للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتَ) قَوْلُ الشَّيْخِ ابْنِ هَارُونَ قِتَالُ الْعَدُوِّ يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ بِمَنْ قَاتَلَ ذِمِّيًّا لِأَنَّهُ عَدُوٌّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ} [الممتحنة: ١] (قُلْتُ) يَظْهَرُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ اللَّامَ لِلْعَهْدِ وَهُوَ الْحَرْبِيُّ وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى (فَإِنْ قُلْتَ) هَذَا الرَّسْمُ الْمَذْكُورُ فِيهِ تَقْسِيمٌ بِأَوْ وَقَدْ قَدَّمْنَا مِرَارًا أَنَّهُمْ أَوْرَدُوا فِيهِ السُّؤَالَ الْمَعْلُومَ.

(قُلْتُ) تَقَدَّمَ الْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِثْلَهُ فِي غَيْرُ الْأُمُورِ الْعَقْلِيَّةِ فَكَأَنَّهُ ذَكَرَ خَاصَّةً لِلْجِهَادِ فِي قِسْمٍ مِنْهُ وَخَاصَّةً فِي قِسْمٍ آخَرَ كَمَا تَقُولُ الْإِنْسَانُ إمَّا صَقَلِّيٌّ أَوْ زِنْجِيٌّ وَالْإِنْسَانُ مَحْصُورٌ فِي ذَلِكَ.

(فَإِنْ قُلْتَ) إطْلَاقُ الْجِهَادِ عَلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ هَلْ هُوَ مِنْ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ مِنْ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ (قُلْتُ) يُمْكِنُ أَنَّهُ مِنْ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَأَنَّ الرَّسْمَ الْمَذْكُورَ فِيهِ تَعْرِيفُ رَسْمٍ نَاقِصٍ لِكُلِّ قِسْمٍ وَلَوْ أَرَادَ الرَّسْمَ التَّامَّ لَقَالَ إتْعَابُ نَفْسٍ بِقِتَالِ مُسْلِمٍ كَافِرًا غَيْرَ ذِي عَهْدٍ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ أَوْ حُضُورِهِ لَهُ أَوْ دُخُولِ أَرْضِهِ لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ وَبَيْنَ مَدْلُولِهِ الشَّرْعِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ (فَإِنْ قُلْتَ) رَأَيْتُ بِخَطِّ الشَّيْخِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى مُدَوَّنَتِهِ بِخَطِّ يَدِهِ مَكْتُوبًا فِي طُرَّتِهَا فِي كِتَابِ الْجِهَادِ الْجِهَادُ قِتَالُ الْكَافِرِ لِكُفْرِهِ أَوْ حُضُورِهِ لَهُ أَوْ دَخَلَ أَرْضَهُ لِذَلِكَ وَهَذَا الرَّسْمُ يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ فِي مُخْتَصَرِهِ أَمَّا جِنْسُهُ فَهُوَ مُوَافِقٌ لَهُ وَأَمَّا حَذْفُ الْمُسْلِمِ فَقَدْ خَالَفَهُ فِي حَذْفِهِ (قُلْتُ) لَمَّا قَالَ لِكُفْرِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُقَاتَلَ لِلْكُفْرِ مُخَالِفٌ لَهُ فِي دِينِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ وَلَمْ يَذْكُرْ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُهُ لِأَنَّهُ إذَا قَاتَلَهُ لِكُفْرِهِ فَقَدْ قَصَدَ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ اخْتِصَارُ لَكِنَّ حَدَّهُ فِي مُخْتَصَرِهِ أَرْجَحُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي سِرِّهِ وَقَوْلُهُ أَوْ دُخُولُ أَرْضِهِ لِذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي مُخْتَصَرِهِ لَكَانَ أَوْجَزَ عَلَى أَصْلِهِ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ وَالْعَمَلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي تَأْلِيفِهِ الَّذِي حَقَّقَهُ وَرَوَاهُ وَهُوَ آخِرُ حَدِّهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

وَأَوْرَدَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ مِنْ الطَّلَبَةِ عَلَى الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ إذَا أَبْقَى الْإِمَامُ جَمَاعَةً فِي مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي إعَانَتِهِمْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْقِتَالِ فَإِنَّهُمْ مُجَاهِدُونَ وَفِيهِ بَحْثٌ لَا يَخْفَى لِأَنَّا نَقُولُ: ذَلِكَ مُلْحَقٌ عِنْدَهُمْ بِالْمُجَاهِدِ لَا أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ مُجَاهِدٌ وَتَقَدَّمَ لَهُمْ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْمُتَغَيِّرُ فَتَأَمَّلْهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنْ قِيلَ تَقَدَّمَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الشَّيْخِ ابْنِ هَارُونَ وَفِي ضِمْنِهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الشَّيْخِ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَيْثُ ارْتَضَى كَلَامَهُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي حَدِّهِ الْعَدُوَّ وَقُلْنَا إنَّ

<<  <   >  >>