعَهُ سَوَاءٌ وَافَقَ الْوَاقِعَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مُصِيبٌ فِي الْوَاقِعِ وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ خُرُوجًا عَنْ طَوْرِ الْعُقَلَاءِ كَمَا إذَا أَدْرَكَ أَحَدُهُمَا قِدَمَ الْعَالَمِ وَالْآخَرُ أَدْرَكَ بِاجْتِهَادِهِ حُدُوثَهُ وَفِي الْمَنْخُولِ أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ فِي الْأُصُولِ لَا يُصَوَّبُ وَأَجْمَعَ الْعُقَلَاءُ عَلَيْهِ سِوَى الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ حَيْثُ صَوَّبَ كُلَّ مُجْتَهِدٍ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَلَا يُظَنُّ بِهِ طَرْدُ ذَلِكَ فِي قِدَمِ الْعَالَمِ وَنَفْيِ النُّبُوَّاتِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ فِي خَلْقِ الْأَفْعَالِ وَخَلْقِ الْقُرْآنِ وَأَمْثَالِهَا.

[الْمَسْأَلَةُ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا مِنْ مَسَائِلِ الْفِقْهِ]

(قَوْلُهُ: مِنْ مَسَائِلِ الْفِقْهِ) كَالْوِتْرِ وَكَالْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ وَالنِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ، وَفِي الْمَنْخُولِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ وَجَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ وَلَهُ أَجْرَانِ وَلِلْمُخْطِئِ أَجْرٌ وَاحِدٌ وَغَلَا غَالُونَ وَأَثَّمُوا الْمُخْطِئَ وَصَارَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي طَبَقَةِ الْمُتَكَلِّمِينَ إلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُصِيبٌ. (قَوْلُهُ: حُكْمُ اللَّهِ فِيهَا تَابِعٌ إلَخْ) فَيَكُونُ الْحُكْمُ عِبَارَةً عَنْ التَّعَلُّقِ التَّنْجِيزِيِّ (قَوْلُهُ: هُنَاكَ) أَيْ وَلَيْسَ هُنَاكَ حُكْمٌ فِي الْوَاقِعِ أَيْ مِنْ حَيْثُ التَّعَلُّقُ بِالْفِعْلِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ فِيهِ أَحْكَامًا مُتَعَدِّدَةً حَصَلَ فِيهَا تَعَلُّقٌ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: لَوْ حَكَمَ اللَّهُ فِيهَا) أَيْ لَوْ تَعَلَّقَ تَعَلُّقًا تَنْجِيزِيًّا وَإِصَابَةُ الْمُجْتَهِدِ عَلَى هَذَا مِنْ حَيْثُ مُصَادَفَتِهِ مَا لَوْ حَكَمَ اللَّهُ لَكَانَ بِهِ (قَوْلُهُ: أَصَابَ اجْتِهَادًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ وُسْعَهُ وَاللَّازِمُ فِي الِاجْتِهَادِ لَيْسَ إلَّا بَذْلُ الْوُسْعِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْدُورُ وَقَوْلُهُ لَا حُكْمًا أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَعْلَمْ يُصَادِفْ ذَلِكَ الشَّيْءَ الَّذِي لَوْ حَكَمَ اللَّهُ كَانَ بِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَنْ لَمْ يُصَادِفْ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَقَوْلُهُ وَابْتِدَاءً أَيْ لِأَنَّهُ بَذْلُ وُسْعِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ، وَهَذَا إنَّمَا يَبْدَأُ بِبَذْلِ وُسْعِهِ ثُمَّ تَارَةً يُؤَدِّيهِ إلَى الْمَطْلُوبِ وَتَارَةً لَا وَقَوْلُهُ لَا انْتِهَاءً أَيْ لِأَنَّ اجْتِهَادَهُ لَمْ يَنْتَهِ إلَى مُصَادَفَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَالْخَطَأُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ فَهُوَ مُخْطِئٌ حُكْمًا غَيْرُ الْخَطَأِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ حُكْمًا هُنَا مَعْنَاهُ عَدَمُ مُصَادَفَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي لَوْ حَكَمَ اللَّهُ لَكَانَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْهُ بِهِ فَعُدَّ مُخْطِئًا هُنَا لِعَدَمِ إصَابَةِ مَا لَهُ الْمُنَاسَبَةُ الْخَاصَّةُ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ وَالْخَطَأُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مَعْنَاهُ عَدَمُ مُصَادَفَةِ مَا حَكَمَ اللَّهُ بِهِ بِعَيْنِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ مُخْطِئٌ حُكْمًا) بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ أَصَابَهُ حُكْمًا (قَوْلُهُ: قِيلَ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ) أَيْ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ارْتِبَاطٌ أَصْلًا، وَقَدَّمَ الْمُقَابِلَ لِيُسَلِّطَ الصَّحِيحَ عَلَى الثَّلَاثِ مَسَائِلَ، وَهُوَ الْأَنْسَبُ بِالِاخْتِصَارِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ كَدَفِينٍ إلَخْ) لَا يُقَالُ فَلَا فَائِدَةَ عَلَى هَذَا لِلنُّصُوصِ وَلِلنَّظَرِ فِيهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ النُّصُوصُ وَالنَّظَرُ فِيهَا عَلَى هَذَا أَسْبَابٌ عَادِيَةٌ لِلْمُصَادَفَةِ أَلَا تَرَى لَوْلَا السَّعْيُ إلَى مَحَلِّ الدَّفِينِ وَحُصُولِ بَعْضِ الْأَفْعَالِ كَحُفْرَةٍ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ مَثَلًا لَمَا صَادَفَهُ، فَإِنَّهُ لَوْ اسْتَمَرَّ فِي مَحَلِّهِ لَمْ يُنْقَلْ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَلَا صَدَرَ مِنْهُ فِعْلٌ مُطْلَقًا لَمْ يُصَادِفْ ذَلِكَ الدَّفِينَ مَعَ كُلٍّ مِنْ سَعْيِهِ وَمَا صَدَرَ مِنْهُ مِنْ الْأَفْعَالِ لَيْسَ عَلَامَةً عَلَى ذَلِكَ الدَّفِينِ، وَإِنَّمَا أَدَّيَا إلَيْهِ بِطَرِيقِ الِاتِّفَاقِ وَالْمُصَادَفَةِ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَيْهِ أَمَارَةٌ) أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَيْءٍ مَا ارْتِبَاطٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>