للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَقَعُ التَّحْرِيمُ بِهِمَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الرَّضَاعَ عُرْفًا شَرْعِيًّا صَادِقٌ عَلَيْهِمَا وَتَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ حَيْثُ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى قَوْلِهِ وَيُلْحَقُ بِهِ الْمُتَغَيِّرُ فِي الْمَاءِ الْمُطْلَقِ فَكَذَا يُقَالُ هُنَا لَعَلَّهُ مِمَّا أُلْحِقَ بِالرَّضَاعِ احْتِيَاطًا فِي الْبَابِ لَا أَنَّ الْعُرْفَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَضَاعٌ وَفِيهِ (فَإِنْ قُلْتَ) كَيْفَ يَقُولُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِتَحْرِيمِهِمْ وَهَذَا يَقْتَضِي الِاتِّفَاقَ عَلَى التَّحْرِيمِ وَقَدْ نَقَلَ الْخِلَافَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي السَّعُوطِ.

(قُلْتُ) الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ وَصَلَ الْجَوْفَ فَلَا خِلَافَ فِيهِ وَالْخِلَافُ إذَا لَمْ يَصِلْ فَالتَّحْرِيمُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَصَحَّ قَوْلُهُ أَوَّلًا مَعَ قَوْلِهِ آخِرًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَوْرَدَ عَلَى الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ لَا يُحَرِّمُ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْمَحْدُودَ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَضَاعٌ وَكَوْنُهُ لَا يُحَرِّمُ أَمْرٌ آخَرُ وَرَاءَهُ فَالْمَحْدُودُ مَاهِيَّةُ الرَّضَاعِ بِمَا هُوَ لَا أَفْرَادُهَا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ قَوْلُهُ " وُصُولُ لَبَنِ " جِنْسٌ وَلَمْ يَقُلْ إيصَالُ لَبَنٍ لِأَنَّ الْوُصُولَ أَعَمُّ وَالْإِيصَالُ أَخَصُّ لِأَنَّ الْوُصُولَ بُلُوغُ اللَّبَنِ إلَى مَا ذَكَرَ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ بِمُوصِلٍ وَصَلَهُ وَقَصَدَ وُصُولَهُ أَمْ لَا وَإِيصَالُهُ قَصَدَ فَاعِلٌ وُصُولَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي نَظِيرِهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ لَبَنِ أَخْرَجَ بِهِ وُصُولَ مَاءٍ وَمَا شَابَهَهُ أَوْ غِذَاءٍ قَوْلُهُ آدَمِيٍّ أَخْرَجَ بِهِ لَبَنَ غَيْرِ الْآدَمِيِّ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَحْدَهُ هُنَا أَعَمُّ مِنْ الرَّضَاعِ الْمُعْتَبَرِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ لَا يُؤَثِّرُ وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَلَوْ أَرَادَ الرَّضَاعَ الْمُؤَثِّرَ لِغَيْرِهِ وَيَدْخُلُ لَبَنُ الْمَيْتَةِ بِاتِّفَاقٍ وَكَذَلِكَ لَبَنُ الصَّغِيرَةِ عَلَى الْخِلَافِ وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ لَبَنُ الْعَجُوزِ وَيَدْخُلُ فِيهِ رَضَاعُ الْكَبِيرِ وَلَبَنُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ قِيلَ ابْنُ الْحَاجِبِ ذَكَرَ فِي الشُّرُوطِ آدَمِيَّةً أُنْثَى وَالشَّيْخُ قَالَ آدَمِيٌّ وَكُلٌّ مُشْكِلٌ قُلْتُ شَارِحُهُ أَجَابَ عَنْ قَوْلِهِ أُنْثَى بِأَنَّ اللَّفْظَ قَابِلٌ أَنْ يُرِيدَ بِهِ النَّفْسَ وَهِيَ أَعَمُّ فَخَصَّ ذَلِكَ وَالشَّيْخُ هُنَا أَرَادَ التَّشَبُّهَ قَوْلُهُ " بِمَحِلٍّ " إلَخْ لِيُدْخِلَ بِهِ الْحُقْنَةَ وَالسَّعُوطَ وَالْكُحْلَ عَلَى مَنْ يَقُولُ بِهِ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ اللَّبَنَ الْمَاءَ الْأَصْفَرَ فَإِنَّهُ لَغْوٌ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ اللَّبَنُ الْمَخْلُوطُ وَلَبَنُ الذَّكَرِ عَلَى الْخِلَافِ وَاعْتِبَارُ مَا يَحْرُمُ بِهِ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَإِطْلَاقُ اللَّبَنِ يَصْدُقُ عَلَى مَصَّةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَهُنَا مَسَائِلُ يُنْظَرُ فِيهَا مَعَ حَدِّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَفَعَ بِهِ.

<<  <   >  >>