للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دُونَ سَرَفٍ) قَوْلُهُ " مَا بِهِ قِوَامُ مُعْتَادِ حَالِ الْآدَمِيِّ " أَخْرَجَ بِهِ قِوَامَ مُعْتَادِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ " مُعْتَادِ حَالِ الْآدَمِيِّ " مَا لَيْسَ بِمُعْتَادٍ فِي حَالِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَفَقَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَقَوْلُهُ " دُونَ سَرَفٍ " أَخْرَجَ بِهِ السَّرَفَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِنَفَقَةٍ شَرْعًا وَلَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِهِ وَالْمُرَادُ هُنَا النَّفَقَةُ الَّتِي يُحْكَمُ بِهَا (فَإِنْ قُلْتَ) هَلْ الْمُرَادُ هُنَا بِالسَّرَفِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْحَجْرِ أَوْ غَيْرِهِ (قُلْتُ) لَا بَلْ الْمُرَادُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي النِّكَاحِ وَهُوَ الزَّائِدُ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْ النَّاسِ فِي نَفَقَتِهِمْ الْمُسْتَلَذَّةِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ (فَإِنْ قُلْتَ) هَذَا الْقَيْدُ هَلْ هُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ مُعْتَادِ حَالِ الْآدَمِيِّ (قُلْتُ) لَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّ مُعْتَادَ حَالِ الْآدَمِيِّ هُوَ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ قُوَّةِ أَكْلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ مِنْ " غَيْرِ سَرَفٍ " قُيِّدَ لِقَوْلِهِ مَا بِهِ قِوَامٌ وَهُوَ الْمُنْفِقُ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَتَدْخُلُ الْكِسْوَةُ أَشَارَ بِهِ إلَى خِلَافٍ مَشْهُورٍ قَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ أَنَّ الْكِسْوَةَ هَلْ تَدْخُلُ فِي النَّفَقَةِ أَمْ لَا فَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ وَمَنْ وَافَقَهُ بِأَنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِي النَّفَقَةِ وَعَلَيْهِ بَنَوْا إذَا الْتَزَمَ نَفَقَةً رَجُلٌ هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ كِسْوَتُهُ أَمْ لَا وَاحْتَجَّ بِالْآيَةِ {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} [الطلاق: ٦] الْآيَةَ وَرَدَّهُ ابْنُ سَهْلٍ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْوَاجِبَةِ لَا فِي الْمُتَطَوَّعِ بِهَا وَقَدْ أَحْسَنَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا الْبَحْثَ وَجَمْعَ النَّقْلِ وَحَاصِلُ مَا فِي النَّقْلِ أَنَّ ابْنَ زَرْبٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَغَيْرَهُ مِنْ الشُّيُوخِ قَالُوا بِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا الْتَزَمَ نَفَقَةً عَلَى أَحَدٍ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت غَيْرَ الْكِسْوَةِ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَتَلْزَمُهُ الْكِسْوَةُ وَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ وَالِاسْتِدْلَالُ بِالْآيَةِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا أَرَى ذَلِكَ لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ فَقَدْ تَعَرَّفَتْ عِنْدَ أَكْثَرِ النَّاسِ فِي الطَّعَامِ دُونَ الْكِسْوَةِ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَاصِلُهُ أَنَّ النَّفَقَةَ مَوْضُوعَةٌ لِلطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ ثُمَّ خُصِّصَتْ عِنْدَهُ عُرْفًا فِي الطَّعَامِ فَقَطْ قَالَ الشَّيْخُ وَتَقَرَّرَ فِي مَبَادِئِ الْأُصُولِ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّقْلِ ثُمَّ قَالَ وَفِي قَوْلِهِ النَّفَقَةُ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ مُسَامَحَةٌ (فَإِنْ قُلْتَ) مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفَهِمَهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِمَا ذُكِرَ صَحِيحٌ وَمَا مَوْقِعُ قَوْلِهِ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي مَبَادِئِ الْأُصُولِ إلَخْ (قُلْتُ) يَظْهَرُ أَنَّهُ اعْتِرَاضٌ عَلَى ابْنِ رُشْدٍ وَلَا يُرَدُّ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْعُرْفُ لَمْ يَثْبُتْ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ ثُبُوتَهُ وَالْبَحْثَ عَلَيْهِ وَلَا يُقَالُ الْأَصْلُ عَدَمُ النَّقْلِ إلَّا إذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَيْهِ، نَعَمْ يُقَالُ تَعَارُضُ اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ وَهُوَ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فِي الْأَيْمَانِ وَغَيْرِهَا كَمَا إذَا قَالَ لَا أَكَلْت رَأْسًا وَقَدْ أَكَلَ رَأْسَ الْحُوتِ

<<  <   >  >>