للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ (نَقْضُ) حُكْمِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِنَصِّ إمَامِهِ الَّذِي هُوَ فِي حَقِّهِ لِالْتِزَامِهِ تَقْلِيدَهُ كَالدَّلِيلِ فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِ، أَمَّا إذَا قَلَّدَ فِي حُكْمِهِ غَيْرَ إمَامِهِ حَيْثُ يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهُ لِعَدَالَتِهِ إنَّمَا حَكَمَ بِهِ لِرُجْحَانِهِ عِنْدَهُ.

(وَلَوْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ) بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ يُصَحِّحُهُ (ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ) إلَى بُطْلَانِهِ (فَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ) لِظَنِّهِ الْآنَ الْبُطْلَانَ، وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِالصِّحَّةِ (وَكَذَا الْمُقَلِّدُ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُ إمَامِهِ) فِيمَا ذُكِرَ فَحُكْمُهُ كَحُكْمِهِ.

(وَمَنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ) بَعْدَ الْإِفْتَاءِ (أَعْلَمَ الْمُسْتَفْتِي) بِتَغَيُّرِهِ (لِيَكُفَّ) عَنْ الْعَمَلِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَمِلَ (وَلَا يُنْقَضُ مَعْمُولُهُ) إنْ عَمِلَ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَلَا يَضْمَنُ) الْمُجْتَهِدُ (الْمُتْلَفَ) بِإِفْتَائِهِ بِإِتْلَافٍ (إنْ تَغَيَّرَ) اجْتِهَادُهُ إلَى عَدَمِ إتْلَافِهِ (لَا لِقَاطِعٍ) ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِخِلَافِ مَا إذَا تَغَيَّرَ لِقَاطِعٍ كَالنَّصِّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِتَقْصِيرِهِ.

(مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ) مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى (لِنَبِيٍّ أَوْ عَالِمٍ) عَلَى لِسَانِ نَبِيٍّ (اُحْكُمْ بِمَا تَشَاءُ) فِي الْوَقَائِعِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ (فَهُوَ صَوَابٌ) أَيْ مُوَافِقٌ لِحُكْمِي بِأَنْ يُلْهِمَهُ إيَّاهُ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ جَوَازِ هَذَا الْقَوْلِ، (وَيَكُونُ) أَيْ هَذَا الْقَوْلُ (مُدْرَكًا شَرْعِيًّا وَيُسَمَّى التَّفْوِيضَ) لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ (وَتَرَدَّدَ الشَّافِعِيُّ) فِيهِ (قِيلَ فِي الْجَوَازِ وَقِيلَ فِي الْوُقُوعِ) وَنُسِبَ إلَى الْجُمْهُورِ فَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ خِلَافٌ فِي الْجَوَازِ وَفِي الْوُقُوعِ عَلَى تَقْدِيرِ الْجَوَازِ، (وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ يَجُوزُ لِلنَّبِيِّ دُونَ الْعَالِمِ) ؛ لِأَنَّ رُتْبَتَهُ لَا تَبْلُغُ أَنْ يُقَالَ لَهُ ذَلِكَ (ثُمَّ الْمُخْتَارُ) بَعْدَ جَوَازِهِ كَيْفَ كَانَ أَنَّهُ (لَمْ يَقَعْ)

ــ

[حاشية العطار]

الْمُعْتَضِدِ وَلَّى ابْنَ سُرَيْجٍ الْقَضَاءَ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَحْكُمَ إلَّا بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فَالْتَزَمَ ذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ) أَيْ فِي أَوَاخِرِ مَبَاحِثِ التَّقْلِيدِ (قَوْلُهُ: نُقِضَ حُكْمُهُ) مَجَازٌ عَنْ إظْهَارِ بُطْلَانِهِ إذْ لَا حُكْمَ فِي الْحَقِيقَةِ حَتَّى يُنْقَضَ.

(قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُهَا) ؛ لِأَنَّ التَّزَوُّجَ فِعْلٌ لَا حُكْمٌ عَلَى الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ إلَخْ) نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ عَنْ وَالِدِهِ قَالَ أَنَا أَسْتَحِي أَنْ يُرْفَعَ إلَيَّ نِكَاحٌ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُطْلَانُهُ ثُمَّ أُقِرُّهُ عَلَى الصِّحَّةِ أَيْ فَعِنْدَهُ الْحُكْمُ يُنْقَضُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ تَزَوُّجِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: أَعْلَمَ الْمُسْتَفْتِيَ لِيَكُفَّ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ قَبْلَ الْإِعْلَامِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الرُّجُوعُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعْلِمْ الْمُسْتَفْتِيَ بِرُجُوعِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ فِي حَقِّهِ اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْقَضُ مَعْمُولُهُ) أَيْ فِي غَيْرِ الْإِيضَاحِ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ جَازَ نَقْضُهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِتَقْصِيرِهِ) هَذَا قَوْلُ الْأُصُولِيِّينَ وَالْمُقَرَّرُ فِي الْفُرُوعِ فِي مَسْأَلَةِ الْغُرُورِ عَدَمُ الضَّمَانِ مُطْلَقًا لَا عَلَى الْمُجْتَهِدِ وَلَا عَلَى الْمُفْتِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا؛ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِنْ تَلِفَ بِفَتْوَاهُ مَا اسْتَفْتَاهُ فِيهِ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ خَالَفَ الْقَاطِعَ أَوْ نَصَّ إمَامِهِ لَمْ يَغْرَمْ مَنْ أَفْتَاهُ وَلَوْ أَهْلًا لِلْفَتْوَى إذْ لَيْسَ فِيهَا إلْزَامٌ.

[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيٍّ أَوْ عَالِمٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيٍّ اُحْكُمْ بِمَا تَشَاءُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ]

(قَوْلُهُ: عَلَى لِسَانِ نَبِيٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِعَالِمٍ وَحَذَفَ صِلَةَ نَبِيٍّ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ الْمَلَكِ أَوْ بِطَرِيقِ الْإِلْهَامِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ صَوَابٌ) مِنْ جُمْلَةِ الْقَوْلِ لِلنَّبِيِّ أَوْ الْعَالِمِ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ مُوَافِقٌ لِحُكْمِي، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَجْعَلَ لِلَّهِ تَعَالَى مَشِيئَةَ الْمَقُولِ لَهُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى حُكْمِهِ فِي الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُلْهِمَهُ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِمُوَافَقَةِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: مُدْرِكًا شَرْعِيًّا) أَيْ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ مَا يَشَاؤُهُ ذَلِكَ الْمَقُولُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى التَّفْوِيضَ) أَيْ تَفْوِيضَ الْحُكْمِ لِمَنْ ذُكِرَ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ التَّفْوِيضِ (قَوْلُهُ: لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ) أَيْ لِدَلَالَةِ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ عَلَى تَفْوِيضِ الْحُكْمِ لِمَنْ ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَنَسَبَهُ) أَيْ الْقَوْلَ بِتَرَدُّدِ الشَّافِعِيِّ إلَى الْجُمْهُورِ كَيْفَ كَانَ أَيْ لِنَبِيٍّ أَوْ عَالِمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>