للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَبْرَأَ الْغَرِيمُ غَرِيمَهُ مِنْ دَيْنِهِ، أَوْ وَهَبَهُ لَهُ، أَوْ أَحَلَّهُ مِنْهُ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ) . وَكَذَا إنْ أَسْقَطَهُ عَنْهُ، أَوْ تَرَكَهُ لَهُ، أَوْ مَلَّكَهُ لَهُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ عَفَا عَنْهُ: بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ (وَإِنْ رَدَّ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْبَلْهُ) .

اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَبْرَأَهُ مِنْ دَيْنِهِ، أَوْ وَهَبَهُ لَهُ، أَوْ أَحَلَّهُ مِنْهُ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَكَانَ الْمُبَرِّئُ وَالْمُبَرَّأُ يَعْلَمَانِ الدَّيْنَ صَحَّ ذَلِكَ، وَبَرِئَ وَإِنْ رَدَّهُ وَلَمْ يَقْبَلْهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَفِي الْمُغْنِي: فِي إبْرَائِهَا لَهُ مِنْ الْمَهْرِ: هَلْ هُوَ إسْقَاطٌ، أَوْ تَمْلِيكٌ؟ فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ احْتِمَالٌ: لَا يَصِحُّ بِهِ. وَإِنْ صَحَّ اُعْتُبِرَ قَبُولُهُ وَفِي الْمُوجَزِ، وَالْإِيضَاحِ: لَا تَصِحُّ هِبَةٌ فِي عَيْنٍ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: إنْ حَلَفَ لَا يَهَبُهُ، فَأَبْرَأَهُ: لَمْ يَحْنَثْ. لِأَنَّ الْهِبَةَ تَمْلِيكُ عَيْنٍ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: تَصِحُّ بِلَفْظِ " الْهِبَةِ " وَ " الْعَطِيَّةِ " مَعَ اقْتِضَائِهِمَا وُجُودَ مُعَيَّنٍ. وَهُوَ مُنْتَفٍ. لِإِفَادَتِهِمَا لِمَعْنَى الْإِسْقَاطِ هُنَا. قَالَ: وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَهُ دَيْنَهُ هِبَةً حَقِيقَةً: لَمْ يَصِحَّ. لِانْتِفَاءِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ، وَانْتِفَاءِ شَرْطِ الْهِبَةِ. وَمِنْ هُنَا: امْتَنَعَ هِبَتُهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ. وَامْتَنَعَ إجْزَاؤُهُ عَنْ الزَّكَاةِ، لِانْتِفَاءِ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ. انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: إنْ أَبْرَأَ مَرِيضٌ مِنْ دَيْنِهِ وَهُوَ كُلُّ مَالِهِ فَفِي بَرَاءَتِهِ مِنْ ثُلُثِهِ، قَبْلَ دَفْعِ ثُلُثَيْهِ: مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ. انْتَهَى. وَأَمَّا إنْ عَلِمَهُ الْمُبَرَّأُ بِفَتْحِ الرَّاءِ أَوْ جَهِلَهُ. وَكَانَ الْمُبَرِّئُ بِكَسْرِهَا يَجْهَلُهُ: صَحَّ، سَوَاءٌ جُهِلَ قَدْرُهُ، أَوْ وَصْفُهُ، أَوْ هُمَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>